تمردي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تمردي

هذا المقال قد تمت كتابته من قبلي باللغة النرويجية، لكنني سأضيف إليه أشياء جديدة، وسأقوم ببعض التغيرات التي تلزمني بها اللغة، أما الفكرة فتبقى واحدة.

  نشر في 25 أبريل 2017 .

اليوم سوف أتحدث عن موضوع انتشر بكثرة في الأيام السابقة، على أرض الواقع وحصل على انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا المقال سأكتب بكل حيادية عن الموضوع، وسأبتعد عن الطريقة العلمية في الكتابة فهدفي هو تسليط الضوء وليس على تحليلها علمياً ونفسياً.

لنقل أن الموضوع سيكون عن النساء المتمردات في أوروبا، اللاتي وصلن إلى هنا مع عوائلهن، وخضن بعد ذلك تجارب مريرة مع الانفصال، لأنه لم يستطع أحد يوماً ما أن ينصف هذه المرأة التي ضحت وما تزال بالكثير من كيانها وحياتها وحريتها خوفاً من القيود التي فرضتها العادات والتقالييد البالية في مجتمعاتنا عليها.

من المؤكد أنه لا توجد هناك امرأة سوف تطلب الانفصال عن زوجها وتشريد عائلتها دون أسباب، وخاصة النساء القادمات من الشرق وأفريقيا، وبالطبع كامرأة سوف اطرح على نفسي التساؤل، لماذا قد تسعى هذه المرأة لانفصال عن شريكها، ومواجهة كل ذلك الكم الهائل من الضغط العائلي، كيف بإمكانهن أن يتخلين عن منازلهن ويقررن في لحظة أن يسرن في ذلك الطريق المتعرج، وأدركت الإجابة عندما جلست معهن وسمعت قصصهن وشعرت بالكم الهائل من الحزن والانكسار في داخلهن، وأننا حقاً كنا نعيش في الظلام، نعيش في السواد متكتمين بأوجاعنا حتى لا نصبح فريسة المجتمع التي يسهل التهامها كمطلقات.

الأول من أيار، عيد العمال لابد طبعاً من أن نوجه تحية كبيرة لكل العاملين، لكن علينا أن نخص بالشكر المرأة العاملة، التي تناضل داخل وخارج منزلها، التي تقوم بأعظم مهمه في التاريخ.

يمكنني أن أتخطى هنا موضوع العنف ضد المرأة وأقول بأنه منتشر في جميع أصقاع العالم، لكن ماذا عن عملية ختان الإناث التي ماتزال بعض الدول الإفريقية تجبر إناثها على الخضوع لها، بحجج واهية، تلك العملية التي تبدو لي كالوأد، التي من شأنها أن تحطم كيان آلاف النساء في العالم، وتجردهن تماماً من أنوثتهن.

ماذا عن جرائم الشرف في الوطن العربي، والتي أود لو أدعوها بجرائم اللاشرف، ومن هنا سوف أروي لكم قصة قصيرة عن إحدى الفتيات في إحدى قرى حمص، والتي كانت تقريباً في الخامسة عشر من عمرها، وقد خرجت قليلاً للتنزه في أحد البساتين، عندما قام باصطيادها أحد العساكر الذين كانوا يتدربون في الثكنة التابعة للمنطقة، وقام بمهاجمتها واغتصابها!

طبعاً الفتاة لم تتجرأ على إخبار أحد من عائلتها على ما حدث، وبقيت تكتم قصتها، حتى بعد حوالي الخمسة أشهر اكتشف أمرها عندما كانت تلعب في أحد الحصص الرياضية في المدرسة، حين لاحظت مدربة الرياضية الانتفاخ المريب في بطن الفتاة التي تبيين بعد الفحص بأنها كانت حامل من الرجل الذي قام باغتصابها.

كانت ردة فعل العائلة كما هو متوقع تماماً، فقد أتى عم الفتاة حاملاً بيده بندقية الصيد خاصته، وقام بقتلها هي والطفل الذي كان ما يزال يعيش مع أمه في رحمها.

وكما يعلم الكثير منكم فإنه في القانون السوري لم تكن تعتبر جرائم الشرف قضايا قتل من الدرجة الأولى، ومرتكب الجريمة لا يعد قاتلاً، ويكون الحكم عليه بسيط كأن يمضي بضعة أشهر أو سنة في السجن ثم يخرج كأن شيئاً لم يكن.

هذه طبعاً كانت أحد القصص الكثيرة، والتي لم يتجرأ أحد منا يوماً على تسليط الضوء عليها، كإضافة بسيطة هنا أود لو أقول بأنه كان بالحري من الناس إن تطالب بمعاقبة عادلة لهؤلاء المجرمين، الذين يستحقون قصاص السحل، قبل أن يطالبوا بالحرية.

وهنا أيضاً سوف أتحدث عن نفسي كفتاة كانت تعيش في مجتمع عربي شرقي، وعن المشاكل التي كنت أواجهها كالكثير من الفتيات غيري أثناء البحث عن العمل، وخاصة إذا كان العمل في شركة خاصة أو متجر خاص، سيحاول صاحب العمل فرض علاقة جنسية عليك تحتى الضغط والتهديد بالطرد، وقد يتجرأ الكثير منهم للتحرش دون إذن معلن، وهم على علم مسبق أن الفتاة لن تتجرأ على التحدث، لأنها ستكون دوماً في موضع اللوم، ،ليس الوحش المريض الذي فكر باستغلالها.

مجتمعاتنا المغلقة فرضت علينا أن نكون الضحايا يوماً، أن نبتلع دناءة الواقع درءاً للفضيحة، وطبعاً هنا لابد على التركيز على نقطة بالغة الأهمية وهي أن الدين لم يكن له علاقة بالقضية، فالأديان بريئة من هذه التقالييد والعادات البالية التي خلقت في المجتمعات خلال فترة الحروب التي خاضتها والأعوام الطويلة من الاحتلال.

من هذا المنطلق لا يمكن لأحد أبداً أن يطلق على النساء اللاتي حاربن لأعوام من أجل أن يبقين مع أزواجهن، اللاتي واجهن مالا يمكن لأحد أن يتصوره وصبرن وضحين، لقب العهر، أو أنهن كن يبحثن عن الحرية في أوروبا كي يمارسنها،  هذه المرأة التي أعطت أكثر بكثير مما تلقت، هذه المرأة التي لطالما كان ينظر إليها على أنها عورة، وناقصة ومنقوصة، على أنها سلعة، على أنها شيء مجرد للامتلاك، وجدت في أوروبا من يدعم قرارها في الحصول على حقوقها، من يقف معها حتى تحصل على حقوقها، وتعيد إليها كيانها.

أنا هنا لست أدعو النساء للانفصال عن أزواجهن على العكس تماماً، أن أدعوا كل رجل ما تزال زوجته تحارب برفقته أن يعلم بأنه في نعمة كبيرة، أن هذه المرأة ليست خدامة تعلم لديك، لتلبية رغباتك المادية والمعنوية، أنه ليس بإمكانك إن تنصب له خيمة في الصحراء بينما تعيش أنت في القصور، أنه لا يمكنك أن تستهين بأحلامها وأنك بغيرتك من نجاحها أن تكسرها، أن تعنفها متى ما أردت وكيفما أردت، النساء لم تغييرهن أوروبا يا عزيزي الرجل، ولم تعلمهن كيف يتمردن، إنه أنت من جعلتهن ينسقن نحو هذا السبيل، في بلد يقف العالم فيها مع المرأة ينصفها ويساعدها، وليس كمجتمع تعود فيه المطلقة التي وصلت إلى حد الموت في علاقتها، فتهان في منزل أهلها أكثر مما أهينت في منزل زوجها، حيث تفرض عليها الظروف والضغوط.

في النهاية سأكون مع كل أنثى سوف تقف مواجهة جلادها، مع كل أنثى سوف تتمرد على قاتل أحلامها، وسأكون بدوري تلك المرأة التي لا تخشى شيء لمجرد أنها أنثى، وبأنني بكل ثقة سوف أقول ل"لا " إن تعلق الأمر بي، وسوف أكون كما قال عنا ذات يوم نابليون بونابرت في عبارته الشهيرة " المرأة التي تهز السرير في يسارها، تهز العالم في يمينها".




  • 2

   نشر في 25 أبريل 2017 .

التعليقات

مقال في الصميم ، جمعتِ نقاط كثيرة عن حال المرأة العربية في مجتمعنا الشرقي المتعصب لذاتها المتفردة و وجودها كإنسان لها كيانه وعقله و تفكيره الخاص.
وعن تجاربها المريرة و الطويلة في حياتها كفتاة و كزوجة ،التي تبكي وتدمي القلب
ومثلما قلتي سنكون مع كل انثى تقف في مواجهة جلادها ، حتى لو كان ذلك باضعف الايمان .
سلمتِ لهذا المقال العظيم
1
Rim atassi
تحياتي لتعليقك المبدع ولمروك الأنيق

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا