وائل حلاق ، بين مأزق الحداثة و تعدد مآزق الإسلام . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وائل حلاق ، بين مأزق الحداثة و تعدد مآزق الإسلام .

  نشر في 13 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 09 نونبر 2022 .

 

 كنت قد وجدت صدفة أواخر سنة 2014 غلاف كتاب وائل حلاق "الدولة المستحيلة" في الأنترنيت ، و من عنوانه استبشرت خيرا حيث اعتقدت أنه يقوض أركان أزعومة الدولة الإسلامية و عته الدعوة إلى إحيائها ، و لكن الكتاب ليس من ذلك في شيء ، فالكتاب صادر عن المطبعة الجامعية لجامعة كولومبيا الأمريكية ، و مند صدوره كثرت القراءات و النقود عليه ، فالذي خلق كل هذا اللغط حول الكتاب -في نظري- ليس محتواه العلمي بقدر عنوانه المستفز ، خصوصا إذا علمنا أنه صدر سنة 2012 أي في عز ما سمي بـ"الربيع العربي" ، و في فورة الصعود الإسلامي الحركي في معظم الدول التي عرفت هذا الحراك ، و هو ما ساهم في تنشيط الحوار السياسي آنئذ حول أسس دولة ما بعد الربيع العربي ، أينبغي لها أن تكون إسلامية خالصة ؟ أم مدنية علمانية ديموقراطية ؟ أو إسلامية مدنية حداثية أو بتعبير آخر "إسلامية علمانية" ؟ و هو ما اختلف في جوابه جذريا ، و تفصيل ذلك في القادم من الفقرات .

  عموما فإن الكتاب ينهض على أطروحتين اثنتين متمايزتين إلى حد ما ، تقول أولاهما: "بوجود علاقة تناف تام بل تناقض بين الإسلام بمعناه السياسي و بين الدولة الحديثة ، حيث يقوم الحكم الإسلامي على أسس مختلفة جذريا عن الأسس التي تقوم عليها الدولة الحديثة ، و بالتالي فمستحيل أن توجد دولة إسلامية مخصية عن أسسها و قائمة على أسس حديثة لا تتوافق معها جذريا" ، وتقول ثاني أطروحات الكتاب: "إن الحداثة برمتها (والدولة أحد تجلياتها) توجد في مأزق ، وهذا المأزق ذو طبيعة أخلاقية بالأساس ، و بهذا فالحداثة في مأزق و الإسلام ليس حلا أو بديلا للحداثة على الأقل آنيا ، و ذلك بالنظر إلى الوضع الحضاري المتخلف للمسلمين" ، كما جدير بالذكر أن وائل حلاق لا ينفي إمكان قيام الدولة الإسلامية كما قد يشي عنوان الكتاب ، و إن كان يربط هذا الإمكان بشبه المستحيل ، و هو تشطيب كلي للنظام الدولي و تفكيك الأسس السياسية التي يتراص فوقها بنيان الدولة الحديثة ، و بديل ذلك اعتماد الشريعة و أسس نظام الإسلام السياسية كما تتبدى في النصوص الإسلامية ، أما من ناحية مورفولوجيا الكتاب ، فهو يتوزع على مقدمة تمهيدية و سبع فصول وقعت في حوالي 354 صفحة .

  يبدأ وائل حلاق الفصل الأول الحديث عن مفهوم "النموذج أو البراديغم" الذي يسود في فترة زمنية من التاريخ ، و معنى ذلك أن في كل فترة زمنية يسود "مناخ فكري" يتضمن حدود معينة للمعرفة كما وضح سابقا "مشيل فوكو" و أطلق عليه لفظ "الإبستيمي" (1) ، و تصور معين للسياسة و شكل الدولة ، و نمط خاص للإقتصاد ، أي بشكل عام يتضمن كل براديغم أو نموذج فكري سائد في عصر من العصور تمثل عام لكيفية عيش الحياة الإجتماعية بكل تفاصيلها و ضروبها ، بناءا على ذلك مثلا من الناحية العلمية فإن وسائل و سبل تحصيل المعرفة في القرون الوسطى تختلف كليا عن وسائل المعرفة العلمية الحديثة ، فالإنسان يفكر في الفترة المعاصرة في مواضيع كان لامفكر فيها أو مستحيل التفكير فيها في القرون الوسطى نظرا للمناخ الفكري (البراديغم) الذي كان سائدا آنذاك ، و كذلك نفس الشيء يصدق من الناحية السياسية فإن شكل الدولة و أسسها التي كانت تنهض عليها في القرون الوسطى تختلف جذريا عن الأسس التي تقوم عليها الدولة الحديثة ، و هذا ما يهدم خرافة الإعتقادات خصوصا القانونية و السياسية التي تتصور على أنها "صالحة لكل زمان و مكان" ، و ذلك ما يجعلنا نستنتج أنه حتى لو وجت دولة إسلامية في القرون الوسطى ، فهذا يعني استحالة إحيائها في الزمن المعاصر و على الأسس السياسية للدولة التي استحدثها العصر الحديثة ، إلا طبعا أن تقوم الدولة الإسلامية متوسلة "الإرهاب" و القوة كما فعل تنظيم داعش ، و ليس شرعية و إرادة الشعب.

  في الفصل الثاني يدخل وائل حلاقة في صلب الموضوع ، و يستعرض الأسس السياسية التي تقوم عليها الدولة الحديثة ، كي يقارنها مع أسس الحكم الإسلامي السياسية (في الفصل الثالث هذا) ، نبقى الآن في الفصل الثاني ، حيث جمع حلاق خمسة أسس للدولة لحديثة و هم: 1) تكوين الدولة كتجربة تاريخية ، و عندما نقول تاريخية هذا يعني أنها ابنت زمانها و ليست صالحة لكل زمان و مكان ، بل أكثر من ذلك وائل حلاق يلحق حتى "الله" بهذه الصفة و يقر بأنه تاريخي هو أيضا ، أي أنه من إنتاج التاريخ الثقافي للشعوب البدائية القديمة - 2) سيادة الدولة و الميتافيزيقا التي أنتجتها ، و هذا يعني أن كل تحقق عياني للدولة في الواقع يكون مسبوقا بتوصر ميتافيزيقي لدورها و غايتها ، و هنا تكون الدولة الإسلامية وسيلة لتحقيق و تنفيذ غاية دينية أساسية و هي "و ما خلقت الإنس و الجن إلا ليعبدوني" (الذاريات/56) ، في حين أن هدف الدولة الحديثة لاديني و يتجسد في خدمة الإنسان و تحقيق ضروراته و تنظيم مجتمعه من أجل الدنيا (أما الآخرة فهي مهمة خاصة تتعلق بالفرد أنَّا كان دينه) .

 3) احتكار الدولة "للتشريع" La Législation ، أي أن "تشريع القوانين هو مهمة البشر" و ليس مهمة لكائن يعيش فوق السحاب و كل يؤمن به و يعبده بطريقة مختلفة ، و من أجل ذلك اخترعت الدولة الحديثة مؤسسة دستورية خاصة بشيء واحد هو التشريع ، و هذه المؤسسة هي "البرلمان" ، و هذا لم يكن سائدا بل لم يكن مفكرا فيه في الدولة القروسطية التي تمثلها الدولة الإسلامية .. كما أن من جهة أخرى فإن الدولة الحديثة يتنازل فيها الأفراد عن ممارسة العنف و يرفعوه إلى الدولة كي تمارسه هي حصرا ، و في إطار فقط القانون الذي شرعه ممثلوا الشعب في البرلمان (كسلطة تشريعية) ، و هذا بتفويض من الأفراد أنفسهم و ذلك لمقتضى السلم و تجنب الفوضى ، سنجد أن هذا بدوره لا يتوفر في الحكم الإسلامي حيث يمارس الخليفة كل أنواع العنف حتى خارج الشريعة الإسلامية و ليس بتفويض من الشعب ، و يمكن أن نضرب على ذلك آلاف الأمثلة من تاريخ الإسلام السياسي ، ليس أقل هذه الأمثلة "وقعة كربلاء" و ذبح سبط النبي "الحسين بن علي" خارج القانون و خارج إرادة الشعب ، و أضف إلى ذلك قتل الصحابي الجليل المرضي عنه "معاوية ابن أبي سفيان" (الخليفة يعني الحاكم الممثل لسلطة الدولة) للصحابي الآخر "حجر ابن عدي" بدون محاكمة و خارج القانون و الشريعة أو أي قيد ، فقط لأن هذا الأخير رفض سب الصحابي الآخر "علي ابن أبي طالب" رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم .

 4) جهاز الدولة البيروقراطي ، و يعني ذلك أن للدولة جهاز إداري تراتبي ينظم المجتمع بوسائل محكمة جد مضبوطة ، و في غياب البيروقراطية تحظر الفوضى إن قليلا أو كثيرا ، و هذا حتى لا نطيل الكلام لم يظهر إلا في العصر الحديث حصرا حسب تحليلات عالم الإجتماع "ماكس فيبر" - 5) تدخل الدولة الثقافي الهيمني للمجتمع ، و ذلك من أجل خلق "هوية سياسية وطنية موحدة" خارج معنى الهوية الذي كان سائدا في القرون الوسطى و الذي كان يتمحور حول الدين أساسا و الأسلاف و أمجاد التاريخ ، إذ أن بشكل مرتقي تحاول الدولة الحديثة غرس ثقافة الديموقراطية و المشاركة و التعددية في ثقافة الشعب من خلال عدة وسائل ليس أقلها المدرسة (2) .

 هذه هي الخصائص أو الأسس التي اعتبرها حلاق مميزة للدولة الحديثة و هي تتناقض حتما مع خصائص دولة القرون الوسطى كالدولة الإسلامية ، و يمكن أن نضيف خصائص أخرى كـ: "الديموقراطية" بمعنى أن الشعب يختار حاكمه و ممثليه بطرق مستحدثة كـ"الإنتخابات" ، و هذا ما لم يوجد في التاريخ خصوصا في الفضاء الإسلامي حيث كان الحكم ينتزع بالقوة و الجبر و ليس بالحرية و الإختيار ، إلى حد وصل فيه بعض الفقهاء كإمام الحرمين "أبو المعالي الجويني" إلى الإفتاء بشرعية البيعة بين شخصين فقط ، أي أن البيعة تعقد بين مترشح للخلافة و شخص واحد آخر فقط ، كما أنه حرم عدة أطراف من المجتمع ذى الأغلبية المسلمة من "حق المبايعة" ، و هذه الأطراف هم "النساء" + "عامة الناس من الجهلة" + "أهل الديانات الأخرى بما فيهم أهل الكتاب" ، إذا صدمت و لم تصدق عُد و تحقق من المصدر أسفله (3) ، و بناء عليه جاء تاريخ الإسلام من الناحية السياسية بالغ البشاعة و الديكتاتورية و الإستبداد مما لا يغيب عن باحث أو قارئ للتاريخ ، و لا يمكن على أي حال أن نبرئ الإسلام من صناعة الديكتاتورية في تاريخه الممتد أكثر من 14 قرن ، هكذا طبعا فنظام الحكم الإسلامي القروسطي يتعارض مع نظام الحكم الحديث في مسألة مكانة الشعب و اختياره للحاكم ، حيث يشدد هذا الأخير على اختيار الشعب كل الشعب للحاكم حيث يعتبر ذلك حق مقدس غير قابل للتفويت ، في حين أن الإسلام وصل فقهاءه إلى الإفتاء بشرعية و صلاحية بيعة طرفاها شخصين فقط ، بل أكثر من ذلك يمنع الإسلام كل من المرأة و المواطنين غير المسلمين من حق اختيار الحاكم أو الترشح إلى منصب سياسي ، فالمرأة لن يفلح قوم تولت على أمرهم (4) ، و من جهة أخرى لا ولاية لمؤمن على كافر (5) .

   بناءا على ذلك نستنتج أن الدولة الحديثة تتعامل مع المواطن (الإنسان) بغض النظر عن دينه أو إثنيته أو جنسه أو لون بشرته ، في حين أن الدولة الإسلامية لا تتعامل مع الإنسان أو المواطن ، بل تتعامل مع "المؤمن" أو "الكافر" ، حيث يترتب على هذا التقسيم حقوق و واجبات مختلفة جدا ، فليس للكافر حقوق المسلم و ليس عليهم طبعا نفس الواجبات ، إذ أن نقيض ذلك هو أحد أهم صفات الدولة الحديثة ، و أقصد طابع "علمانية الدولة" حيث لا تحكم هذه الأخيرة بدين و لا ترسم أي دين دستوريا ، بل تصل الدين بالمجتمع و تفصله عنها ، أي يصبح الدين مسألة اجتماعية خاصة بالأفراد ، و يبعد من شؤون الحكم و السياسة و التنظيم ، كل هذا كي تضمن الدولة معاملة كل المواطنين على مقاس المساواة و تتجنب كل أسباب التمييز ، و هذا ما تنتهكه الدولة الإسلامية حيث يمكن أن تقتل باعتبارك كافر من طرف مسلم دون محاكمة المسلم المجرم الذي قتلك ، و ذلك طبقا للحديث الشريف "لا يقتل مؤمن بكافر" (6) ، ما يعني أن من لا يدين بدين الأغلبية فهو مميز و دمه مباح مهما ادعت عكس ذلك ، و تركنه الدولة في طبقة تحت طبقة المسلم ، ما يجعل الدولة الإسلامية مفرزة للطبقية بالضرورة ، و هو ما يمنع غير المسلم من كثير من حقوقه الطبيعية ، لعل ذلك ما قطعت معه الدولة العلمانية الحديثة حيث تتعامل مع المواطن -دون اهتمام بدينه- و ليس مع طبقات المؤمنين و الكفرة ، و هو ما يقيم العدل و المساواة بين كل أفراد المجتمع .

  يمكن أن نضيف من باب أوجه التعارض بين دولة الإسلام و دولة العصر الحديث ، ما يتصل بمبدئ "فصل السلط" التي تطورت مع الفيلسوف الفرنسي "مونتيسكيو" ، حيث يقتضي هذا المبدئ فصل السلطة التشريعية (البرلمان) عن السلطة التنفيذية (الحاكم - الحكومة) عن بدورها السلطة القضائية (جهاز القضاء) ، إذ الفصل هنا لا يعني الطلاق التام و إنما يقصد به "الإستقلالية" ، حيث يجب أن تكون السلطة التشريعية و القضائية مستقلتين عن إملاءات السلطة التنفيذية المتجسدة في الحاكم ، و في غياب هذا الفصل يحضر تركيز جميع السلط في شخص واحد و هو ما يجعله يتصرف كإله حاكم و ليس كإنسان مواطن هو بدوره تنسحب عليه سلطة القوانين ، في تناغم تام مع هذا سنجد التاريخ السياسي الإسلامي مليء بمثل هؤلاء الحكام (الخلفاء) الذين يتركز في أيديهم كل السلطات ، فهم الحكام و المشرعون و في نفس الوقت هم القضات ، و الأمثلة على ذلك من تاريخ الإسلام أكثر من أن تحصى ، نذكر هنا على سبيل المثال ما فعله "معاوية ابن أبي سفيان" حيث شرع لنفسه تحويل الخلافة إلى ملك عضوض و قلب الشورى إلى مبدأ التوريث ، و نفذ ذلك غصبا على الأمة الإسلامية رضي الله عنه و أرضاه ، و ورث الحكم إلى ابنه يزيد ، و دأب المسلمون على هذا التشريع البشري الجديد إلى حدود سنة 1924م في الشأن السياسي ، فمعاوية إذن حاكم و مشرع ما يناسبه من قوانين سياسية و منفذ لما يشرع ، زد على ذلك و كما ذكرنا سابقا فما فعله معاوية يتبث أن القضاء لم تكن له أي سلطة مستقلة و تفرض على الجميع بما فيهم الخليفة ، بل هذا معاوية لم يعجبه حب حجر ابن عدي لعلي ، فقتله دون محاكمة أي دون الحاجة إلى القضاء ، أي أننا نتحدث في الإسلام عن "مرحلة الطبيعة" حيث يأكل القوي الضعيف دون قوانين و لا تشريعات و لا أي شيء .

  و يمكن أن نضيف إلى هذا ، حادثة تاريخية أخرى قام بها بديع الزمان "هارون الرشيد" المرضي عنه ، فكما هو معلوم فإن الإسلام حرم أن يطأ الإبن امرأة سبق لأبيه أن وطأها ، و ذلك ما كان يعلمه هارون الرشيد جيدا ، و هو ما حال دونه و دون أحد جواري أبيه الجميلات ، حيث كان يراودها عن نفسها ، و ذكرته غيرما مرة بأن هذا حرام و لا يليق بمقام الخليفة ، و ما كان من الرشيد إلا أن استفتى فقيها ، فدفع له أموالا فأفتى له بجواز اغتصاب الجارية قائلا له ، "اهتك حرمة أبيك ، و اقض شهوتك ، و صيّره في رقبتي" (7) ، هكذا شرع الفقيه العلامة لخليفته مبدئا جديدا كي يقضي شهوته ، ما يوضح أن سلطة التشريع ليس موجود لها مؤسسة خاصة بها في الإسلام ، بل يشرع الخليفة ما يبتغيه و الفقيه ما يناسبه ، و هكذا حسب سلطة و قوة الشخص ، كلما علت مرتبتك و تعاضمت قوتك أمكن لك أن تشرع و تنفذ كما يحلوا لك ، في غياب شبه كلي للشريعة التي يدعي حلاق أنها هي السلطة التشريعية في الإسلام .

  و هو ما يتعارض طبعا مع ما تتمتع به الدولة الحديثة ، حيث لا يحق لشخص أن يشرع ، بل التشريع موكول لمؤسسة دستورية أعضاءها هم ممثلوا الشعب المنتخبون .

    زيد على ذلك ، فمن وجوه التناقض بين الحكم الإسلامي و الدولة الحديثة ، ما يتعلق بـ"المعارضة السياسية" ، حيث توكل ممارستها في الدولة الحديثة  لكل فرد في المجتمع ، في إطار طبعا مؤسساتي و قانوني ، و ذلك عائد إلى مدنية الدولة الحديثة باعتبارها دولة تاريخية غير مطلقة و تتضمن سلطة نسبية ، يمكن و عادي أن تعارض النظام السياسي ، على النقيض من ذلك ففي الحكم الإسلامي ذى الطبيعة الدينية فهو يصور للمواطنين على أنه يحكم وفق قواعد أصدرها الله الخالق ، و بالتالي تصبح المعارضة لا لنظام بشري و إنما معارضة لأحكام الله ، و به تصبح "كافرا" و حكم الكافر في الإسلام هو القتل ، لذلك سنجد أن جل المعارضين للخلافات الجبرية التي تعاقبت على حكم المسلمين ، تم اتهامهم ب"الزندقة و الكفر" و كانوا يقتلون بلا محاكمة ، و أبرزهم "الحسين ابن علي" و "عبد الله ابن الزبير" و "غيلان الديمشقي" و غيرهم بالآلاف في التاريخ الإسلامي ، ففي الدولة الحديثة إذا أردت أن تعارض النظام لا يسعك إلا أن تتخندق في جهة المعارضة البرلمانية ، أما في الإسلام كان مفروض على الفرد إذا أراد أن يعارض فيجب أن يأسس جيشا ، كي عندما يجهر بالمعارضة يدافع عنه هذا الجيش ، أما لو أراد أن يعارض سلميا فقد حكم على نفسه بالموت ، ما يعني أن المعارضة في الدولة الحديثة حق مدني دستوري ، أما في الحكم الإسلامي فالمعارضة تعرض صاحبها للتكفير ، كما أنها دائما متبوعة بالدم و الحروب و الدمار ، فالمعارضة ليست حق و إنما افتئاتا على الشرع الإسلامي العظيم ، إذ يبلغ الإسلام في منعه و تحذيره من المعارضة للحاكم حد قول النبي "و إن أخذ مالك و جلد ظهر" (8)، و به يتضح مدى الفجوة الضخمة بين الإسلام سياسيا و الدولة الحديثة.

  أما من ناحية "القانون الدولي" ، فمعلوم أن النظام الدولي الحديث تشكل بعد "معاهدة ويستفيليا" 1648م ، حيث نصت هذه المعاهدة لأول مرة على مبدأين مهمين جدا ، الأول: "سيادة كل شعب على أرضه" ، و الثاني: "احترام الحدود" ، و هو ما يسلك وفقه الآن النظام الدولي الحديث ، فلو قارنا هذين المبدأين مع الإسلام سنجد أنه يتنافا معهما كليا ، حيث لا سيادة لأي شعب على أرض ، بل الأرض و كل من عليها لله يورثها من يشاء ، كما أن الإسلام لا يعرف شيء اسمه "الحدود" بين الدول ، بل كان المسلمون منذ نبيهم العظيم يهجمون على الشعوب و يغزوها و يسبون النساء و يستعبدون البشر و ينتهكون الحدود ، كل مرخص من عند الله تبارك أحسن الحاكمين ، و من ذلك تتضح مناقضة الحكم الإسلامي لأهم مبدأي النظام الدولي الحديث أيضا .

   و به فعلا فوائل حلاق لم يجانب الصواب ، فلا علاقة لنظام شبه همجي للقرون الوسطى بالدولة المدنية الحديثة ، كما لا يمكن أن تقوم دولة اسلامية بهذه المواصفات في الزمن الحاضر و على أسس سياسية حديثة ، فمحاربة دولة بهذه الخصائص بكل الوسائل الممكنة حق مشروع للبشرية جمعاء .

  ينتقل وائل حلاق في الفصل الثالث إلى استعراض ثغور مبدأ فصل السلط في الغرب ، ليستنتج أن الغرب لا يحكمه القانون كما يقول الإعلام و إنما تحكمه الدول المتنفذة ، و جمع من أجل توضيح ذلك حصاد الفكر القانوني النقدي في هذا المجال أما في الفصل الرابع ، فقد تطرق إلى توضيح عظمة الإسلام كنظام قانوني و أخلاقي حسب ما يراه هو ، فلو جاز تسمية هذا الفصل باسم لوجب تسميته بـ"تجميل المستوحش و القبيح" ، حيث جاء في هذين الفصلين و الفصلين المواليين ، مغازلة كبيرة للإسلام و توضيح الجانب السلبي في الحداثة ، من ثغرات قانونية و انحرافات سياسية و شذوذات أخلاقية ، و بالمقابل إظهار الجانب الإيجابي فيما هو نظري في الإسلام ، في تجاهل كلي للتجربة التاريخية الكارثية البشعة للإسلام من الجانب السياسي ، و هذا باعتراف كبار المؤرخين و المفكرين المسلمين (9) ، حيث جاءت استنتاجاته في هذه الدراسة مليئة بتعميمات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير واقعية و بعيدة عن الصواب ، فليس من باب المجاملة أن يقول مفكر كـ"سعيد بن سعيد العلوي" أن قراءة وائل حلاق للإسلام فقهيا و سياسيا قراءة رومانسية جدا (10) ، و تفصيل ذلك آتيا .

