المحاماة التونسية أمام تحد جديد "مجموعة المحامين العائدين من الجزائر " - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المحاماة التونسية أمام تحد جديد "مجموعة المحامين العائدين من الجزائر "

قدر المحاماة التونسية دوما الإنتصار

  نشر في 12 نونبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

قدر المحاماة التونسية الإنتصار دوما شعار يردّده كل " من يعيش المحاماة ويمتهن الحياة " في تعبير بليغ عن تعلقه بهذه المهنة النبيلة التي يقضي فيها حياته أكثر من الوقت الذي يهتم فيه ببقية شؤونه.

" المحاماة مهنة حرة و مستقلة تشارك في اقامة العدل و تدافع عن الحريات و الحقوق الانسانية" هذا ما جاء به الفصل الاول من مرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 اوت 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. و لئن كان هذا الفصل بسيط التركيبة فإن محتواه على قدر كبير من الأهمية كان بفضل نضالات امتدت على مر التاريخ التونسي بداية من العهد الاستعماري مرورا بالثورة التونسية 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي وإلى حد هذه المرحلة مازالت المحاماة تواصل نضالاتها.

وقد ناضلت المحاماة التونسية كثيرا من أجل توحيد المدخل للمهنة حماية لها من تدخل السلطة السياسية وضمانا للنزاهة والشفافية في الإلتحاق بها وقد توجت هذه التحركات بتأسيس المعهد الأعلى للمحاماة بتونس في سنة 2006 .

ولكن المهنة التي كان من المفترض فيها أن يكون المدخل الوحيد لها هو المعهد الأعلى للمحاماة دائما ما تفاجأ بمطالب ترسيم عديدة للإلتحاق بها لا تأتي هذه المرة من قضاة قضوا 10 سنوات في القضاء و أرادوا الإلتحاق بمهنة المحاماة أو قضاة متقاعدين أو قضاة تم عزلهم لأسباب غير مخلة بالشرف أو من أساتذة تعليم عالي أو أساتذة محاضرين في القانون الذين مكنهم المرسوم من الجمع بين المحاماة والتدريس و إنما من عدد كبير من الطلبة التونسيون المتحصلين على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة من الجامعات الجزائرية .

وقد بقي هذا الإشكال طويلا منذ سنة 1995 و إلى حد اللحظة بين هيئة ترفض ترسيمهم نظرا لعدم إستجابتهم للشروط القانونية و بين طلبة متمسكين بحقهم في ممارسة المهنة مستندين لشهادة جامعة الحقوق بالجزائر وبين سلطة تتدخل سياسيا ل " تسوية الوضعية " و بين قضاء يختلف في قرارته بين مرسم لهم و رافض لترسيمهم بإختلاف الوضعيات.

لذلك أردنا في هذا المقال بيان موقف كل " مجموعة المحامين العائدين من الجزائر " و موقف الهيئة الوطنية للمحامين و المحامين الرافضين لترسيم هذه المجموعة وأهم الحجج القانونية التي يستند إليها كلا الطرفين .

أولا : موقف مجموعة المحامين العائدين من الجزائر :

بالتمعن في القرارات الصادرة عن محكمة الإستئناف بتونس وقرارات المحكمة الإدارية و بسؤالنا لأحد التونسيين المتحصلين على شهادة من جماعة الجزائر أمكن لنا تلخيص موقفهم في إستنادهم على ثلاث نقاط وهي التالية :

• أنّ شروط الفصل 3 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 التي تفرض خاصة على التونسي حصوله على الشهادة في مهنة المحاماة من المعهد الأعلى للمحاماة بتونس لا تنطبق لإعتبار أن هذا النص يتناول الوضعية العامة والأكثر شيوعا ولا يتناول الوضعيات الخصوصية التي منها وضعية التونسيين المتحصلين على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة من الجامعات الجزائرية.

• أنّ وضعية التونسيين المتحصلين على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة من الجزائر تخضع للإتفاقية التونسية الجزائرية المتعلقة بتبادل المساعدة والتعاون القضائي المبرمة في 26 جويلية 1963 والمصادق عليها بالقانون عدد 15/1966 المؤرخ في 16 مارس 1966، والإتفاقية لها علوية على القانون وخاصة منها القانون المنظم لمهنة المحاماة سواء القانون لسنة 1989 والمرسوم الحالي المنظم للمهنة وهو مرسوم 2011 لكنها أدنى مرتبة من الدستور وبالتالي فإن تحصل التونسي على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة الجزائرية يعني تحصله عليها بموجب التشريع الوطني لأن الإتفاقية المصادق تدخل ضمن المنظومة القانونية الوطنية.

