لمن يرغب.. يرجى قراءة الأجزاء السابقة قبل قراءة الختام
مع الرسامة همسة شلهوب
لا هدوء لنا في هذا العالم، ولا طمأنينة أيضاً...
كلانا اتخذ موقفاً من الحياة، أحدنا رحل مُسرعاً عن الحياة، والآخر غاب عن الحياة، كلانا يا نحن لم يعرف إلا القليل منها، لم نكتفِ بخيبات دمشق وضواحيها، دمشق وشوارعها، بل صرنا كالعبد المسرور تحت سماء ربه، فلا خيار لنا سوى دمشق، ولا مال لدينا لنغادرها، نذكر جيداً كيف أحببنا دمشق سوياً، وكيف زدنا شوارعها حباً، ولكن دمشق لم تكن تستحق ذلك الحب، ليست ذاك المكان الذي يثير رغبتنا بإكمال حياة مليئة بالتفاصيل، حيث نحن للتفاصيل آلهة، وللحب طائفة، فدمشق ومن فيها عبيداً لنا، كُنا عبيداً وصرنا آلهة بطرق وعرة، آلهة التراجيديا والخوف...
وبالحديث عن الخوف أتذكر يا بني قبل وفاتك بيومين؟
سألتك من أنا فقلتَ: أنتِ عديدة الأسماء يا روسيل، وكثيرة الحيوات يا ابنتي، أنتِ للآلهة إلهاً.
فرددتُ لكَ: أنا للموت آلهاً يا بني، سأسرق روحك من سيجارتك تلك، ثم سأضع خاتمك الأسود المعتاد فوق صدرك، وشالك الأرجواني حول عنقك، وفي يوم الرثاء سأقول لهم عما فعلناه في دمشق وأزقتها المعتمة، عن تلك القبل المنحوتة في الوجنة والعنق، الفم واليد، طريق الجنة ذاك بين الثديين، وتلك اللمسات حول وبين الفخذين، هذا وعد مني، ولكن! أنا آلهة الموت ولن أفعل الرثاء، فمن يرثي حُبه يا ولدي وأنت أسمائي وحيواتي، أنتَ جوعي وبردي ودفئي وحسرتي على ما لم يمضِ.
فالرثاء قَدُمَ يا حنيني، وحسرة سيجارة الفجر السابعة ظلَّت، يوم صلنفة، يوم الحميدية، وموقف باب السكن الجامعي، جمعيهم بقوا وأنتَ رحلت، والحسرة ظَلَّت ليصير العالم حياتين، حياة للحنين وأخرى في الحنين، حياة من الندم لا نوراً فيها ولا ظِل...
روسيل
-
Abdallah Kiwanعبد الله فيصل كيوان من محافظة السويداء -سوريا 21 عام ادرس هندسة الإضاءة في المعهد العالي للفنون المسرحية -والإخراج السينمائي في دبلوم علوم السينما. في رصيدي كتابين: رواية فِضَّة - دفتر الذاكرة في دمشق