  الثقوب السوداء في هذا الكتاب تتجسد في أن صاحبه يريد أن يرضي كل الأطراف ، فهو من جهة يقول للمسلمين شريعتكم عظيمة ، ثم يقول للغرب المسلمين مع ذلك ليست لهم القوة و دولتهم تجوزها الزمن ، إلا أن يعاد تأسيس الحداثة وفق روح الأزمان السالفة ، ثم يرجع إلى المسلمين و يقول لهم الغرب في مأزق أخلاقي عظيم و أنتم لكل دين أخلاقي ، ثم يعود للغرب و يطمئنه بأن الإسلام ليس بديلا عن مأزقكم هذا ، بل أكثر من ذلك فعندما صدر كتابه اتهم بـ"الماضوية" من طرف الغربيين ، وهو ما دفعه إلى الرد على ذلك بأنه لا يدعوا إلى العودة إلى مؤسسات و تنظيمات الإسلام القروسطية ، و من جهة أخرى اتهم من طرف بعض الإسلاميين بالجفاء و النزعة الإستشراقية ، و هو ما حثه أيضا على الرد مخاطبا المسلمين بأن كتابه في نقد الحداثة و ليس الإسلام ، و هو ما يظهر بأن أطروحات الكتاب صيغة من أجل طمئنة و إرضاء كل الأطراف ، لعل ذلك ما فرض على و.حلاق صياغة تعميمات فارغة و غير صائبة سواء على الإسلام أو الحداثة .

  فمثلا يقول وائل حلاق بشكل غريب عن حقائق التاريخ: "كان الفقهاء يستعملون أكثر العلوم العقلية تقدما في زمانهم ، كعلم المنطق و علم الكلام و اللغة ، من أجل استنباط الأحكام الشرعية" (11) ، و هذا التعميم المفروض أن لا يسقط في شراكه حُدثاء قراء التاريخ الإسلامي حتى لا أقول الباحثين و المفكرين ، أفلا يعلم الدكتور المسيحي أن الفقهاء كفروا علم المنطق و الفلسفة و الكلام و المشتغلين بهم و نهوا و حذروا من الإقتراب من هذه العلوم ، و هذا "أنس ابن مالك" صاحب المذهب نقلا عن "عبد القاهر البغدادي" يقول: "بزندقة عُلماء الكلام و الفلاسفة و من شايعهم مثل المعتزلة ، و دعى إلى قتلهم دون استثابتهم" (12) ، و هذا أخوه "أحمد ابن حنبل" صاحب المذهب يرى: "أن المعتزلة (وهم دهاقنة و رؤوس علم الكلام) زنادقة ، بل ملاحدة" ، إذ قال بعد خروجه من السجن أيام الواثق بالله العباسي: "لن أساكن أرضا أُلحِدَ فيها برب العالمين" (13) ، و الذين ألحدوا حسبه هم من قالوا بخلق القرآن و هم علماء الكلام .

   يصف ظهوره في زمن المعتزلة الدكتور "سيد أمير علي" بالعبارات التالية :” ظهر ابن حنبل ثائرا متزمتا ، نافثا الجحيم على كل من يختلف معه في الرأي ، (شجب التعلم و العلم العقلاني) ، كما أعلن الحرب المقدسة ضد المنطق ، فتفجرت المنابر وصبت نيرانها على المؤمنين بالعقلانية و دعاة الفلسفة و العلم ، و تحولت شوارع بغداد إلى مسرح للمظاهرات و العنف و إسالة الدماء” (14) ، نضيف رأي "الامام الذهبي" إيضا حيث دعى الناس محذرا: ”احجموا عن استعمال علم الأوائل (الذي هو الفلسفة و المنطق) فهو لا ينتج شيئا غير السقم ، و فساد أمور الدين” (15) ، هذا فضلا عن الفتوى المشهورة للشيخ "تقي الدين أبو عمرو" ، إذ يقول: "و أما الفلسفة فهي أس السفه والانحلال ، ومادة الحيرة والضلال ، ومثار الزيغ والزندقة ، ومن تفلسف ، عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين ، ومن تلبس بها ، قارنه الخذلان والحرمان ، واستحوذ عليه الشيطان" ، إذن مع كل هذه الحقائق التاريخية يجب أن نتساؤل هل يعرفها وائل حلاق أم لا ؟ إذا كان لا يعرفها و كتب ما كتب فهذه كارثة ، و إن كان يعرف هذا و صاغ غيره فهذا أكثر كارثية من الأول ، فكيف تجمع ما بين المتناقضات ، و تقول الفقهاء كانوا يستعملون علم المنطق ، و جمهورهم في الواقع لم يتركوا منقصة و رذيلة و شجبا و تحذيرا و طعنا لم يلصقوه بالعقل و علومه و المشتغلين به ، فلا يمكن في نظري أن نفهم هذا التعميم الفارغ إلا على جهة رغبة الكاتب النزاعة إلى إرضاء أهل أطراف الدرسة .

  يضيف وائل حلاق تعميما آخر لا يقل جنونا عن الأول ، حيث يقول: "إن كل شكل سياسي أو مؤسسة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ، بما فيها السلطات التنفيذية (الخليفة) و القضائية (القاضي) ، كانت خاضعة للشريعة الإسلامية ، و لم يكن لها الحق في التشريع ، إلا منح الرخصة للسلطة التنفيذية التشريع في أمور جد محدودة" (16) ، و هذا ليس من الحقيقة التاريخية في شيء ، فلم يكن بالمطلق الخلفاء يلتزمون بالقانون و الشريعة الإسلامية إلا فيما يسمح لهم بتقييد العامة و خرفنتها و تنميط سلوكاتها ، و أكبر دليل على ذلك على ما قام به "معاوية ابن أبي سفيان" كما مرَّ معنا ، فلو كان يلتزم بالقانون الإسلامي ، لما قلب نمط الحكم من الخلافة إلى الملك العضوض ، لو كان الخلفاء يلتزمون بالقانون لما سجن و عذب "أحمد ابن حنبل" على آرائه ، مدة 28 شهرا بدون محاكمة (17) ، كما لو كان جهاز القضاء في الدولة الإسلامية فعلا قوي و مستقل و أن الشريعة يخضع لها كل المسلمين حتى الخلفاء ، لذكر لنا التاريخ أن القضاء حاكم أحد الخلفاء على شرب الخمر و ما أكثرهم ، أو حاكم أحد الخلفاء بسبب سرقة أموال المسلمين و التصرف في بيت المال كما يحب ، و ما أكثر الخلفاء الذين كانوا يعتبرون بيت المال ملكية خاصة لهم ، و في غياب هذا لم تكن الشريعة فوق الجميع كما يدعي وائل حلاق(18) و لا هم يحزنون ، بلا مزايدات عاطفية بلا كلام فارغ ، فالتاريخ الإسلامي مثخن بالأمثلة التي تهدم هذا التعميم هدما ، و خشية الإسهاب اقتصرنا فقط على ما ذكرناه قبل هذه السطور ، و لن نضيف هنا إلا عبارة لأحد أكبر فقهاء القانون الدستوري المعاصر و هو "موريس دوفرجيه" ، حيث يعرف هذا العالم كل المنظومات القانونية للبشرية في تاريخها كله و مدى الإلتزام بها ، إذ يقول في هذا الصدد: "قبل نهاية القرن 18م لم تطور البشرية إلى حينه دساتير و قوانين مفصلة ، و كان بذلك ينذر و من شبه المستحيل أن يخضع الحكام إلى القواعد القانونية في تلك القرون" (19) ، بشكل مناقض كليا يقول لنا مولانا و.حلاق لا البشرية كان حكامها لا يلتزمون بالقانون ، إلا أمة واحدة هي الأمة الإسلامية ، فكم هو مجنون و غير واقعي هذا التعميم  .

 زد على ذلك و بشكل أدهشني شخصيا ، هو اعتبار وائل حلاق أن النظام السياسي الإسلامي للقرون الوسطى من الناحية القانونية التطبيقية  كان أحسن بكثير من النظام السياسي الديموقراطي الحديث ، إذ يقول: "و مجمل القول أن سيادة الشريعة كانت حكما للقانون أكثر تفوقا من نظيره الحديث ، و هو الشكل الحاضر للدولة الغربية" (20) ، فحُق للقارئ أن يضحك على مثل هذه الإستنتاجات الغريبة ، فحلاق هنا يجتر ما يقوله الفقهاء و الحركات الإسلامية في الزمن الحاضر من جهالات سياسية و علمية و تاريخية ، حيث لا يرون حضارة أحسن من الحضارة الإسلامية ، و لا حكم سياسي أحسن من الحكم الإسلامي ، و لا ثقافة أحسن من الثقافة الإسلامية ، و غيرها ، فإذا كان النظام السياسي الإسلامي متقدم على غيره لماذا عاش قرونا متطاولة في حالة تخلف مخجل ، فمعلوم من أدبيات العلوم السياسية و علم الإجتماع السياسي أن الدولة و الحكم أحد أهم أسباب التحضر أو التخلف (21) ، فلو كان الحكم ديكتاتوريا جبريا فاسدا تأدى بأهله إلى التخلف ، و إن كان ديموقراطيا و خاضعا للقانون يرتقي بأهله إلى مصاف التحضر ، بناءا على ذلك فبما أن معظم التاريخ الإسلامي هو تاريخ عنوانه التخلف و الطغيان و العنف ، إذ أن الحضارة لم تقتطع من تاريخ الإسلام سوى 3 أو على الأكثر 4 قرون فقط ، و تبقى 10 قرون لا شيء فيها يعلوا على التخلف و العنجهية و التحارب الداخلي و الخارجي ، بناءا على ذلك و بما أن الواقع الإسلامي متخلف في أغلب أطواره التاريخية فهذا دليل على أن نظام الحكم الإسلامي كما مورس تاريخيا كان فاشلا و متخلفا هو الآخر ، على اعتبار أن السياسة موجه كما قلنا للتحضر أو التخلف حسب أهل الإختصاص .

  و المصائب لا تأتي فرادى ، بل متعلقات ببعضها ببعض ، إذ يقول فيما قال حلاق في هذا الكتاب ، أن: "القضاء كان في الإسلام مستقلا تماما عن السلطة التنفيذية (أي عن رغبة الخلفاء و سلطتهم)" (22) ، و هذا بدوره كلام أقل ما يقال عنه أنه فاحش الكذب أو الجهل ، بل ينطق التاريخ السياسي الإسلامي بكل تفاصيله بتبعية و اتصال سلطة الخلفاء بكل ما هو سائد في المجتمع ، من فكر و فقه و شعر و أدب و فلسفة و علم و قانون و كذا القضاء ، و أول دليل على عدم استقلالية القضاء ، أن التاريخ لم يذكر لنا محاكمة واحدة لخليفة من الخلفاء خصوصا بعد العهد الراشد (إلا علي ابن أبي طالب مع اليهودي في القصة المشهورة حول ذرع) ، و يمكن أن نذكر عدة أحداث تاريخية تثبت أن القضاء لم يكن مفصولا عن السلطة و إنما موجه بأوامرها ، و لعل أشهر حدث هو ذلك الذي وقع في الأعشار الثلاث للمئة الثاني من الهجرة في زمن الخليفة العباسي "عبد الله المؤمون" ، حيث بعث هذا الأخير رسالة إلى عامله في بغداد "إسحاق ابن ابراهيم الخزَّاعي" يأمره فيها بامتحان الناس قضائيا حول مسألة القرآن أ هو مخلوق أم كلام الله (23) ، إذ حكم القضاء على الناس زورا بالقتل أو بالسجن .

