الامبراطور تيبيريوس و موقفه من مجلس الشيوخ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الامبراطور تيبيريوس و موقفه من مجلس الشيوخ

السناتور

  نشر في 23 يوليوز 2023 .

 كان مجلس الشيوخ يحتفظ بحكم الولايات التي كانت تتاخم البحر المتوسط إذ المجلس إذ يعين سنوياً عدداً من أعضائه قناصل سابقين حكاماً لهذه الولايات لمدة عام أو ثلاثة اعوام ، لذلك اصبح هناك ما يشبه التوازن بين سلطات مجلس الشيوخ وسلطة الإمبراطور أغسطس، وبعبارة اخرى كان المجلس يحكم الولايات الداخلية المستقرة ، بينما اقتصر حكم الامبراطور على المناطق المتاخمة للحدود ، لاسيما المناطق المضطربة ، وهذا التوازن في السلطة بين المجلس والامبراطور كان ظاهرياً لأن الإمبراطور لم يكن قائداً أعلى فحسب ، بل كان يتدخل في مرافق الدولة ، على الرغم من تخليه عن منصب القنصلية عام (23ق.م) ،الا انه منح السلطة البرو قنصلية ( Imperium Proconsulare ) التي تخول له حكم الولايات ،علماً ان هذه السلطة (Imperum) قد وضعته في مصاف نواب القناصل ونواب البريتوري. ذلك لأن سلطة البريتوري التي جعلت منه شخصاً مقدساً لا تخرق له حرمة( )، ومنحته القدرة على الاعتراض على أي أجراء يصدر من مجلس الشيوخ اذا اقتضت الضرورة ، لذلك قدر لأغسطس حق مشاركة مجلس الشيوخ بمهام الحكم في الامبراطورية الرومانية( ). تميز تيبيريوس بالإخلاص لأعمال الإمبراطور أوغسطس فآمن بها و اعتبرها أشبه بالقوانين التي لا يجوز مساسها ، لذلك حرص على اتباع سياسة أوغسطس مع اعضاء مجلس الشيوخ () القائمة على التعاون الوثيق مع رجال المجلس ، على الرغم من أن المجلس سببوا له موضوعات تنذر بالخطر ، إذ نشروا اخباراً مفادها ( ان تيبيريوس نفسه حسب قول تأسيتوس كان لا يستسيغ هذا الزحف الخادع أمامه ، وأنه اعتاد لدى خروجه من مجلس المشيخة ان يدلي بهذه الاقوال المليئة احتقاراً ، فهيأ هؤلاء الناس للذل و المهانة) () لذلك نشأ بينهم خلاف لمرات عدة ، إذ ان كره عدد من الأعضاء له أدى إلى تآمرهم على حياته() .

ظهر تيبيريوس امام مجلس الشيوخ بعد اربعة اسابيع من وفاة الإمبراطور، اغسطس ، كان يجمع في نفسه حزناً مضاعفاً وذلك لطلاقة فيبسانيا وزواجه التعس من جوليا ( ) ، وطلب منه ان يقرر إعادة الجمهورية ، تظاهر امام أعضائه بانه لا يصلح لحكم هذه الدولة المترامية الاطراف ( وان خير طريقة لإدارة أعمال المصالح المختلفة التي تشرف على الشؤون العامة في المدينة احتوت هذا العدد الجم من الرجال النابهين ذوي الأخلاق العالية ... ان يتولاها جماعة مؤتلفون من خير الموظفين واعظمهم كفاية )( ).

لم يجرؤ اعضاء المجلس على ان يصدقوا ما قاله ، فحيوه كما حياهم بطأطأة رؤوسهم ومازالوا يتناقشون معه حتى قبل ان يتولى السلطة والتي قال عنها ( انها استرقاق مبهظ مذل ) ( )او انه كان يبغي من تصرفه هذا جعل اعضاء المجلس يلحون عليه ، وقــــد يكون ادراكه بكره العديد من اعضاء المجلس له هو السبب ، لا سيما وقد اثار هذا التردد ريبة لدى الكثير من اعضاء المجلس ( ) .

