حُلمي الصغير، أن أعيش بجوار الرسول وأتنفس هواء طيبة الطيّبة كُل يوم، ذلك الهواء الذي كان يومًا ما يملأ رئتيه الشريفتين.
لا أحلم بالأشياء الكبيرة ولا المدن المتلألئة ولا الألقاب العلمية التي يتزاحم عليها الكثيرون. يكفيني من الدنيا هذه الصورة.. بسمة صادقة في وجه صغيرة فيها من روحي الكثير، أداعبها في ساحة المسجد النبويّ، وأحكي لها عن الحبيب وصحبه.
هُنا بركت القصواء، هُنا شُجّت رُباعيته صلى الله عليه وسلم، هُنا اقترح سلمان أن يُحفر الخندق، وهُنا في الروضة الشريفة جسد الرسول وأبي بكر وعمر.
سنجلس سويًا في الساحة المكشوفة أوسط المسجد، حيث توجد الأعمدة التي تحمل أسماء الصحابة. تُشير إلى اسم صحابيّ منهم فنقرأ عنه سويًّا ونعيش في رحابه، ربما من كتاب صور من حياة الصحابة أو رجال حول الرسول.
ربما يأسر قلبها عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود كما أسرا قلبي.
سأحكي لها أنّ عبد الله بن عمر بن الخطاب كان سبب حُبي الشديد للمدينة، لأنه رضي الله عنه كان يمشي حيث مشى الرسول ويقف حيث وقف ويسجد حيث سجد. عندما سُئل عن هذا قال "لعلَّ خُفًّا يقعُ على خُفّ". وأنا لا أريد من هذه الدنيا سوى أن يقع الخف على الخُف حتى وإن كان يفصل بينهما أكثر من ألفٍ وأربعمائة عام.
سأحكي لها عن عبد الله بن مسعود، عن علمه وفقهه .. عن علاقتي بالقرآن وكيف كان هو رضي الله عنه سببًا فيها.
إنّ جُل ما أفعله في حياتي من دراسة الطب، تدارس القرآن، التبسيط، والسعي لمعرفة نفسي سواءً بالقراءة أو بالاستماع .. كُل هذا أحتسبه في سبيل هذا الحُلم الصغير وهذه الصورة الجميلة. كُل شيء أفعله لأكون إنسانة أكثر، وأمًا واعية بدورها في الحياة، وطبيبة تسدّ الثغر الذي تقف فيه. إنني أملأ روحي لأملك ما أفيض به على صغاري في المستقبل.
لا أعلم إن كان الحلم سيتحول لحقيقة يوما ما، لكنني أعلم أنه ليس للإنسان إلا ما سعى والله وحده يشهد بسعيي، ودعائي تحت المطر في ساحة المسجد النبوي يشهد على ذلك..
وأعلم أنني بذاتي مصداق دعوة صادقة دعتها أمي عندما كانت في مثل عمري، كانت تدعو "اللهم وفقني لأجعل من أبنائي حفظةً لكتابك". فوهبها الله من حيث لا تدري ولا تحتسب كُل ما تمنت و زيادة.. من كان عمرها كله وكل آية تملكها في صدرها مصداق دعوة، كيف لا تؤمن بالدعاء؟
اللهم هذا صِدق عزمنا، فارزقنا السبيل.
-
زهرة الوهيديأكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)