كورونا وموجة التسونامي الديموغرافية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كورونا وموجة التسونامي الديموغرافية

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 31 مارس 2020 .

كورونا وموجة التسونامي الديموغرافية

..هيام فؤاد ضمرة..


في خضم التحولات الحضارية والتقدم العلمي والصحي فقد تزايد تعداد المواليد في العالم، مقابل انخفاض معدلات تعداد الوفيات، وتزايد معدل ارتفاع الأعمار لدى كبار السن، وليس فينا من ينكر توقعه مع هذه الزيادات للوصول إلى ارتفاع سكاني هائل بمعنى حدوث انفجار سكاني فوق أرض البسيطة يؤدي إلى إعاقة التوازن الغذائي بين ما تنتجه الأرض من مواد غذائية وبين ازدحام الأفواه الجائعة مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة وخطيرة، ومن الطبيعي أن تتكاثر الدراسات المستفيضة خاصة من أولئك المتابعين للزيادات السكانية المطردة، فهناك مدن في بلاد العالم فاق تعدادها تعداد الدول، وبلغت مبلغا من التضخم بالأعداد فاق التصور، فالصين وفيها أكبر كثافة سكانية على سبيل المثال تزايد عدد سكانها لأكثر من عشرين ضعف عن تعدادها قبل مائة عام، وبلغ تعداد سكان عاصمتها شنغهاي إلى تسعة وثلاثين مليون نسمة، وكذلل مصر من الدول العربية زاد تعدادها لحوالي أربعة أضعاف العدد الذي كان عليه قبل مائة عام .. وقس على ذلك مدن ودول كثيرة سارت على نفس طريقهم.. والعالم بمجمله زاد تعداده ست مرات عن تعداده قبل مائة وخمسين عاماً.

وعلى هذا التوقع جاء كتاب الانجليزي (مارتن ريس) بمؤلفه (ساعتنا الأخيرة) عام 2003م محذرا من أن الزيادة السكانية في العالم عبارة عن موجة تسونامية هائلة سوف تغرق العالم بالرعب لاشتداد الأزمة على الغذاء والماء والمكان، ولن ينقذها إلا حروباً عالمية طاحنة أو وباءًا مجنونا يطيح بحياة الملايين، كمثل ما حدث في أوروبا حين حصدت الحروب العالمية الأولى والثانية قرابة 70 مليون نسمة.. فالقارب الممتلى عن معدل سعته الطبيعية مؤهل للغرق مع أقل ضربات الموج، كما توقع حصول وانتشار أوبئة خطيرة تحصد الأرواح بالملايين.. فجنون الانفجار السكاني يعدله جنون الموت الجماعي السريع.

لكن ما الذي يجعل العالم يضع يده على قلبه أمام تزايد عدد سكان الأرض؟ فالطبيعة تقول أن معدلات النمو الزراعي بطيئة جداً أمام معدلات الزيادة السكانية، وايجاد طرق حديثة ومتسارعة للحصول على المواد الغذائية، جعل الانسان لا يعدم طريقة من طرق التطور لا يستخدمها ليوائم بين أعداد البشر واحتياجاتهم الاسكانية والغذائية والصحية، مع وقف أو تخفيف نسبة الهدر العام الذي يضيع سدى.

وهنا كان لا بد من الوقوف أمام دراسة تاريخية قديمة جداً حول موجبات العمل للحفاظ على التوازن الطبيعي بين التعداد السكاني والانتاج الغذائي أحدثت ثورة هائلة في وقتها المبكر.

فقد حققت نظريات عالم الاجتماع السكاني البريطاني (توماس روبرت مالتوس) عام 1808م إثارة هائلة في مسائل توقعاته في إمكانية حدوث انفجار سكاني على سطح الكرة الأرضية قبل ما يزيد عن مائتي عام، وعرض بحثه من خلال كتابه الشهير (بحث في مبدأ السكان) الذي أثار في حينه ضجة هائلة وحملت نظريته اسمه في علم السكان.

وقيمة أبحاثه تكمن بربطه مسألة حدوث الانفجار السكاني وعلاقته بالانتاج الغذائي العام وارتباطهما بعامل الزمن، فقد كان مالتوس من أوائل من قدم بحوثا بهذا الجانب الاجتماعي العميق ولم ِيكن سبقه بهذا أحد من قبل باستثناء أسبقية ابن خلدون في علم الاجتماع لكن ابن خلدون لم تكن تتبدى أمامه ظواهر الزيادة السكانية بحجمها الحالي.

إلا أن مالتوس تحدث عن التنامي السكاني المتوقع، وسرعة النمو المرتبط بالتطورات العلمية والمعيشية، وعلاقتها بالانتاج الاقتصادي والتبديد الاستهلاكي، وتعرض لقيمة الإنسان العاطل عن الانتاج كيف أنه سيشكل بعيشه فوق الأرض ضغوطا استهلاكية فائضة لا يجب أن تكون، والأولى به إخلاء مكانه للأجيال الجديدة المنتجة، والشعوب المتحضرة.

هول العبارة كفيل بإثارة ثورة لمن لديه ميول للحس الإنساني، خاصة أنه أول من أثار فكرة ضرورة وضع قوانين وخطط جهنمية تكبح الزيادة السكانية على وجه البسيطة، وأخرى تقلص من تعدادهم قد المستطاع، خاصة لمن لا يملكون الثقافة والحضارة والبصيرة وضعيفي الانتاج، فالمستهلك تكمن فائذته بالكسب المالي، لكن حتى الكسب المادي إذا كان على حساب عيش البشر، ممكن التضحية به من خلال افتعال الحروب على أراضية للتخلص من أكبر عدد منهم، أو إفقاره إلى الحد الأدني، والتخلص منه بواسطة الأوبئة المتلاحقة لتحقيق التوازن السكاني.

ويؤكد مالتوس أن العالم يعيش الزمن الحرج الذي يقترب فيه من حافة المنحدر السحيق، وأن التحولات الاقتصادية والتقدم العلمي والطبي، يترافق بالغالب مع بروز مشكلات اجتماعية وغذائية وطبيعة معاشية غاية بالأهمية، وتعتبر خطيرة على حالة العيش العام، فذلك سيتسبب بالبطالة لعدم قدرة الحكومات على خلق فرص عمل جديدة باستمرار للأجيال المتدفقة، وعلى رفع أسعار السلع لزيادة الطلب عليها، وقصور ماء الشرب عن الايفاء بحاجة كل البشر لأن دورة الماء في الأرض هي دورة متجددة وفق سلسلة محكمة في دائرة كبيرة، فمن الماء ذاته شربت كل مخلوقات الأرض من مبتدأ خلقها حتى الآن.

ثمة أمر من الطبيعي أن يحدث بقصور بتوفير المواد الاستهلاكية الضرورية للحياة في ظل بطء الأرض على الانتاج، والتنافس البشري على رقعة المكان في المدن الكبيرة، والبحث بجدية عن وسائل غذائية بديلة، أو وسائل انتاجية سريعة، أو رقع مكانية على سطح البسيطة غير مستغلة، ومخازن مياة توفر حاجة الناس، ويشكلون ضغطا على الهيئات والمؤسسات العلاجية، ولا يرى مالتوس إزاء هذا الواقع مناصاً من التضحية ببعض البشر من خلال إحلال قوم متحضر محل قوم متخلف، وإحلال القوي محل الضعيف، فحق العيش دوماً أولى بالأفضليات.

ولعل الصين من الدول التي أفاقت فجأة على انفجارها السكاني، فوضعت قانون انجاب الطفل الوحيد ثم عادت تراجعت عنه حين قل تعداد الشباب مقابل كبار العمر مما سيعيقها في خطتها بالتقدم الحضاري الانتاجي، وبحثت في كل شيء يمكن استغلاله في التغذية خاصة المواد البروتينية، لهذا رأينا شعبها يأكل العجب العجاب، وراحت حكومتها تبحث عن وسائل التوسع الزراعي خارج حدودها رغم اتساع رقعتها الجغرافية وتنوع طقسها وطبيعة مناطقها، فاستأجرت لذلك مساحات شاسعة في أواسط إفريقيا لاستغلالها بالزراعة وتربية الحيوانات، وأخضعت مختبراتها لأعمال البحث العلمي البيولوجي ولم يحرجها أن تعمل شراكة مع دول غربية متقدمة لهدف الاستفادة لأكبر قدر ممكن من التقدم بالبحث والوصول إلى أوبئة مختارة.

مالتوس صاحب الرؤية المستقبلية المبكرة يجعلنا اليوم نعيد البحث بمباحثه لنتأكد أنه كان سابقا لعهده في التفكير وفي التوقعات المصيرية لعيش الإنسان على سطح الأرض المعني بإعمارها، كان باحثا متحرراً من عاطفته، لهذا جاءت أبحاثة كالقنبلة النووية في حينها.

فقد لاحظ أن هناك عدم توازن بين قدرة السكان على التناسل والتزايد، وقدرة الأرض نفسها على الانتاج الغذائي، وتوقع أن هذه الحالة على المدى البعيد سوف تخلق معضلة كبيرة سوف تواجهها البشرية وسوف تتمخض عنها الكثير من المأسي الإنسانية غير العادية، فسيتنافس البشر على حب البقاء وفي أثناء هذه المنافسة سوف يُسقط قيمه وإنسانيته ويستخرج حيوانيته، وهنا سيدخل العالم نفق الرعب الحقيقي.

في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الفائت بدأ العالم يتحسس مشاكل الانفجار السكاني فوق الكرة الأرضية، والإرتفاع المتواصل بالأسعار، وتزايد البطالة وتراجع الاقتصاد العالمي وفشل النظام الرأسمالي الأمريكي، واعتراف القيادات الأمريكية اليوم بأن الزيادة المطردة بتعداد سكان الأرض هو العائق الأكبر أمام التطور الاقتصادي والعلمي والاجتماعي في العالم، وهم يرون أن عليهم وضع خطط سريعة ومبكرة لمنع وصول تعداد سكان الأرض إلى المستوى الخطير، من خلال "خلق ظروف موت متعددة" تقضي على عشرات الملايين بين فترة وأخرى لضمان إنقاص تعداد البشر، وعملية ابتكار طرق جديدة اعتبروها رحيمة طالما يشعر الناس أن الموت بهذه الظروف هو قدر، حيث قتل مليار بالأوبئة والحروب أهون كثيراً من قتل مليارين أو ثلاثة لهذا فعامل الوقت بات مهمًا وضرورياً من خلال التحرك السريع، ولذلك أخذوه في حسبتهم قبل الانفجار الأكبر للبشر.

فاتخذوا لأجندتهم عدة وسائل من خلال السيطرة على الولادات بوسائل تنظيم الحمل وبث مواد بالأجواء أو من خلال خلطها بمياه الشرب للتقليل من الإخصاب، ورفع معدل الوفيات خاصة لدى كبار السن الذين يشكلون بكلفة عيشهم، وتأمين علاج أمراضهم، ضغطاً كبيراً على ميزانيات الدول مقابل توقف هؤلاء عن الانتاج، ومثلهم المعاقين وأصحاب الأمراض الميؤوس من نجاتهم، ثم استخدام الوسائل الخبيثة في إثارة الفتن وضرب جهات الاختلاف ببعضها والدفع بهم قسراً وحيلة نحو الحروب، وبث فيروسات الأوبئة المتلاعب بها جينيا لتؤدي الغرض في ذلك بصورة جيدة وتحصد من أرواح البشر الملايين بكل سهولة ويسر، وكلها كما رآها مالتوس وسائل تكبح عملية الزيادة السكانية فوق الأرض وتحفظ عملية التوازن بين عدد البشر وقدرة الأرض على الانتاج الغذائي.

فهل هذه الفترات التي كثرت فيها الأوبئة القاتلة، هي بسبب من أتي وأخرج نظرية روبرت مالتوس السكانية من أدراجها الخلفية، ووضع نظرية البحث لمالتوس في موقع التطبيق، من نظرية بحث وتنظير إلى عملية تطبيق وإبادة جماعية واقعياً؟.. ألا ترون معي أن وجود حكام متهورين وغير حكيمين يسهل لهذه النظرية تطبيقاتها؟.. وهل ستكون نظرية مالتوس لعنة أهل الأرض ورعب هذا الزمن، الذي يحمل بين طياته اقتراب نهاية الأرض وإنسانها؟

كل النتائح التي تصورها مالتوس وتنبأ بتوقعاتها، ها نحن اليوم نعيش واقعها ونشاهد آثارها رؤا العين، ونتلمسها بإحساس المراقب القلق، والمسؤول المتحفز، باتت كل التوقعات واقع تعاني منه كل دول العالم وشعوبها قاطبة، والإنسان العادي من حقه أن يفكر ويحلل ويتنبه للمجريات الخفية، طالما ثبت أن هناك جهات تمنح نفسها الحق لأن تخلق واقعا موبوءًا توزعه على دول العالم دونما رحمة، ولا حتى شعور إنساني، بهدف اختيار البشر الداخلين بمشروع الموت الوبائي.

ألأ تروا معي أن الوضع في مجمله مثير للاستغراب والتساؤل، إذ ما الذي حرك حكام العالم ليترأسوا عملية التصدي لفايروس كورونا المتحول الجديد دون عن كل الحالات التي سبقته رغم تعددها بشكل غير معهود منهم ذلك، وكيف توقفت الحياة كلياً وتجمد الانتاج الذي لطالما تنافس على مصالحه الكبار بسباق محموم، فهل هناك اتفاق ما بين الحكام للوصول إلى النتيجة التي تحدث عنها الإنجليزي مالتوس؟.. هل شعوب العالم تواجه مؤامرة قاتلة على البشرية بقصد واضح مع سبق الإصرار؟.

هل نحن حقاً نتعرض اليوم لحرب بيولوجية تجريبية من نوع جديد للإطاحة بحياة قسم كبير من البشر؟ إذ بأي وسيلة توزع الفايروس على دول العالم بهذه السرعة وبهذه القوة؟.. هل حقا ليس هناك عقارًا ناجعًا، ظاهرًا أو مخفيًا في خزائن مختبراتهم، حتى يوقف هجوم الفايروس أو يعالج أعراضه بالصورة الناجحة لإنقاذ حياة المصابين؟ أم هناك خطة لإظهاره متأخرا بعد فوات الأوان؟.. فالخوف كل الخوف أن يتحول هذا الفايروس إلى انفلونزا موسمية من شأنه أن يوقف الحياة الاقتصادية ويستهلك الجهود لمحاربته سنوياً.

ففي زمن يتسيد فيه الزيف والكذب والتلفيق، وفي زمن تدعي فيه بعض الدول امتلاكها للقوة لتهيمن على العالم، سيكون للتزييف دور كبير يفوق التصور من أجل فرض أنظمة القوة والهيمنة، فإنه على الدوام سوف تنشأ فئة المستفيدين من الذين يعرفون المستخبي ويلتزمون الصمت، لأن مصالحهم تجعلهم إما محايدين أو مستفيدين من خلف الأبواب المقفلة؟؟

كان العالم بدأ منذ سنوات يتحدث عن أسلوب العلاج بالخلايا الجذعية، وببلازما الدم، وأن هذا العلاج ثورة في عالم الطب، هل هذا النوع من العلاج يملك ذات الأثر العلاجي على كوفيد19؟

فإذا كان يمكن ذلك لم لا تجرى التجربة على الحالات الصعبة قيد الإصابة، كون أسلوب العلاج معروف منذ زمن غير قليل، ولا أظن أن أولئك الذين تشافوا من الفايروس سيبخلون بالتبرع بدمائهم.. ومن هنا تدور شكوكنا حول كل المجريات حين الأمر يكون ميسرا ونراهم يضعون أمامه التعقيدات

عبقريتنا نحن البشر أننا أدركنا حدود طاقتنا وإمكانياتنا، كما أدركنا ضعفنا أما جبروت هذه الحياة وجبروت الطبيعة، إن البطون الخاوية توقف تقدم الحضارة وتعطل أمن حياتنا.. وحتى رفاهية عهد الطاقة سوف تتلاشى أمام التدفق السكاني العالمي وشح المياة والغذاء وتلوث الأجواء واتساع الثقب الأسود وتأثيراته على تغير أجواء الأرض، وتعاظم عدد النكبات الطبيعية من أعاصير مدمرة، وفيضانات خطيرة، وأمواج تسونامية ساحقة، وزلازل ماحقة.

وبعد.. هل كورونا موجة تسونامية مفتعلة تستخدم باتفاق دولي لحصد ملايين الأرواح من البشر قبل تراجع موجتها وانسحابها، التي راح يعلن عنها الحكام غير المتخصصين وليس العلماء المشتغلين بها؟.. رحماك إلهي.


  • 5

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 31 مارس 2020 .

التعليقات

أنور منذ 4 سنة
كلام منطقي
2
Dallash منذ 4 سنة
كلام في منتهى الاهمية حفظك الله
https://www.makalcloud.com/post/7tuwepuui
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا