جاهدوا فينا ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

جاهدوا فينا !

  نشر في 02 فبراير 2016 .

انتبهَتْ فجأةً لتلك العينينَ اللتين لا تتحوْلَان عنها ويملَؤها الإعجابُ والفخرُ, فبادرت بالسؤال: فيمَ تفكرينَ يا أُمّاه ؟ قالت: أي بُنيه.. ما أجملك في تعبك وما أجملك في نجاحك وما أجملك في سهرك ! نفعَك اللهُ ونفعَ بكِ. ابتسمتْ خجلًا وإيجازًا لكلامٍ كثير .. ومضت على صفحة الورق تحكي حكايتها بإسهابِ الموجز الذي يحاول أن يُفهِم و إيجازِ المسهب الذي يحاولُ ألَّا يستفيض...

"أنهكتْكَ الحياةُ؟ ماذا لو كانَ كل ما مضى من عمرك مرحلةُ إعدادٍ فحسبْ, ماذا لو كنتَ لم تبرحْ مكانكَ بعدْ !؟ شعورٌ مؤسفٌ أليس كذلك ؟ لكنَّ الأكثرَ ألمًا و إيسافًَا أن تظُنّ بنفسكَ أكثرَ مما هي عليه فأنتَ بهذا تقتلها وتقتل فيها جذوة الأمل والطموح ! رحمَ الله امرءً عرفَ قدر نفسه ! عرفها وعرف قدرها لا حقّرها ولا أعلاها ورفع من منزلتها .. عرف نفسه وانشغل بها عمنْ سِواه. من المُهمِ ابتداءً أن تُدركَ حجمكَ, إمكاناتِك, طموحاتك وقبل كل هذا وذاك ظروفك وقيودك ! الحياةُ يا رفاق مليئة بالقيود ولا أظنُّ أننا مطالبين بكسرها بقدر ما نحنُ مطالبين ألّا نسمح لها بسلبنا تلكَ الرغبة المُلّحة في التحررُّ تلك الرغبة التي تدفعنا للمحاولة التي وإن باءت بالفشل تظلُّ انتصارًا في حد ذاتها .. النصرُ هو ألا تسمح لتلك القيود أن تسلبك ذاك الشغف بالحرية .. ألّا تسمح لتلك المحاولات الفاشلة الكثيرة أن تحملك على اعتياد القيد أو التكيّفِ معه ..مُجرّد الرغبة الدائمة في التخلص منه هي انتصارٌ , وذلك لأنّ الرغبة وقودٌ يجعلك تحاول الفكاك وشيئًا فشيئًا سينقطع ذاك الحبل الذي يربطك بكل تلك الأثقال .. ستتحرر و ستخرج من شرنقتك تلك وسترى النور الذي لم يغب عن خيالك لحظةً ! .

قد لا يعلم أحدٌ تلك اللحظات التي أوشكتَ فيها على الاستسلام , أو اللحظاتِ الأُخرى التي زاغَ فيها نظرك عن الوُجهة لا يعلم أحدٌ عدد المرات التي كدَتَ تختنقُ فيها من ذاك الحبل الذي لم يزل يطوقك وأنتَ تحاولُ الفرارَ منه , لا أحد يعلم كم خانتك قواك وكم مرةً خذلتك الحياة .. لا أحد يتصوّرُ مقدار الدموع التي تختبئُ وراء البسمة المرتسمة على وجهكقد يغيبُ عنهم أيضًا ساعاتِ السهر و إنهاك الجسد .. قد لا يعلمون كم حرمتَ نفسك النومَ لتصل ل "هنا" .. وما هُنا إلا تلك النقطة التي بالنسبة لك ليست إلا بداية الطريق , تلك النقطة التي تمثل انتهاء الإعداد وابتداء العمل الفعليّ ! وبالنسبةِ إليهم هي قمة المجد!!! وهل للمجد قمة ؟ وهل للأحلامِ حدود ! مُجرّد الإعترافِ بذلكَ هو وأدٌ لكلُ ما هو جميل فيكَ.. أوتعلم ؟ ليس من المهم أن يعرف أحدٌ كلّ هذا , ولا أنتَ أصلًا يجب أن تلتفت إلى تلك المحطات المُتعبة . المهم هو أن تعرف أين أنت الآن ؟ ما موقعك تحديدًا من خريطتك أنت , تلك التي رسمتها لنفسك لا التي رسمها لك الآخرون .

مهما بلغ بكَ اليأسُ أو استبدَّ بك الألم لا تسمح مطلقًا للآخرين مهما بلغتْ درجة قُربهم منكَ أن يسلبوك ذاك الشغف بالحياة أو العلم أو الحلم أو الحب ! قد لا يعلمون أنك تقتاتُ على هذا الشغف و عليه تعيش ! كن على يقينٍ دائما ان النجاح ليس في الوصول بقدر ما هو في الطريق .. النجاح هو كيف تتعامل مع هذه القيود وألّا تسمح لها بأنْ تحولك إلى قيدٍ لنفسك! أن تصير شيئًا فشيئًا مُستنسخًا من كل هؤلاء السلبيين المثبّطين من حولك .. الحياةُ كئيبةٌ بما يكفي لا تزدْ الطينَ بلةً على نفسك .. أنتَ أملك الوحيدُ بعدَ الله سبحانه وتعالى.

عندما لاحظتُ تلك النظرةَ المليئة بالفخر والإعجاب في عينيها فرحتُ, وما فرحي لإعجابها بي ولا لفخرها ولكنْ لأنني كنت أشتهي أن أخبرها أن هذا الذي تفخر به ليس شيئًا مما أريد بُلوغه أصلًا ! أن كل هذا الذي تراه ليس إلا فراشة لم تُحلّق بعدْ وأنَّ كل هذا محضُ محاولات لفكّ القيد وأنَّ الرحلةَ الحقيقةَ لم تبدأ بعد !لم أدرِ إن كانت ستفهمني إنْ قُلتُ لها أن ما تفخر به محض محاولة للحياة ..وأنّ الحياة الحقة تبدأ متى ما تحررت الروح من الجسد !! ربما حياتنا الدنيا كلها مرحلة إعداد !! لأننا إذا ظننا أننا انتهينا من الإعداد متنا !الحياة الحقيقة هي تلك التي نقدم لها .. "يقول يا ليتني قدمت لحياتي " ليست ها هُنا أبدًا !.يومها ستحلمنا أجنحتنا التي زادتها محاولات الفكاك قوةً وصارت أقدرَ أن تحملنا لبعيدٍ .. لأبعدَ مما كُنا نظنُّ أو نتمنى. لديّ يقينٌ أنه كُلما زاد ثُقل الحجر الذي يقيدُنا ازدادت أجنحتنا قوةً وكُلما استبدتْ بنا الحياةُ أتينا بما لم نكن نتوقعُ وكلما حاصرتنا الظروف وَجدْنا سبيلًا لم نكنْ نتصورُ وجوده ولديَّ ثقة مطلقة بــأنَّ الله أعدل من أن يترك فراشةً تحاول الفكاك من قيود الدنيا و الخروج منها كفافًا لا لها ولا عليها دون أن يُجازيها بعطفه لا بعملها نظرةً إلى وجهه الكريم تُنسيها ثقل تلك الصخرة التي تجرها خلفها وهي تسير حثيثًا لا تبتغي بذلك إلا وجهه الكريم !! "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا " 


  • 6

  • زهرة الوهيدي
    أكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)
   نشر في 02 فبراير 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا