لا يوجد حب مثالي في العالم؛ الحب المثالي هو أن تحب نفسك بكل عيوبك؛ ألا تتظاهر بأنك بخير دوماً حتى لايشفق الناس عليك، حتى لا تلوم قلبك على الحزن الذي يجتاحه؛ لأن الحزن كالسعادة أمر لابد منه؛ إن حياتك لن تستمر إذا ضحكت فقط، فكثيراً ما يحتاج قلبك لتلك الدمعة التي تبوح بألمه وتريحه ..

الحب المثالي ألا تضع ثقتك المطلقة بأن حبك سيدوم لمدى الحياة؛ قلب جيداً في سطور حياتك وستجد أن أكثر الأناس الذين آلموك هم أولئك الذين أخصلت كل الإخلاص لحبهم؛ أنا لا أدعوك لتخون الوعد، فالإنسان الخائن لا يستحق لقب الإنسانية؛ كن فقط إنساناً وتجرد عن نظرتك المثالية للحب والحياة، فالحياة لم تخلق لتكون مثالية لأي أحد.

عندما تتيقن من هذا ستكون أقوى مع الأيام؛ الإنسان الناجح هو الإنسان الذي يستطيع أن يتجاوز فشله لا أن يصارع ما تبقى له من حياة مواجهاً صدماته التي تلاقاها من الناس؛ عليك أن تكون مثابراً في حياتك دون أن تنتظر من أحد أن يمد لك يد العون عندما تسقط؛ اجعل دعائمك تكون إيمانك المطلق بنفسك وأن الحياة لم تخلق لتكون عادلة أو مثالية لأحد.

كل تلك الدروس التي علموك إياها عندما كنت صغيراً تجاهلها؛ قصص البراءة هذه أوجدت لنا عندما كنا أطفالاً؛ لكنها اليوم لم تعد تبرر شيء؛ فالحق لا ينتصر دوماً في النهاية، والوحش لا يموت في نهاية القصة، والخير لا يعم على أهل القرية الطيبين؛ والمظلوم لا يعاد حقه مع الأيام .. فالسفاح بيننا وهو نحن؛ والملك الجاحد المتسلط يفرد جناحيه ويحلق فوقنا ويقترب، والأمير كذب على الأميرة فهو لم يحبها يوماً إنما تهيأ له؛ والقاضي قد ارتشى وأمر بإعدام المظلوم ... 

لكن لحظة واحدة هل هذا يعني أن حقنا سيضيع في النهاية وأن الحياة هكذا ستنصر المجرم وتسحق المظلوم؛ ابداً لأننا لا نحزن لأن الله معنا؛ لكن الله أمرنا بأن نكون أقوياء بأن ندافع عن حقنا بيدنا، وندع الانتقام ليوم الحساب العظيم عندها ستوفى كل نفس ما عملت؛ الله ليس كما يصوره لنا الملحدون ظالم متشفي بالعباد، لكن الله أرسلنا لنكون الحكم والحاكم؛ "وما ظلمناهم لكن كانوا أنفسهم يظلمون"؛ تظلم نفسك عندما تدعها تغوص في أعماق أنك الضحية، وأن حكايات ألف ليلة وليلة ستأخر موتك.

إذا كان هناك وقت لأي شيء فهو الآن، إذا كان هناك أي كلمة عالقة في جوفك فالآن هو الوقت المناسب لتقولها، لكن حذاري أن تجرح بلسانك أحد؛ أو أن تستنزف طاقاتك في التفكير في من اساء إليك؛ حقك أنت مسؤول عنه لكن إن أساء إليك أحدهم وعفوت فالرب سيحفظ حقك وسيعاد إليك؛ إن كان هناك من عليك أن تحصل منه حقك فهو جلادك،؛ وليس إنسان عابر تصرف بدونية معك؛ هذا العالم ليس مثالياً ابداً ولن يكون .. 

عليك أن تدرك أن قوة التخيل هي أعظم قوة تحكمك؛ فأكثر ما يقف بوجه الإنسان هو تخيله للفشل والوقع؛ كم من شخص التقيته وتعلقت روحك به حتى اعتقدت أنك لن تستطيع العيش بدونه؛ ثم افترقتما وبعد وقت أدركت أن تواجد هذا الشخص كان مجرد اعتياد، وأنك كنت تعيش في قمة التخيل عندما ظننت أن حياتك ستنتهي عندما سترحل عن هذا الشخص!

ستلقتي وتودع؛ أحياناً سيكون فراق الناس بلا مبرر ولا سبب، ستشعر كثيراً بالوحدة وبأن حياتك بلا غاية؛ لكن سرعان ما ستكشتف أنك كنت تعيش في عالم مزيف، لأن العالم الحقيقي الوحيد هو العالم الذي تسعد فيه أنت ذاتك مهما كنت وحيداً.

أكتب إليك يا صديقي هذه الكلمات من قلب كان يتمزق لأيام قبل أن يقرر أنه يتخيل الألم؛ قبل أن أدرك أن الحزن هو مجرد لحظات لا يمكنني أن أدعها تقف في وجهي، من حقي أن أحزن وأن يسيطر الاكتئاب على حياتي، لكن العادي أن أبقى هناك في حين أن هناك عالم بكامله ينتظرني، عالم ليس فيه من المثالية شيء، سوى ما تقدمه لنفسك من نظرة مثالية!!

د