تلك السماء الرمادية الشاحبة .. تلك المحطة التي تعج بالمسافرين
تلك العيون المعلقة على الساعة التي كان تسير برتابة دون كلل أو ملل ..
البخار يتصاعد من كوب قهوتها .. كذلك عندما تنهدت خرج الدخان من بين شفتيها ابيضا نقيا ..
راحت تجر حقيبتها متقدمة .. كانت تعيد النظر إلى الوراء و كلها أمل 🙏..
كنت أرى نظرات الحب في عيناها .. ألمح فيهما الكثير من الشوق والحنين
ومع أنني لم أكن أعرفها .. تخيلت فقط بأن عودا أخضرا كهذا لا يجب أن يحنيه البعد أو يقتله النسيان ..
كدت أن أهمس لها بأنه لن يعود .. فنحن اعتدنا القسوة كجزء منا والعتب لا ينفع ساعة يقع خنجر الألم في الصميم ..
لكنني فضلت الصمت ..
ابتسمت في وجهها الذي كانت ملامحه تذوب يأسا وعتب ..
وقف القطار بعد برهة ..
حملت الحقيبة من على الأرض وساعدتها على الصعود ..
ثم سرعان ما اختفيت بين المسافرين .. لأنني كنت أعلم بأن تلك العصفورة الجريحة بحاجة إلى ذلك العش الدافئ لتحتمي فيه من برد الشتاء ..
وكنت أعلم بأنني لست إلى ذلك الصياد الشرير .. وأنها ما إن تتمادى في حبي حتى أطغى عليها ..
وبكل بساطة أحزم حقيبتي وأرحل ..
وتلك العيون .. يكفيها ما كحلها من دموع ..
تلك الروح الطفلة تستاهل ملاكا يرعاها لا شيطان مثلي ومثله نزرع في طهر قلبها الأحقاد ..