   و اشتد هذا الإجرام زمن "المعتصم" إذ عزم بالقوة الفقيه "أحمد ابن حنبل" إلى مناظرة أحد متكلمي المعتزلة و هو "ابن أبي الدؤادفي هذا الشأن بحضور الشُّرط (أي الجلادين) ، فانهزم ابن حنبل و لم يعترف و كع عن المناظرة  ، و هو ما أغضب المعتصم فجلد أمامه و نكل به ، و أمر المعتصم بـإلقاء ثوب عليه يغطي عورته فقط ، و يجمع أهل بغداد حوله ، و يجلد فإن هو قال بخلق القرآن خلوا سبيله ، و إذا هو رفض يجلد إلى أن يموت ، و تحت ألم السياط أقر بخلق القرآن (24) ، و بعد ذلك سجن لأكثر من سنتين لا لشيء إلا لأنه اختلف مع مذهب فكري و تأويلي للقرآن ، فهذا الحدث لا يثبت عدم استقلال القضاء فحسب ، بل يظهر لك مدى تحكم سلطة الخليفة في كل شيء بما في ذلك الأفكار و المذاهب الفكرية ، و هل بعد هذا يقول قائل إن جهازا للقضاء في القرون الوسطى الإستبدادية كان مستقلا عن السلطة ، فليس بعد هذا القول جهل و تدليس .

  بعد عدة مغالطات و تعميمات فاقدة لكل أساس تاريخي ، لا يمكنني أن أجمعها كلها و الرد عليها ، المهم أن وائل حلاق يذهب في آخر فصلين إلى اعتبار أن الغرب في مأزق خطيرا جدا ، هل هذا المأزق يتمثل في أن الحداثة لم تطور نظم سياسية ناجحة ، يقول حلاق لا ، هل هذا المأزق يتعلق بفشل علمي ثقافي ، أيضا يقولك حلاق لا الحداثة نجحت علميا ، إذن في ما الحداثة في مأزق ، يجيبك حلاق بأنها في "مأزق أخلاقي" ، قد تضحك هذه الرؤية للحداثة مفكرا أو فيلسوفا و مأرخا كبيرا حقا و هي مدعات للسخرية ، فالسؤال الذي لم يطرح حلاق هو: في أي زمن من الأزمان و في أي طور من أطوار التاريخ ظهرت حضارة أخلاقية %100 ؟ أكيد أن أي باحث أو قارئ للتاريخ ، سيجد أن الحضارة منذ ظهورها لم تكن ملائكية بل اشترطتها عدة سلبيات ليس أقلها ما هو أخلاقي ، فمنذ السومريين و البابليين و الآشوريين الذين غزوا بعضهم البعض و ظلموا الشعوب الضعيفة ، إلى اليونانيين الذي فتح ألكسندييهم العالم القديم ، إلى الرومان الذين استرققوا الشعوب ، مرورا بالمسلمين الذين استعبدوا الناس و سبوا النساء و سرقوا ثروات الشعوب ، وصولا إلى الحضارة الغربية التي تنسج على نفس المنوال ، فهذا ديدن القوي ، و القوة لا تعرف الزهد بل يلزمها على من تتسلط و تمارس ، و بذلك فإن أي حضارة لا تنهض من أجل نشر السلام كما قد يعتقد ، بل من أجل حياة شعب على حساب الشعوب الأخرى ، فالحضارات يبنيها الإنسان و ليس الملائكة أو أي كائنات خيرة أخرى ، كما أن هذا الإنسان يبني الحضارة في الأرض ، و ليس في الجنة ، ما يعني من غير المتصور بناء الإنسان لأي شيء كامل و لا تتخلله أي منقصة ، لذلك ما أسطح بل ما أغبى النظر إلى الحضارات نظرة أخلاقية طوباوية ، تختزل الحضارات في الأخلاق ، و تعير الحضارات بمعيار الخير و الشر ، فكل الحضارات في الواقع تستبط كل من الخير و الشر ، و لا يصح الحكم على إحدى الحضارات من هذا الجانب ، لأنها تشترك فيه جميعها .

  فضلا عن ذلك ، فإن الأخلاق مفهوم نسبي و لا يوجد تاريخيا نموذج أخلاقي واحد عاشت وفق قواعده البشرية جمعاء ، لكن للأسف يسقط وائل حلاق في هذه الرؤية الإختزالية للحداثة في ما هو أخلاقي فقط ، و بشكل أغرب مما تقدم ، يدعي  بأن الإسلام دين أخلاقي بامتياز خصوصا في شريعته ، و هذا في نظري "موقف إجرامي" لأن الشريعة تتضمن مواقف و قواعد إجرامية لا علاقة للأخلاق بها (كما سيأتي بيانه) ، فوائل حلاق في هذا الكتاب بأسلوب مخاتل و غير علمي ، درس الحداثة و وزنها في ميزان الأخلاق ، و لكن لم يضع الإسلام في هذا الميزان لغاية في نفسه ، بل و ينطلق من حكم مسبق بأن الإسلام دين أخلاقي ، لكن إذا نسي هو وضع الإسلام في ميزان الأخلاق ، نضعه نحن .

  معلوم أن هذا الدين (الإسلام) إلى اليوم أهله مختلفون حول عدة أحكام يتضمنها ، و لا تمر سنة إلا و يثور نقاش حول مواضيع يرى البعض لا أخلاقية ، و يراها البعض الآخر في قمة الأخلاق ، أبرز هذه المواضع الخلافية "عدم تحريم الإسلام للرق و استعباد البشر" ، فهل استرقاق البشر من الأخلاق ؟ طبعا لا ، و لا يقبل بالرق إلا المجرمون ، زد على ذلك دعوة القرآن "الرجل إلى ضرب امرأته" على سبب جد تافه و هو عدم رغبة المرأة في الجماع مع زوجها ، فإذا كان الإسلام يدعوا الرجل إلى ضرب زوجته لهذا السبب التافه ، فما بالك بالأسباب الكبرى ، و عامر تاريخ الإسلام بأحداث تأرخ لرجال قتلوا زوجاتهم و استحسن فعلهم النبي محمد و لم يعاتبهم أبدا ، و نذكر هنا قصة بشعة حيث يروى أن: "أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي و تقع فيه ، فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تتزجر ، قال فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي و تشتمه ، فأخذ المغول -سيف قصير- فوضعه في بطنها ، واتكأ عليها ، فقتلها ، فوقع بين رجليها طفل ، فلطخت ما هناك بالدم ، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله ، فجمع الناس فقال : أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام ، فقام الأعمى يتخطى رقاب الناس وهو يتزلزل ، حتى قعد بين يدي النبي ، فقال : يا رسول الله أنا صاحبها ، كانت تشتمك و تقع فيك ، فأنهاها فلا تنتهي ، وأزجرها فلا تنزجر ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين ، وكانت بي رفيقة ، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك ، فأخذت المغول ، فوضعته في بطنها ، واتكأت عليها حتى قتلتها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا اشهدوا أن دمها هدر" (25) ، السؤال أين المحاكمة ؟ أين القضاء ؟ أين الأخلاق ؟ فإذا كان أول شخص و أقدسه في هذا الدين يبيح قتل الناس إذا وقعوا فيه ، بطرق بشعة ، فأي أخلاق يتصف بها هذا الدين . 