• الإحتجاج بقرارات قضائية صادرة عن محكمة الإستئناف تقضي بترسيمهم في جدول المحامين المتمرنين .

ثانيا : موقف الهيئة الوطنية للمحامين الرافضة للترسيم :

يمكن تلخيص حجج الهيئة في :

• أنّ الفصل 3 من المرسوم وضع من بين الشروط الواجبة للترسيم أن يكون طالب الترسيم تونسي الجنسية وأن يكون متحصلا على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة من المعهد الأعلى للمحاماة بتونس الذي جاء بعد نضالات المحامين من أجل توحيد المدخل وبالتالي فإن مجموعة الجزائر غير مستوفية للشروط لأن شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة تحصلوا عليها من الجامعة الجزائرية إذ لا يوجد معهد أعلى للمحاماة بالجزائر وليس من المعهد الأعلى للمحاماة في تونس.

• في أنّ الإتفاقية التونسية الجزائرية تنص في شروط الترسيم في فصلها الخامس على أربع حالات :

الحالة الأولى تتعلق بالمحامي الجزائري الذي يمكن له ممارسة مهنة المحاماة بتونس بعد الترسيم في هيئة المحامين بتونس والمحامي التونسي الذي يمكن له ممارسة مهنة المحاماة بالجزائر بعد الترسيم بهيئات المحامين في الجزائر وذلك بدون تمييز بينهما على أساس المساواة والمعاملة بالمثل التي تكرسها الإتفاقية.

الحالة الثانية تتعلق بالمواطنين التونسيين والجزائريين الذين يمكن لهم ممارسة جميع الوظائف العدلية الحرة بالجزائر بالنسبة للتونسيين وفي تونس بالنسبة للجزائريين بدون تمييز وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.

الحالة الثالثة تتعلق بالمحامين التونسيين والجزائريين الذين تخول لهم الإتفاقية إمكانية النضال ونيابة الأطراف لدى المحاكم الجزائرية والتونسية .

الحالة الرابعة تتعلق بالمحامين المرسمين بهيآت المحامين الذين يمكن ترسيمهم بجدول محامي الدولة الأخرى إذا إستكملوا شروط الترسيم بالدولة المطلوب فيها ذلك .

وبالتالي فإنه بالتمعن في الحالات الأربعة فإنها لا تنطبق في أي منها على التونسي المتحصل على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة في الجزائر وإن تعلل جماعة الجزائر بالحالة الرابعة لا ينطبق عليهم خاصة وأنهم طلبة متحصلين على شهادة الكفاءة للمهنة و ليسوا محامين مرسمين بهيآت المحامين بالجزائر وإن إفترضنا إمكانية إعتبارهم محامين فإن الحالة الرابعة تفرض إستجابتهم لشروط الترسيم بالدولة المطلوب فيها ذلك وفي قضية الحال فإن جماعة الجزائر لا بد أن يخضعول لمرسوم المنظم للمهنة الذي يوجب التحصل على شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة من المعهد الأعلى للمحاماة بتونس .

• في أنّ تشبث جماعة الجزائر بشهادة الكفاءة المتحصل عليه كحق مكتسب يجابه به أمام الهيئة الوطنية للمحامين مردود عليهم فتعريف الحق المكتسب يقتضي مجابهة الطرف الذي يمنح هذا الحق وهي الجامعات الجزائرية ولا يعني الحرمان منه بمجرد الدخول للتراب التونسي وإنما البقاء متحصلا على تلك الشهادة غير أنّ الترسيم في المحاماة التونسية لا بد أن يستجيب لشروط الترسيم في المقررة بموجب القانون التونسي.

