انفصالٌ عن العالم! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

انفصالٌ عن العالم!

الشعب المسعدن..

  نشر في 21 شتنبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 07 يناير 2023 .

هناك أمر قلّما نتحدث عنه، أمر في غاية المأساوية والكارثية والخطورة. من يشاهد العالم ويقرأ أحداثه ومشكلاته السياسية والاقتصادية والعسكرية كذلك، سيجد عالما مشتعلا، بل وكما يقول البعض عالما "على شفا حرب عالمية ثالثة"! وذلك ليس من قبيل التحليلات المُبالغ فيها، وإنما هو تحليل فيه شيء من الدقة والصحة، لا سيما بعد الأخبار التي انتشرت وتنذر بأن بوتين قد أمر بالتجنيد الإجباري الجزئي وذلك لما لقاه هو وجيشه من مقاومة أوكرانية-غربية في قمة القسوة والشراسة باعتراف بوتين نفسه.

ذلك الأمر الذي أردت الكتابة عنه هو؛ انفصال الشعب المسعدن -تمام الانفصال- عمّا يجري في هذا العالم من وقائع وكوارث، يتعاملون ويتحدثون وكأنهم في عالم آخر، عالم لا يتأثر بظروف عالمنا هذا. وذلك والله أمر كارثي ومأساوي. إذ كيف يُفصل شعب بأسره عن أحداث العالم الذي هو جزء منه؟! وكيف يصل لهذه السذاجة المفرطة عندما يظن أن الذي يجري على بقية دول العالم لن يجري عليه هو!؟ كيف وصل هذا الشعب إلى هذاالمستوى المنحط والموغل في انحطاطه وتخلّفه وجهله؟

أقرأ وأُتابع أحداث وأخبار العالم بشكل يومي ليس لأني من مدمني القراءة مثلا، بل لأن ذلك واجب عليّ وعلى كل إنسان حي؛ أن يعرف ما يجري حوله، أن يسأل، أن يقرأ، أن يناقش، أن يبحث، أن يفكر.. هذا هو الإنسان الحر والحي الذي من المفترض أن يمثّل بدوره شعبا حرا وحيا كذلك. ولكن في الجزيرة العربية أو ما يسمى بـ"السعودية" نجد أُناسا يعيشون في قرون التراث والعزلة والخرافة والقدامة، نجد شعبا مدجّنا، مسيّرا، موجّها كما تريد له السلطة الفاسدة متمثلةً بأسرة "آل سعود" التي أثخنت في الأرض قتلا وظلما وفسادا وذلّا وقهرا على مدار قرن من الزمن.

لقد وجدت شعبا ليس كباقي شعوب الأرض، شعبا جُلّ همّه واهتمامه كائنٌ في المظاهر والمباذل والمفاخر، شعب مهووس بأرقام المتابعين ونظرة باقي الناس له، أكثر من هوسه وحرصه على حياته ومآلاته! وجدت شعبا يلاحق المشاهير والتافهين أملا في صورة أو نظرة، فإذا ما حصل عليها فكأنما قد حيزت له الدنيا بحذافيرها!! هذا شعب عرفته وعايشته وواجهته؛ لست متجنّيا عليه أو مُبالغا في وصفه، أنا أحكي واقعا عشته وشعب عايشته، وما زلت أُعايشه، ولكن من مكان أبعد.

إن الذي يقرأ ويتأمل أخبار العالم ويفهم ما يجري من حوله من مخاطر وكوارث، سواء المخاطر البيئية والطبيعية والعسكرية أو الكوارث الحقوقية والإنسانية والسياسية، إن من يقرأ كل ذلك ويعيه جيدا لن تراه منبطحا لأسرة ظالمة تسعى بكل ما أُوتيت من قوة ومال ونفوذ لغرس وتجذير الجهل في بنية شعبها، لتزيده أميةً وتخلّفا وانحطاطا وسخف قدر المستطاع والإمكان.

وهذا ليس بالأمر الجديد على أسرة آل سعود، فمنذ أن جاءوا بها الإنجليز، كان عمود خيمة وسلطة تلك الأسرة متمثلا بمدى قدرتها على تجهيل الشعب أطول مدة زمنية ممكنة، كما يُذكر أن عبدالعزيز بن سعود "المؤسس" كان يوصي أبنائه على الدوام ويحذّرهم من خطورة أن يتعلّم الشعب؛ فيقول لهم: احذروا على شعبكم من العلم والمعرفة. وقد نجحت تلك الأسرة في ذلك أيما نجاح، فمنذ أن أُنشئت دولتهم "السعودية" قبل قرن من الزمان وإلى يومنا هذا وشعب تلك البلاد فاقد لأتفه وأبسط مظاهر الوعي، وغارق في مستنقعات الجهل والتعصّب والعنصرية والذكورية والتخلّف، فوق ما كان عليه قبل مجيء تلك العائلة الملعونة.

واليوم وبينما العالم كله في غليان واشتعال واضحين، نشاهد شعبا لا يدري بما يجري في العالم من حوله، بل ولا يدري بما يحدث -حتى- على أرضه من اعتقالات وانتهاكات لا حد ولا حصر لها. وإن صادف ورأيت أحدا منهم متابعا أو مطلعا على ما يحدث، لا تلبث حتى تُصدم بمستوى تفكيره المنحط الذي يصوّر له أن ما يحدث في أوكرانيا مثلا لن يؤثر علينا نحن! أو أن يقول الزلازل والكوارث الطبيعية التي وقعت في كثير من بلاد العالم، لن تقع علينا نحن خاصة وأن لدينا مكة والمدينة!!

مكة والمدينة التي استغلها آل سعود لقرن من الزمان فجنوا منها ترليونات الدولارات، ثم يأتون متبجّحين ليقولوا لنا وللعالم: "نحن من يرعى المسجدين؛ الحرام والنبوي، ويتحمّل نفقاتهما"!

أريد أن أقول من كلامي هذا أن ذلك الشعب المسعدن لا زال غارقا في ظلمات الجهل والتجهيل، وأنا إذ أُقرّ بدور السلطة في عملية تجهيله وتتفيهه، فإني لا أنفي دور الشعب ذاته عندما رضي واستكان لهذه الأسرة الفاسدة كل تلك العقود الماضية، فلم يتحرّك ولم يسمح لأحد أن يتحرك. وكل الذين طالبوا وتحرّكوا هم اليوم إما في السجون أو في المنافي أو في المقابر.

للأسف الشديد أن أرى كل شعوب العالم تثور ضد الفساد والظلم والقهر والطغيان، بينما شعبنا غارق في سباته العميق متجاهلا الظلم والقهر والذلّ والفقر والغبن، أأسف عليه لأنه مغمىً عليه؛ فلا يدري ماذا جرى يوم أمس ولا ما يجري اليوم وليس مهتما لأن يعرف ماذا سيجري غدا.. شعب سلّم أمره وحياته ومصيره لهذه الطغمة الفاسدة "أسرة آل سعود" ومن معهم من أعوان وعبيد.

وبصراحة وكما قلت في كتابات كثيرة؛ الأمل بالتغيير نعلّقه بالله ثم بالجيل الجديد القادم الذي سيدرك معنى حياته وحقوقه وكرامته وحريّاته، ذلك الجيل الذي سيأخذ من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دستورا ومنهاجا له. أما جيل عبدة المشاهير والتافهين ورعايا المستبدين والتابعين فلا أمل ولا خير فيه على الإطلاق.

وقد يرى البعض في كلامي هذا روحا تشاؤمية ومثبّطة للعزائم، غير أني أرى عكس ذلك، فلا أرى فيه غير روح واقعية ومنطقية، وبما أني لا آمل خيرا في جيل العبيد، فذلك لا يعني أن التغيير مستحيل، فهناك جيل جديد قادم؛ أبنائه وبناته يتعرّضون اليوم لزلازل فكرية وموجات تنويرية رهيبة، وهم/ن من نأمل منهم/ن أن يُحدثوا ذلك التغيير الجذري المرجو. فالأجيال التي سبقتهم لم يعد ممكنا استنهاضها وتوعيتها والتعويل عليها، لأن المرض فيها قد تفاقم وانتشر وفتك بكامل الجسد.



   نشر في 21 شتنبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 07 يناير 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا