مايعتقده البعض أنه بعيد عنها، تعتقده الراقصة، أنه قريب. وأن ماتفعله لايعدوا كونه مهنة لها أوصولها؛ وأن ماترونه، هو من طبيعة عملها.
وتتجرد الراقصة امام مشاهديها، وتهز كل ما يمكن هزّه بدءاً من جسدها، وانتهاءا بعيون وجيوب القابعين على الطاولات أمامها.
وإذا كانت الراقصة تعتبر ذلك فناً، يجب أن يحترمه الآخرون، وأن ماتفعله لايخرج عن شرف المهنة، أو أنها كانت تصلي كما قالت (تحية كاروكا) في أحد لقاءاتها، فهنا قد نجد صعوبة في اقناعها بقبح فعلها، وإقلالها من قيمة نفسها؛ نظرا لماتلقاه من ترحيب، وتصفيق، واحتفاءا بها، يعادل مايمكن أن تشعر به في لحظة تجلي بعد جلسة وعظ طويلة. ولا تترك جلسات الإعجاب والطلب المتزايد عليها، أي مدخلاً لمن يريد أن يقلل من عملها أو ينتقص منه؛ أو يتعرض لشرفها المهني.
ماتفعلة الراقصة على مسرح الملاهي الليلية، يمارس مثله "بعض الإعلاميين" للأسف، على منصات إلكترونية وتلفزيونية. وما تمارسه الراقصة بالليل، أمام عدد محدود، وأضواء خافتة، يفعل أولئك البعض، أكثر منه، في الليل والنهار؛ وأمام الملايين، وبالصوت والصورة. وما أشد المجاهرة من ذنب.
وإذ يعتقد البعض أن تعري الراقصة، هو سبب الاشمئزاز الأول من عملها، فإن تعري بعض الإعلاميين، أكثر قبحاً، من جسد إمرأةٍ فاتنة.
ورقص بعض الإعلاميين، على قضايا الأمّة، وجروحها الغائرة؛ والأحداث المستجدة، أشد مضاضة، من رقص إحداهن وتمايلها، من أجل إدخال "سرور محرم"، على نفسٍ مال بها هواها، وسارت في طريق المعاصي. أما الراقصون من الإعلاميين فإنهم لا يُدخِلون سروراً على أحد، لا عاصي ولا مؤمن. بل يتركون وراءهم حسرات وندبات في جبين الأمة والتاريخ. ويتراقصون أمام ضحايا تفيض أعينهم دمعا، وقلوبهم تفيض ألما. لايصفقون إعجابا بما يرونه، إنما ندباً وحسرة،ً على ما وصلت إليه أحوالهم؛ في بلدان، فتنها الله بالربيع العربي، فتحول أمنها خوفا؛ ورغد عيشها، جوعا وفقرا.
أولئك الإعلاميين لايتجردون من ملابسهم، إنما يتجردون من أخلاقهم ومبادئهم؛ ولست ابالغ لو قلت يتجردون من دينهم.
وباعوا ذممهم وقناعاتهم وقضايا أوطانهم بثمن بخس، ودراهم معدودات.
الراقصة والشرف عنوان أزمة يعيشها ثلة من الإعلام العربي بكل تفاصيلها القذرة.