بين الفيزياء والروك...
هل أنت في مكانك الصحيح ؟
نشر في 06 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إن كنت من المهتمين بعلم الفيزياء فلاشك أنك سمعت من قبل بالبروفيسور براين كوكس Brian Cox.
وأيضا إن كنت من عشاق الروك فربما يكون هذا الاسم مألوفا بالنسبة لك.
ما لفت نظري في هذا الشخص هو أنه تحول من نجم روك إلى عالم فيزياء! وطبعا الفرق بين المجالين كبير وواضح (بالتأكيد أنا لا أقصد أنه لا توجد علاقة بين الفن والعلم).
ولد البروفيسور براين في 3 مارس 1968 في مدينة أولدهام ببريطانيا. كان منذ طفولته شغوفا بالفضاء الخارجي وكان يزور مطار مانشستر كلما سنحت له الفرصة من أجل رؤية الطائرات ومراقبتها.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية بدأت تظهر ميوله الفنية خصوصا فيما يتعلق بالروك. وبعد حضوره للعديد من الحفلات الموسيقية وازدياد اعجابه بالمغني ديفيد بوي قرر أنه سيصبح نجم روك، والتحق بأحد الفرق الموسيقية و تدعى Dare.
أصدرت الفرقة عدة ألبومات ناجحة وأحيت العديد من الحفلات الناجحة (بدأ كوكس بالعمل مع الفرقة وعمره 17 سنة) وسافر الى عدة بلدان، لكنه بعد ذلك أخذ ينتقل إلى فرق أخرى. وإن كنت أرى في الحقيقة أن تلك الانتقالات تعبر عن أن الروك ليس مجاله الحقيقي.
الغريب أنه عندما بلغ 22 سنة، عاد كوكس إلى وطنه والتحق بالجامعة ليدرس الفيزياء، وبعد تخرجه اعتزل الموسيقى بشكل نهائي، رغم أنه تلقيه لعروض للعودة الى الروك مجددا لكنه رفض ذلك. وهو الاَن عالم فيزياء شهير ويقدم عدة برامج وثائقية ومحاضرات علمية وهو يشعر بالسعادة لأنه وجد مكانه الصحيح.
هذا رابط لأحد محاضرات براين كوكس:
قصة براين ذكرتني بأشخاص كثيرين أعرفهم شخصيا، يكتشفون في أنفسهم ميولا وشغفا لمجال معين... ولكنهم لا يدرسونه أو يقتحمونه بسبب فكرة بغيضة في رؤوسهم. هذه الفكرة هي :
بعد كل السنوات والجهود التي بذلتها في مجالي الحالي، أنتقل الى مجال اَخر ؟!
وما المانع؟ إن كنت أجد متعتي وشغفي في مجال ما... فلأذهب إليه جريا!! لدي حياة واحدة فلم لا أقضيها في القيام بما أحبه؟
جهدك الذي بذلته في مجال اَخر لن يضيع فبفضله اكتسبت خبرات ستكون دعامة لك أيا كان ما ستفعله في المستقبل. أي معرفة اكتسبتها في حياتك هي إضافة لك.
فكر جيدا، هل تحس أنك راض بما أنت عليه؟
الحقيقة أن العديد منا يسير في طريق لا تناسبه. هل التحقت بالتخصص العلمي لأنك فعلا تريده؟ ام أنك تجاهلت ميولك الأدبية لإرضاء عائلتك أو مجاراة صديقك ؟؟
هل حقا تحب وظيفتك الحكومية؟ أم أنك تتجاهل طموحك في افتتاح مشروع خاص بك خوفا من سخرية زملائك؟
ألا تشعر أنك بهذا الأسلوب الذي تعيش به تحقق أحلام غيرك وليس أحلامك أنت؟
إلى متى ستضيع الوقت؟ فكر جيدا، وقرر مالذي ستفعله ومالذي ستغيره؟ لا تحجز رغباتك في داخلك، لا تتجاهلها بحجة (لقد بدأت مجالا اَخر وانتهى الأمر)
مجالك الحالي يا صديق(ت)ي ليس ثقبا أسود تدخله ولا تخرجه منها أبدا!! لا، جميعنا نستطيع أن نبدأ أي شيئ نريده في أي مرحلة وفي أي سن كان.
يجب أن تتمتع بالشجاعة الكافية لاتخاذ خطوة مصيرية، فقد قيل:
الشجاعة أعظم فضيلة لمن يسعون وراء أسطورتهم الذاتية
وطبعا لا حاجة إلى أن نذكرك بعدم الاهتمام بكلمات الناس وسخريتهم، فما يناسبك أنت ليس بالضرورة أن يناسب الاَخرين.
براين كوكس نموذج لشخص أدرك مكانه الصحيح وتمسك به، طبعا هناك كثيرون غيره ولكن قصته لفتت انتباهي أكثر.. لأنه غير مجاله الأولى بمجال مختلف تماما وأيضا لأنه بدأ دراسته في سن متأخر نسبيا (يتخرج معظم الناس من الجامعة في نفس السن الذي التحق فيه براين بالجامعة).
طبعا بقي أن أقول، لايوجد تعارض بين العلم والفن، فكلاهما مجالان رائعان يهدفان إلى الارتقاء بالانسان (وطبعا أنا أقصد الفن الهادف الملتزم والراقي وليس أي فن).
ولكن في النهاية (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) نحن نميل إلى شيئ واحد. وقد نميل إلى أمور مختلفة ولكن إن كنت لا تستطيع التوفيق بينها فاختر الذي يشعرك بالراحة أكثر.
-
شيماء عبد السلامفتاة غير عادية، تعيش حياة عادية