التربية الجنسية في الإسلام كمنهج تعليمي
التربية الجنسية في الإسلام
نشر في 22 أكتوبر 2022 وآخر تعديل بتاريخ 23 أكتوبر 2022 .
لقد اهتمت التربية الإسلامية بكل جوانب الحياة الأساسية المهمة في تكوين الإنسان المسلم منذ ولادته، فأعطت لكل جانب منه مطالبه وحاجاته باعتدال وتوازن وذلك ليكون نشيطًا ومنتجًا ومثمرًا في جميع ميادين حياته، فالجوانب الجسدية والصحية هي أساس تكوين الإنسان الذي اعتنت به التربية الإسلامية وقايةً وعلاجًا ونماءً، وذلك لأن نظرة السنة النبوية من الجسد ومطالبه ليست بنظرة المنع والكبت، بل هي نظرة إشباع وضبط وموازنة مناسبة لفطرة الإنسان كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما "يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال فلا تفعل صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا"، فالإنسان مفطور على الجانب الغريزي وهذه فطرة أودعها الله -سبحانه وتعالى- فيه، ولذلك تعهدت التربية الإسلامية بالرعاية والعناية والتربية على العفة حتى يصل إلى المرحلة التي يستطيع بها أن يحصن نفسه بالزواج الشرعي ويؤجر عليه.
إذًا فالتربية الجنسية ما هي إلا جزء لا يتجزأ من التربية الجسدية الإسلامية، وكثير من الناس يعتبر الحديث في مثل هذه المواضيع والنقاش فيها من العيب والمحرمات التي لا يجوز الحديث عنها، وعلى الرغم من تناول النصوص القرآنية والنبوية للتربية الجنسية بشكل واضح وصريح وجلي للناس إلا أنه ما زال هناك رفض واستنكار وعدم جرأة في السؤال والمصارحة بخصوص التربية الجنسية، وكما نعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بعض أحاديثه وعرضها تحتوي على فيض من الأدلة المرتبطة بالتربية الجنسية فكان الرسول -عليه السلام- يتفاعل ويشرح ويوضح ما يطرح عليه من أسئلة شرعية جنسية من قبل الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم، فنراهم يحدثونه عن المشكلات الجنسية ويسألونه عنها ويجيبهم دون أن ينهرهم أو يخبرهم بأن الخوض في مثل هذه المواضيع لا يجوز، بل كان يجيبهم إجابات هادئة وينصحهم، لذا يجب على المربين والآباء والأمهات تقديم الإجابات الوافية الواضحة المندرجة تحت سقف التربية الإسلامية دون زجر أو منع كلٍّ على حسب عمره وإدراكه والحرص على توضيح المعلومة الصحيحة دون إسهاب أو تفاصيل، لأنه في حال التكتم وعدم فسح المجال وإتاحة المساحة المناسبة لهذه التساؤلات سيؤدي ذلك إلى نشوء أفكار غريبة ومفاهيم خاطئة ومتعصبة حول هذه المعلومات.
علينا أن نعرف بأنه حتى ينشأ الطلاب نشأة سوية بعيدة كل البعد عن الانفلات الذي تعانيه وتعيشه المجتمعات الخالية من الضوابط، لا بد من تضمين الثقافة والتربية الجنسية الإسلامية في المناهج ليتربى أبناؤنا على تعميق المبادئ والقيم وتكوين الاتجاهات الإيجابية نحو السلوك الجنسي السليم التي تتفق مع تعاليم ديننا الحنيف. لذا وجب على المؤسسات الاجتماعية والتربوية أن تسعى إلى تقديم المزيد لفهم الكثير من المهارات والمعارف المتعلقة بالتربية الجنسية لدى الأطفال والمراهقين والشباب، وأن يؤهل المربون تأهيلًا عِلْمِيًّا تَرْبَوِيًّا للتعامل مع طلابهم بإيجابية حيال تساؤلاتهم وتقديم المعلومة بأساليب تربوية وعلمية تليق بأهمية التربية الجنسية في حياة الطالب وفي مختلف مراحله العمرية، وأن يكون لدى المربي قدرة ومهارة على طرح الموضوعات الجنسية وعلاج المشكلات التربوية المتعلقة بها بالمنطق العلمي والمنظور الإسلامي والتربوي دون ابتذال أو إثارة أو سوء الفحش في القول والعمل، مع التأكيد والحرص على الفضيلة مع الاستعانة بالتعاليم القرآنية والنبوية.