الإرث السياسي لمتطوعي أزمة اللجوء

بقلم: جولي ميليشار

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

تركز الاهتمام منذ بدء أزمة اللجوء الاوربية على الشعوبية المعادية للهجرة. تتبعت الباحثة جولي ميليشار موجة معاكسة :الأوروبيين الناشطين سياسياً بفعل استجابة العمل الإنساني

صنفت حركة البشر الواصلين لشواطئ الاتحاد الأوروبي أزمة لجوء: حالة إسعافية تتطلب استجابة إنسانية. وسمح تصنيفها كأزمة بتعريتها من بعدها السياسي وعرض قضية إنسانية

شعر الآلاف من الأفراد المراقبين للحالة عن بعد بالحاجة لفعل شئ ما. ونبعت تلك الحاجة من شعور بالانفصال عن المندوبين السياسيين وعمليات الحكومات في بلدان الأفراد الأصلية حيث شعروا بضآلة الإستجابة للأزمة. وكانت بالنسبة للبعض فقدان الإيمان بالسياسة عموماً

ودفعهم ذلك للابتعاد عن السياسات التقليدية رغم وعيهم السياسي. تلاقت العديد من تلك العناصر على الجزيرة اليونانية ليسبوس بين المتطوعين الإنسانيين حيث درست الديناميات الموجودة بين السياسة والإنسانية

وترتكز اكتشافاتي على لقاءات نوعية جرت عامي 2016 و2017 مع الأشخاص السائرين على طريق الهجرة ومؤسسي المنظمات المؤقتة على جزيرة ليسبوس والمتطوعين الإنسانيين

لا يولد العمل الإنساني من فراغ سياسي حيث تصنع الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي عند تجمع حصص سياسية متنوعة وقد تكون ذات أسباب وتطبيقات سياسية متجذرة

يدرك المتطوعون الإنسانيين الذين يعملون في هذا المكان المسيس ويتعاملون مع ممثليه أن حالة الأزمة الإنسانية تغفل بعض مظاهرها الأساسية. يرى المتطوعون ويتفهمون الديناميكيات التي تكمن تحت “الأزمة”. قد يصبح الأفراد المحفزين سابقاً بالتعاطف الأخلاقي أكثر وعياً من الناحية السياسية والأكثر وعياً يوسعون إدراكهم إلى حد كبير

وقد تولد المواجهات مع الأفراد العالقين على الجزيرة تأثيراً على المتطوعين أنفسهم

“لا شك أن نقل العلب وتوزيع الشاي والسترات الدافئة أمر رائع ولكنه لن يخرجهم من هنا. قضيت فترة لا بأس بها هنا وكسبت ثقة السكان وبدأوا يقصون على حكاياهم التي أثرت في. وأشعر بالإحباط لعجزي عن مساعدتهم بشكل أكبر

كنت أقدم في إحدى المرات ثياباً لليلى فتاة من العراق . وبدأنا بالحديث عن الدوري الإسباني لكرة القدم ثم نظرت إلى قائلة: ربما نذهب سوياً يوماً ما لحضور مباراة في اسبانيا؟ قلت لها نعم ولكنني شعرت بالذعر. وقلت لنفسي: “ قد أذهب في غضون أشهر قليلة إلى إسبانيا وتكونين في طريقك إلى العراق.” لا أقوى على مساعدتها على المدى الطويل رغم حبي لذلك.”

يشعر المتطوعون في مخيمات ليسبوس بالإحباط وأن مساعدتهم لم تكن بالقدر الكافي لفشلها في معالجة جذور أسباب الأزمة السياسية. ويسمح استبدال الأرقام بالوجوه للمتطوعين بأنسنة النقاش حول “أزمة اللجوء”

يحضر اضطهاد وتعسف حالة الأفراد السائرين على الطريق بشكل أقرب لواقع المتطوعين عبر التبادلات الشخصية. ويبدو أن المواجهة مع رفاقهم من بني البشر ذوي التجارب الحياتية المختلفة تماماّ تكشف “ الطبيعة المفاجئة لمكاننا” وهي فكرة طورها الفيلسوف الأفريقي اخيل ميمبي. وتساعد على وضع هذه المواجهات والتجارب في الصورة الأعرض “للأزمة” والعوامل البنيوية التي أدت إلى استعصاء الناس في المكان

قد يؤدي اشتراك المتطوعين الإنسانيين في ليسبوس إلى تفكيك الأزمة من التقديم الأولي كأزمة إنسانية كاشفة أسباب الجذور السياسية

قد توكز هذه العملية الناس للمشاركة السياسية من أجل الإشارة إلى جذور هذه الاسباب عبر خلق أو تقوية الوعي السياسي للمتطوعين

“ أنا سعيد بتوزيع الملابس طوال حياتي إن كان ذلك سيوصلهم إلى أثينا. وإذا لم يحصلوا على الأوراق فلن يتغير شئ بالنسبة لهم. لقد هاجمنا الأعراض وليس المرض نفسه. إنه شئ محبط. ولذلك كل ما أعمل عليه هو “الحصول على الأوراق”

وبالنسبة للبعض فإن التطوع في ليسبوس قد يصبح علامة فاصلة في مسار حياتهم. وبالنسبة للآخرين يبدو أن العمل الإنساني على ليسبوس قد أدى إلى المشاركة السياسية في بلدانهم الأصلية ليس عبر القنوات الحكومية ولكن عبر المسارات الأدنى

يشارك المتطوعون بنشر عقلية بديلة. وتحدث ضمن بيئة الفرد المباشرة بين الأهل والأصدقاء حيث يصبح المتطوعين السابقين محل ثقة الجميع

علاوة على ذلك يتحول المتطوعون بعد عودتهم نحو المحاضرات التثقيفية أو حملات التوعية إضافة إلى تأثيرها على شبكاتهم الخاصة

ألقى بعضهم محاضرات في المدارس وكتبوا المقالات في الصحف ونظموا نقاشات عامة حول الموضوع من أجل تعزيز تفهم الناس للأزمة ويشاركون قصصهم من أرض الواقع. أسس بعضهم منظمات تطوعية في بلدانهم الأصلية لوصل الأشخاص السائرين على الطريق مع بقية المواطنين. وقاموا بإعادة خلق وتفكيك العمليات الإنسانية التي مروا بها

المصدر:

REFUGEES DEEPLY

The Political Legacy of the Refugee Crisis Volunteers

By: Julie Melichar

May 1, 2018