عسكرة الفضاء تأليف: بيتر ويزمر
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو
يخيل للرئيس ترامب ان الفروع الخمسة للقوات المسلحة الأمريكية ليست كافية. وأوعز يوم الإثنين الماضي لوزراة الدفاع لاستحداث قوة فضائية كفرع سادس للقوة العسكرية الأمريكية قائلاً” لدينا القوات الجوية وسنملك القوة الفضائية المنفصلة والمساوية لها.” ويعقب ذلك عبارة أدلى بها الرئيس في آذار الماضي خلال خطاب في قاعدة ميرامار الجوية عندما قال” الفضاء مجال حرب كما هي الأرض والجو والبحر
وهذا إقتراح مريع
حيث يقلد ترامب أفرادا يعرفون الحرب ولكنهم لا يعرفون شيئا عن الفضاء. يعتبر الفضاء ابتداء ملكا للبشرية وفق معاهدة الفضاء الخارجي الموقعة عام 1967 التي شاركت فيها الولايات المتحدة مع أكثر من 100 دولة. وتؤكد تلك المعاهدة أن الفضاء مجال ينسب للبشرية جمعاء وليس لبعض الدول
ثانياً الحرب في الفضاء شديدة الخطورة لأنه مجال قابل للتلويث على نحو خاص. وكلما إزداد تلوث الفضاء صعب علينا استخدامه
تخيل أن جمهورية الجبل الأسود شنت حربا ضد فيجي وأن تلك الحرب امتدت إلى “مجال حرب ترامب الجديد”. سيكون البلدان بالغي الخطورة فيما لو امتلكوا مقدرات فضائية لإن الحرب في الفضاء ستؤدي لا محالة إلى تدمير الأقمار الصناعية وتولد مخلفات تبقى في المدار لعدة عقود
الآن دعنا نتخيل حربا فضائية بين الولايات المتحدة والصين. سيكون مثل ذلك النزاع مدمرا لا يقتصر تأثيره على سكان الصين والولايات المتحدة البالغ 1.7 مليار إنسان ولكن على سكان الأرض قاطبة والبالغ عددهم 7.6 مليار إنسان
ننسى غالباً مدى اعتمادنا على استخدام الفضاء. فالفضاء ليس لرواد الفضاء فحسب ولكنه للإتصالات اللاسلكية والتوجيه ولإقمار مراقبة الأرض استخدامات أخرى عديدة. ومجرد يوم واحد دون استخدام الأقمار الصناعية سيضع المجتمع المتطور في فوضى عارمة. ستتوقف شبكات توصيل الكهرباء وستصبح المواصلات شديدة الصعوبة وستتوقف الصيرفة العالمية وستفشل شبكة الإنترنت
تؤكد قوانين الحرب على أن آثار الحرب تنحصر عادة بالبلدان المتحاربة. ولكن حرب الفضاء لن تنجز ذلك قط. ستؤثر على المجتمع الدولي وتحدث ضررا للجميع وستعاني الولايات المتحدة من أشد الأضرار لإنها الدولة الأكثر اعتمادا على الفضاء والمالكة لأكبر عدد من الأقمار الصناعية
من هنا نرى أن من مصلحة الولايات المتحدة والعالم أجمع ان لا يصبح الفضاء مجالاً للحرب. ونستطيع إنجاز ذلك من خلال الاستمرار في الحيلولة دون فتحه للحرب. الخطوة المنطقية التالية هي الإتفاق على أن أي حرب في الفضاء هي جريمة دولية. ويبدو أن الصين وروسيا تسعيان لمثل ذلك الاتفاق واقترحتا معاهدة منع نشر أية أسلحة في الفضاء بالمطلق- وهو مقترح عارضته الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمن
يتعرض الفضاء الخارجي للتهديد ويجب ان يسعى المجتمع الدولي بكل ما أوتي من قوة للتاكيد على أن ذلك التهديد لا يتحول إلى حقيقة. وإذا أراد ترامب لبلاده مزيداً من الأمان يتوجب عليه الإنضمام لذلك الهدف النبيل
المصدر:
The Washington Post
June 18, 2018
By Peter Wismer
-
إبراهيم عبدالله العلومهندس زراعي. مترجم.