لقد عانت المجتمعات منذ قديم الأزل من العنصرية، و شهد العالم حروب و صراعات بسبب العنصرية.
فشاهدنا الحروب الأهلية و الاحتلالات بسبب العنصرية العرقية و العنصرية الدينية و العنصرية الفكرية.
و لم يتخلص العالم من تلك الظاهرة القاتلة بل أخذت تستمر و تتطور إلي أن ظهرت ظاهرة التنمر، التي هي أحد أشكال العنصرية.
التنمر هو العنصرية الشكلية! بمعنى يضع كل إنسان بعض معايير للجمال الشكلي و من يخرج عن تلك المعايير لا يُصنف جميلاً أو جذاباً و يبدأ التنمر به.
فشاهدنا التنمر على أصحاب البشرة السمراء، و على أصحاب البشرة البيضاء؛ فمن يُصنف الجمال بأنه الحصول على البشرة البيضاء يتنمر بأصحاب البشرة السمراء، و العكس صحيح.
و شاهدنا التنمر بمن يعانوا من السمنة، و التنمر بمن يعاونوا من النحافة. و التنمر بأصحاب الشعر الناعم و التنمر بأصحاب الشعر المجعد...إلخ.
إلي أن تطور الأمر و أصبح هناك أشخاص تجردوا من الرحمة و يتنمرون بأصحاب الأمراض، كالشلل و البهاق و الصمم و القزامة...إلخ.
و انتشر التنمر بين كل الأعمار و كل الطبقات الإجتماعية؛ فرأينا أطفال يتنمرون بزملائهم، و شباب في الجامعات يتنمرون ببعضهم البعض، حتى الشخصيات الإجتماعية نالوا حظهم من التنمر بهم و بعائلاتهم.
لقد اقترنت ظاهرة التنمر بالقسوة و الغلظة و الشماتة في المرض. و هذا أن دل على شئ يدل على إنحطاط المجتمعات التي نعيش فيها.
و رغم محاولات صُناع الفن التحدث عن تلك الظاهرة و الدعوة إلي الحد منها، و محاولات الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي للقضاء على تلك الظاهرة إلا أنها لا تموت ولا تنتهي بل تزداد.
و لكن يبقى السؤال على من تتنمرون؟ هل على الخلق أم الخالق؟ لقد أغفل الناس أن الله-سبحانه و تعالى- قد خلقنا في أحسن صورة.
لقد أغفل الإنسان أن الاختلافات في أشكالنا ما هو إلا اختلاف لندرك منه أن الكمال لله وحده و أن لا أحد من بني البشر كاملاً.
لقد تجاهل الإنسان أننا خُلقنا بتلك الإختلافات لنُكمل بعضنا البعض. فالله خلق الذكر و الأنثى، و خلق طوال القامة و قصار القامة، و خلق البدين و النحيف...
إن مجتماعتنا أمام حرب التنمر، الذي هو أخطر من الحروب السياسية. فالتنمر جعل الإنسان يتخلى عن إنسانيته و آدميته لمجرد قول جُملة أو كلمة مُضحكة من وجهة نظره و لكن واقعها قاتلاً على من يتم التنمر بهم.
يجب على كل إنسان أن يعي أهمية اختلافاتنا، و يعي أن لا يوجد مقياس واحد للجمال ولا مقياس واحد للكمال، يجب على كل إنسان أن يعي خطورة ظاهرة التنمر و أن تنمره لا يقع على شخص بل يقع على ما خلقه الله (حاشى لله).
-
آلاء نشأتلمتابعة موقعي الرسمي على انستجرام يُرجى الضغط على علامة الكرة الأرضية