كان تيبيريوس كان راغباً في تولي الزعامة ( )، والا هناك الكثير السبيل التي تمكنه من التخلي منها ، وان مجلس الشيوخ كان يخشاه ويبغضه ، ولكنه كان يرهب عودة الجمهورية ، كما كانت تقوم الجمهورية تقوم على جمعيات تعد من الوجهة النظرية مصدر السلطات جميعاً ، فقد كان يرغب في قيام نظام اقل ديمقراطية من النظام المذكورة انفاً().

كانت اول اعماله مع المجلس هي توجيه رسالة الى أعضاء المجلس في جلسته الأولى المنعقدة ، يدعوا فيها الى تنظيم تشييع رسمي لجثمان الإمبراطور الراحل وتأليهه وسماع وصيته ( ) .

كان تيبيريوس يعيش وضعاً غير طبيعي ، يشعره بانذار مستمر ، لاسيما وانه ذو طبع غير اجتماعي ومرتاب ، بداية حاول ان يرى الجميع احترامه لمجلس الشيوخ والمؤسسات الأخرى ، فبات ينهض لدى استقبال القناصل ، ويقبل حرية النقاش ، و منع احداً أن يناديه بلقب ( سيد) فهو سيد العبيد كما يقول ، وكان إمبراطور الجنود ، وأمير الشعب( ) ، لذلك كان كثيراً ما يدخل مبنى المجلس للقاء اعضائه دون حراسة شخصية ، يؤدي التحية للقنصلين ويتنحى عن مكانه لهما ، وعمل على ان يكون احد اعضاء اللجان مع رجال المجلس( ) .

كان تيبيريوس يكن احترماً كبيراً لأعضاء مجلس الشيوخ ، إذ كان يحضر اجتماعات المجلس ويحيل اليه حتى اصغر الأمور ليحكم فيها ، ويتكلم وكأنه عضو عادي لا اكثر وكثيراً ما كان بجانب الأقلية ، ولم يحتج يوماً من الأيام اذا وافق المجلس على قرارات تتعارض مع رغبته التي ابداها ، فضلاً عن رفضه اقتراحاً طلب فيه اعادة النظر فيمن يختارون لعضوية المجلس ، اذ قال : ( انه لا شيء يفوق احترامه لهذه الجمعية ، جمعية الملوك ) ( ).

وفي السنوات الأولى من حكمه حاول ان يكون ديمقراطياً ، وان يتجنب تدمير القيم الجمهورية ، كان تيبيريوس يعد نفسه رأس مجلس الشيوخ وذراعه المنفذ ، لذلك رفض كل الألقاب التي تشير او تحمل صفة للملكية ، ومنع لقب زعيم الشيوخ ( Princeps Senatus) ، وقضى على كل محاولة ترمي الى تأليهه او عبادة روحه ، ومن هذا المبدأ رفض ان يسمى شهر باسمه ، علما ان مجلس الشيوخ سبق وان سمى شهرين من السنة احدهما تموز ( يوليو ) نسبة الى يوليوس قيصر والآخر آب( أغسطس) نسبة الى أغسطس( )، اذ رد ذلك رداً ينطوي على العكس ،فقال:( وماذا تفعلون اذا وجد لديكم ثلاثة عشر قيصراً)( ). ولشدة ما اثار من مشاعر اعضاء المجلس حين اقنعهم ان يأخذ من الجمعية المئوية (ComitlaCenturiatus ) ( ) حق اختيار الموظفين العموميين ، الأمر الذي لم ينل رضا الكثير من المواطنين ، اذ خسروا الأموال التي كان يبتاع بها أصواتهم ، لذلك لم يبق من السلطة لعامة الناس هو سلطة اختيار الإمبراطور ، ذلك ان الديمقراطية بعد تيبيريوس قد انتقلت من الجمعيات الى الجيش ، وكانت اداة الانتخابات حد السيف ( ) .

اهتم تيبيريوس بتحقيق العدالة ، اذ جعل من مجلس الشيوخ محكمة للجنايات العليا ، ورفض تنفيذ حكم الاعدام قبل مرور تسعة ايام على صدوره ( ).

كل ذلك لم يجد نفعاً مع اعضاء المجلس ، اذ رأى فيهم جبناً وخداعاً ن بل مكر ، بدأ يخشى المبادرة ، بل اعتاد اكثر على تسليم الشؤون المهمة  الى مجلسه الخاص ، ولاسيما الذين لا يشغلون اية وظيفة عامة ، انما اختارهم لجدارتهم وحنكتهم ( ).


  • 1

   نشر في 23 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا