الغموض والسديم بداءة كل شيء لا نهايته ،لكننا كنا النهاية لا محالة...كنا أكياس البطاطا المرصوصة في مؤخر الشاحنة...تم بيعنا وتركنا حتى تشرق الشمس في لوحة تحكم الغريزة القاتلة...الثمن بخس أبخس من ثمن جرذ أسود...ثمني قرش واحد لا أدري عن البقية لكن لا أظن أن الأكثر نحتا فينا تتجاوز الثلاثة قروش،تم أخذنا تلك الليلة إلى نقطة تلهو بعيدا عن إدراكنا،كنت أسمع الخطيئة تعول في أفواههم وأشتم رائحة الشراب المخمر بقذارة نجاستهم حين يلامسون أروحنا وكنا ننتفض...كنت أنتفض..أظن أنه من بعد تلك الليلة آثرت أرواحنا أن تتركنا فهي لن تحتمل كل هذا وأنا أعذرها....كنت أتمزق بين لذة ماضي مكسور وأمان حاظر مشوش...راقبت الجميع والجميع راقبنا...لقد فات الوقت ولن أذهب للقاء الموت بعد الموعد المضروب..لكن تم تحديد موعد أخر سلفا ...تم وضعنا كنصب تذكارية في أرض جرداء من كل إنسانية وتعرية حظارتنا من كل جاهلية وعفوية ،بعبارة أدق تم تجريدنا من البشرية، أطلق علينا إسم عبابثة المقت،وتم تحديد أسمائنا بأرقام تسلسلية طبعت على أكتافنا،كنا ننتظر.......الإنتظار شيء مقدس بالنسبة لأسيادنا لكن هم يدفعون بالمقدس نحو الهاوية إن لم يحافظ على روابط أزرارهم، ليصبح عبادة مفروضة علينا لذالك كفرنا بإلاههم سرا وقلنا أننا أمنا به علنا..وإذ ما خلينا إلى أنفسنا نقيم طقوسا مازوشية من الألم وكن نظحك بهيستيريا على أنفسنا وعلى جبن أرواحنا الغدارة،أذكر كم ظحكنا بموت حين إقتلعت إحداهن رأسها،وأتبعتها أخرى...وأخرى...إلى أن أقتلع الجميع رؤسهن في صخب وتصفيق جماهيري مرعب...حفلة للجثث الحية...بأعين جاحظة ولسان يتدلى...أردنا مزيدا من الرؤس أن تتدلى...لكننا ملننا وليس من بشر غيرنا....هذا ما أرادوه أن يحصل من البداية أن نصير فزاعة للوقت...صنما تتم عبادته...ألهة تكفر بألوهيتها...كنت ناجية لنفسي ومتمردة من رجس تنحيتهم...شيئا فشيئا شعرت بثقل الثوب على جسدي...وبصراخ أحدهن،وأنتبتني نزوة من التفكير الشيطاني المبهم...كنت أحكم الملاعين لسنوات في سراديب مظلمة...لكن هستريا الوحدة لعنة والإحتفلات جنة... كنت الأخيرة برأسي..كنت..كمنفى يتحول فيه الإنسان إلى ورقة ورقم تدريجيا،كغيمة تطفو بلا مطر وثقيلة بلا ريب،كسماء فارغة من الكون والكون فارغ منها لكنها تنفخ في نفسها بصعوبة...كنت...كنت تماما أصبح مثلهم... فزاعة في طور إنتقال اللفظ!...رقم تسلسلي لا يكفي!لا يشبع ،لا يغني! واحد في مليون رقم...أردت أن أفقد رأسي...لحظة وكل شيء ينتهي...جسدي أرض عقيمة لن تكفي...فكري يتدثر بالتربة ويبكي...لحظة!..نقطة لا متناهية في الصغر...ثقب أسود يبتلع...تيه وضياع..فقدت نفسي في أخرى بلاستيكية تناسب مقتي..نهاية دمية مقيتة...رقم تسلسلي وفزاعة مميتة!