• إنّ رفض الهيئة لمطالب الترسيم موقف صحيح خاصة وأن الرفض ليس فيه خرق لأحكام الإتفاقية بل على العكس من ذلك فإن الهيئة برفضها تحترم مبدأ المساواة أمام القانون الذي يكرسه الدستور التونسي الذي يأتي في أعلى الهرم في ترتيب القوانين قبل الإتفاقيات الدولية وقبل القانون وبالتالي فإن التونسي يخضع لقانون بلده ولا يمكن له الإحتجاج بإتفاقية تنظم حقوق الجزائري في تونس وحقوق التونسي في الجزائر وبالتالي فإن شرط الجنسية لا يعفى منه إلا الجزائري وليس التونسي الذي يبقى خاضعا لقانون بلده .

• هذا الإتجاه كرسته المحكمة الإدارية في العديد من القرارات منها القرار عدد 1216 بتاريخ 13 مارس 1995 والقرار عدد 1090 الصادر بتاريخ 27 ديسمبر 2010 كما ركزت محكمة الإستئناف هذا التوجه صلب القرار الإستئنافي عدد 54568 المؤرخ في 15 جويلية 2014 وبالتالي فإن القرارات الإستئنافية المحتج بها من قبلهم لم تعمر طويلا إذ تم الطعن فيها بالتعيقب لدى المحكمة الإدارية

• إنّ مجموعة المحامين العائدين من الجزائر تنطلق من قراءة خاطئة للإتفاقية في خلط واضح بين التصنيف والجدول وبين الشهادة العلمية التي تسلمها جامعات الحقوق شأنها شأن شهادة الكفاءة في المحاماة المتحصلين عليها من جامعات الحقوق في الجزائر والتي تعد شهادة علمية والتي تختلف عن الشهادة المهنية التي يسلمها المعهد الاعلى للمحاماة بتونس ولا يمكن أن تكون معادلة لها.

ويبدوا موقف الهيئة الرافضة لترسيم مجموعة الجزائر أكثر متانة من الناحية القانونية خاصة وأن المحامين دائما ما يطالبون بتطبيق القانون على هذه الوضعية خاصة وأن قرارات ترسيم مجموعة الجزائر السابقة قد تمت لا وفق القانون وإنما تسوية لوضعيات كانت تحت ضغط سياسي وإعلامي ومزايدات إنتخابية الغاية منها إغراق المهنة بعدد كبير من المحامين يحول دون تنظيمها ويعيقها على مواصلة دربها النضالي الذي لا يتوقف عند الدفاع على المتقاضين و إنما يتعدى ذلك لتدافع عن الحقوق والحريات الإنسانية وفق ما ينص عليه تعريف مهنة المحاماة في فصلها الأول من المرسوم دون نسيان دورها الكبير في تأطير الثورة التونسية وفي الدفاع عن المعارضين في المحاكمات السياسية في العهد السابق و في الإنتقال الديمقراطي الذي توجته الهيئة الوطنية للمحامين بالحصول على جائزة نوبل للسلام كأحد أطراف الحوار الوطني.

تبقى قضية محامو الجزائر رهين تطبيق القانون الذي سينصف الجميع خاصة وأن المحكمة الإدارية ستنظر في أكثر من 93 ملف تعقيب بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة للتونسيين المتحصلين على شهادة الكفاءة للمحاماة من الجامعات الجزائرية حيث تخرج في سنة 2014 2015 فقط 523 تونسيا وهو عدد كبير إضافة للدفعات السابقة الذي يمنع توحيد مدخل المحاماة و حماية هذا القطاع المهني الفعال الذي يحلو للمحامين أن يلقبوه ب " عائلة المحاماة التونسية " .


تم نشر هذا المقال في 12 نوفمبر 2015 

توضيح : في 17 نوفمبر 2015 :

أصدرت الدائرة الثالثة التعقيبية بالمحكمة الإدارية أمس 16 نوفمبر 2015 قرارا يقضي بنقض قرار محكمة الإستئناف بتونس الذي كان قد قضى بترسيم أحد المتحصلين على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة من الجزائر .

ومن المنتظر أن تنظر المحكمة الإدارية في 92 مطلب تعقيب من الهيئة الوطنية للمحامين وقد يطالهم قرار النقض دون إحالى وبالتالي رفض ترسيمهم .

يذكر أن السنة الفارطة تحصل 523 تونسي على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة من جامعة الجزائر.


  • 2

   نشر في 12 نونبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا