بعد ما وقع ما وقع بين مدينتي قنيطرة و سلا , و توفى من توفى لا زلنا اليوم نسأل [ هل من تغيير ] ؟ و هل حادثة انقلاب القطار لن تدرف و تجزر الا كما ألفنا دائما ؟ ألن يكون لنا رد فعل عدا تعداد كم مات و جرح و كم هو بين هذه و تلك ؟
دماء تُهدَر و تسيح قطراتها من كل فاجعة الى أخرى و لازال الحال كما هو عليه و تمر الأيام ممحاة تزيل أثر الحوادث عن أذهان الناس و كأنها لم يكن لها واقع .
و هل كل شعار تغيير نسمع به اليوم من إقالة كذا و كذا سيضع لنا حلا ؟ ام ان الأشخاص تتوالى و تتغير لتبحث من جديد عن فساد ناخر آخر ؟
المشكلة الأكبر و الذي لا يلتفت اليها الكثير أن التغيير لا تنحصر آلياته على الجهات المسؤولة فقط, بل يجب تغيير العقل المغربي الساكن الذي و منذ قرون يرى ان ما يحدث اليوم هو قدر كُتِب البارحة و ليس له قوة داخل المكتوب و المقسوم , فكلمة [ الشعب يقرر مصيره ] أخد مكانها [ المصير يقرر الشعب ]
منذ قرون و قيمة تقبل الآخر و التعاون الهادف قد تم استبداله بثقافة الحكم على الآخر ما شتت التآلف الاجتماعي الذي لا نهضة و من دونه , فتعسنا داخل تفتتنا و ساد من يخدمه ذلك .
منذ قرون و موروث تقديس الحاكم راسخ و بشدة داخل ثقافتنا مما خولهم ان يفعلوا ما يشاؤون فيمن يشاؤوا, أما المحاسبة و المراقبة فهي مفاهيم لم تصلنا الا عبر الحبر و الورق أما الواقع هو [ الطاعة للأمير و إن أخد مالك و ضرب ظهرك ] (صحيح مسلم ) , ما مكّن المستبد السياسي أن يستكين لما يخص مصالحه و غض النظر عن مصالح الناس .
أما أسس أي إصلاح حضاري إنساني يجب ان تنبني على مبدأ ترسيخ قيمة الإنسان و الحياة عند الناس لأن [ رجال الدين ] منذ آلاف السنين نجحوا في إقناع الناس بالنظر الى الحياة نظرة ازدراء و شناعة و تم غرز مبدأ هذا الحديث في العقل الحالي [ يصيبكم الله بالوهن , قالوا ما الوهن؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت ] (مسند أحمد)
فكل من يحب الحياة عليه ان يشعر بالذنب و عليه ان يحمل في قلبه حب الموت و الفناء و هذا حقا ما نقع فيه... فناء من وراء فناء , فلا تستغربوا.
كما يجب الاطاحة بمفهوم دولة الراع و الرعية و الانتقال لدولة الوطن و الوطنية ,فالرعي لا يرتبط الا بالقطيع و البهائم, و القطيع لا يمكن قيادته الا بالعصا و الكلب , فالكلب للترهيب و العصا للتأديب , و هذا ما نراه في بلادنا.