لقد كنت طوال حياتي حالمة كبيرة،
اهرب من واقع لا يعجبني الى خيال يروق لي وانسجه كالاساطير،
و اغرق في نشوة يقين طفولي غريب ان كل أحلامي ستتحقق بالتاكيد يوما ما،
ربما كنت متفائلة اكثر من اللازم و ساذجة اكثر مما يجب، و لكن هكذا هم الاطفال، اعرف ذلك، لكنني كنت طفلة طموحة و مملوءة بالعناد و الكبرياء
و لهذا كانت مرارة الخيبة كبيرة جدا على براءتي، و على كبريائي
و شيئا فشيئا ساءت علاقتي بالواقع و بالحلم معا،
لم يعد اي منهما يكفيني،
فلا حقيقة تتغير و لا حلم يتحقق،
و دب اليأس في قلبي ، و ثرت على كل شيء، على الواقع و الاحلام،
و اقتنعت بفكرة مجنونة،
انني انسان هامشي بلا هدف و لا قيمة ، تعيس الحظ و يكرهه العالم،
و تعاونت مع الدنيا على كسر روحي و تحطيمي،
و صرنا نتناوب على القضاء علي،
و هكذا فضلت ان اعيش ساخطة في الظلام،
بدل ان اتتبع النور،
ابصق على انعكاسي في المراة،
و القي الحجارة على المارة،
و بفكر مملوء بالمرارة و قلب مثقل بالاسى،
العن الحظ و الدنيا و كل شيء،
و ذهبت احلى سنين العمر ادراج الرياح،
حتى وصل الندم،
و كان في استقباله كل مشاعري،
و بالطبع تمرغت في وحله قليلا حتى يكتمل برنامج العذاب الذي اشتركت في وضعه لنفسي مع العالم،
و غرقت في بحر من الشفقة على الذات،
و بعد وقت طويل جدا،
مللت،
و رفعت راسي الى السطح،
لاتنفس هواء الرضا و النضوج،
و بدات افهم ان الحياة هبة و ان الاقدار هبة و انك لا تملك الا ان تعيش
و فهمت ما قاله محمود درويش اخيرا
و انت في طريقك للبحث عن حياة، لا تنسى ان تعيش
و كان معه كل الحق
حتى لو اتيت الى الدنيا مرغماً و لم يكن لك يد في هذا القرار،
لكن ان تكون سعيدا او تعيسا هو بالتأكيد اختيارك، و قرارك
و لم اكن اعرف ذلك، او ربما كنت اعرفه و لم اكن ادركه،
بل كنت اربط سعادتي بالاخرين، بالثروة ، بالنجاح، بالفوز و بكل شيء الا بنفسي،
و كان هذا اغبى ما فعلته في حياتي،
و لكنني تصالحت اليوم مع جهلي، مع غروري، مع مفاهيمي و ظلمي لنفسي و عنادي،
و غفرت لنفسي كل هذه الاخطاء،
فانت لا يفترض بك ان تولد و في يدك دفتر مدون فيه كل شيء،
لكنك تتعلم من الحياة و الثمن هو سنين تسددها من عمرك،
ف لا احد يتعلم بالمجان،
و عليك ان تكون متفهما و واعيا لهذه الحقيقة،
و قررت ان اسعد،
حتى لو اصبح العمر خلفي،و الفرص بعيدة عني ، و حتى لو تصورت بحكمي الجائر ان لم يعد لي في الحلم بقية و لا احقية،
لان الحقيقة غير ذلك،
الحقيقة
ان اوانك لا يفوت ابدا ما دمت على قيد الحياة،
نعم ستغنى و تفرح و تنجح و ستجد حبك الضائع و تغير العالم و تلاحق الفراشات في الحقول حتى لو كنت تسير مستندا على عكاز
الوقت كذبة، و الواقع كذبة و الاحلام كذبة و انت الحقيقة الوحيدة حتى لو تجاوزتك احلى الايام،
قلب الخامسة عشر لا زال هو ذاته الذي ينبض في صدرك مع قليل من الرتوش،
و لن يغير ذلك كل الاحكام الجائرة التي تشترك في إصدارها على نفسك مع الجماهير .
-
كاتبةJournalist, feminist and writer