هل مقدورنا البكاء, هذا البكاء... أم البقاء هكذا..مشتتين .. تائهين كل خطواتنا إلى الوراء ,فنحن لم نكبر بعد , أطفالا بقينا نحلم و نحلم رغم الدماء ,رغم سحب اليأس التي لا تمطر إلا العناء ,نلد النجوم في العراء و نحلم بنزول المسيح فجرا من السماء ,يهدينا رغيفا و بعض الأمن ذات مساء...هل مقدورنا البكاء ...هذا البكاء ...أم البقاء هكذا مشتتين .. تائهين كل خطواتنا إلى الوراء ,فنحن لم نكبر بعد ,أطفالا بقينا نجمع أطراف دميتنا المذبوحة بسكين خيانة الأشقاء, ننفخ فيها نزواتنا ,عداواتنا و نسميها في أمل مسجون في صلواتنا, فاطمة الزهراء ,رغم أحزمة الموت التي تلفّنا و الموت الذي يزفّنا و تطاير الأشلاء, نعيد صنع دميتنا الحزينة, نلبسها مما ترك الجبناء, نسألها أمام صمت العلماء و بقايا الحكام و العملاء ,وسط الفوضى, بين النار و ثلج الشتاء ,هل مقدورنا البكاء هذا البكاء ..أم البقاء هكذا , نجر ثوب حدادنا , نمسح دمع بكائنا مثل الخنساء, نرثي أمتنا ,حالتنا, نفتش بين الأسماء و بين الكتب و الأنبياء بأصابع طفولتنا عن مسيح أو مهدي أو ملائكة السماء ليعيدوا للنفس حقوقها و للقلوب عروقها و للشمس شروقها على أمتنا فلا يحكمها الغرباء. نسألها بنفاق الأحزاب, متى نصير أحياء و لو مقتولين أو منصورين أعزاء أو نصير كلنا شهداء ..لكن .. لعنت طفولتنا , أنوثتنا, رجولتنا وعروبتنا تكاد تكون عمياء لا تبصر أبعد من هذا الحذاء. قد مللنا طفولتنا فنحن لم نكبر أبدا و اقترب الموت.. فهل نخاف الموت و نحن لم نكن يوما أحياء ؟ هل مقدورنا البكاء هذا البكاء أم البقاء هكذا , يا ويحنا ..يا زائرين قبر النبي و بيت الله و غار حراء و قبر علي و قبر الحسين يا زائرين كربلاء , كفوا الجدال و القتال قد قتلتم كل الأسماء. لما أزهار طفولتنا تقطفها القنابل العمياء؟ لما حكام أمتنا يشبهون المومياء؟ إن رحم الأمة تلد الشرفاء .. فلا دم نهر الفرات رخيص و لا دمشق تهون و لا صنعاء و لا الخرطوم نرضاه منقسما و لا ليبيا أعداء و لا مصر أمّ الدنيا تجهضها سيناء و لا مغرب الشرفاء تعادي جزائر الشهداء و لا تونس الخضراء تنتحر فالشعب يوما أراد الحياة و فلسطين بقدسها العذراء تنادينا من قبة الصخرة و المسجد الأقصى و غزة الشهداء لنرفع رايتنا نصرا رغم أنوف الأعداء , فماذا ننتظر لنكبر شيئا و يمتلئ رأسنا شيبا كزكرياء عسى ربي يتقبل من طفولتنا الدعاء قد مللنا طفولتنا و هذا البكاء و الرقص على إيقاع الإهانة مع الغناء , قد مللنا ترديدنا دوما بأننا إخوة أشقاء بينما كل أوقاتنا نقضيها عبثا بين الحفلات و السهرات والرايات السوداء ... قد مللنا طفولتنا و تشردنا و موتنا و صمت دميتنا المذبوحة كل مساء .. يا أمة بعث فيها خاتم الأنبياء ..هل مقدورنا البكاء هذا البكاء .. أم البقاء هكذا مشتتين .. تائهين كل خطواتنا إلى الوراء .أجيبوني بدل التصفيق فهذا المقام بي لايليق.. أنا مثلكم طفل تائه في الطريق أخافه هذا البكاء, أنا مثلكم أبي آدم و أمي حواء.
-
سليمان بوقرطأول عمل منشور - رواية الظل المسجون - الطريق / دار ميم للنشر - الجزائر