  نضيف أيضا مذكرين بأن الإسلام نشأ في الدم و تطور بامتلاك المسلمين للقوة ، فلو كان أوائل المسلمين ضعفاء لانقرضت هذه الدعوة في مهدها ، لكن الحروب و القتال و نشر الدين بالقوة العسكرية هو ما سمح له بالبقاء ، ما قد يعني بأنه عندما ينتشر الدين على الحرب أن تتوقف ، لكن في الإسلام هذا غير ممكن ، إذ يخبر هذا الدين بأن التاريخ بدأ بالعنف (قتل قابل لهابل) و سينتهي بالعنف و الحرب (الملحمة الكبرى) ، فلا مكان للسلم في التاريح حسب وجهة نظر الإسلام ، حيث يؤمن المسلمون بأن في آخر أيام حياة البشرية سوف تقوم حرب عالمية يتقاتل فيها الكل ضد الكل إلى أن ينتصر الإسلام ، إذ تدعوا هذه العقيدة الإرهابية المسلمين إلى قتل كل انسان على عقيدته إذا لم يكن مسلما ، إلى حد تكلم فيه الأشجار المسلمين بأن يقتلوا اليهود ، كما تخبر أحاديث آخر الساعة في صحيح البخاري و مسلم ، من ذلك فهل لدين نشأ و تطور و سينتهي كما ينبؤ نبيه بالدم و الحروب و المجازر ، و يدعوا إلى قتل البشر على أديانهم ، فهل يتصور أن هذا دين أخلاقي %100 ؟ فلماذا لم يتصور هذا الدين آخر سنوات حياة البشرية على أنها سنوات خير ، تتسامح فيها البشرية و تعيش في وئام و محبة ، لكن للأسف إن هو إلا القتل و التجزير و الهمجية كما تخبر النصوص الإسلامية ، وهذا من طبيعتها .

  أبشع من ذلك ، تجويز الإسلام سبي النساء و تمليكهم و بيعهم في الأسواق مثل أي مادة استعمالية لا إحساس لها ، و النصوص الشريفة في هذا الباب أكثر من أن تحصى ، زد على ذلك سماح الإسلام للمسلم بوطئ الغلمان ، أي اغتصاب الأطفال الصغار ، و كم هو تاريخ الخلفاء مليء بإحصائيات عدد السبايا و الجواري و الغلمان في قصور الأمراء و الخلفاء ، و نورد هنا خبرا عن فاروق الأمة الشيخ الشهيد "عمر ابن الخطاب" حيث يذكر عنه ابن سعد في طبقاته: "أن بعد وفاته وجدوا في تركته 700 درهم جمعها لشراء غلام" (26) ، و قد يشك هنا هل شراء الغلام لوظيفة جنسية أو لشيء آخر غيره ، فلا يُضرِ هذا في أن استعباد الأطفال سنة اسلامية شريفة ، و بذلك أيضا يطرح سؤال مدى أخلاقية الغلمانية في الإسلام ؟ أو ليس هذا حيوانيا بديئا لا يرتبط بالأخلاق في شيء .

  المهم أن الباحث إذا تجرد و نذب نفسه إلى دراسة الإسلام أخلاقيا قد يصنف في ذلك مجلدات متكثرة الصفحات ، ليس الإسلام فحسب بل التاريخ بشكل عام ، إذ نكتفي بهذا و هو يوضح لوحده أن "الإسلام ليس دينا أخلاقيا بشكل كلي ، كما أنه ليس دين لاأخلاقي شموليا" ، أبدا فهو كغيره من الأديان يتضمن نصوصا راقية و جميلة جدا ، و داعية للخير و الأخلاق ، و في نفس الوقت يحتوي نصوصا لا يمكن وصفها بأنها أخلاقية ، و هذا ما قد يرد به على وائل حلاق و أمثاله ممن ينظروا إلى المسائل و المباحث بأسلوب حدي متطرف و بعيد عن الصواب ، أي إما أن يستحسنوا المسألة كليا أو أن يستقبحوها شموليا ، فمن جنس ذلك يرى وائل حلاق الحداثة ، فهي عنده لا أخلاقية ، لماذا ؟ لأنها حضارة عولمية تفرض على الناس ما لا يطيقون ، و تنتهك مبادئ الأخلاق في سبيل المصلحة ، بل توزع على الأقلية الثروات و الإمتيازات ، و توزع على الأغلبية الفقر و الإملاق ، و هذا لا ينكره عاقل ، فالحضارة الغربية فعلا تضمن وجوها عدة من اللامساواة و اللاأخلاقية و احتقار الشعوب و الإغارة عليها و استضعافها و تدمير الطبيعة ، لكن هذا لا يعني أن هذه الحداثة ليست لها وجوه أخرى مشرقة ، إذ يمكن أن نقول أن "الحداثة بقدر ما استعبدت الشعوب حررت البشرية ، و يسرت لها سبل الحياة بشكل أفضل" ، فإذا كانت الحداثة أنتجت السلاح فهي في نفس الوقت أنتجت الدواء ، و إذا كانت صعَّبت حياة البشر في وقت من الأوقات فقد ابتكرت ما ييسر و يسهل حياة البشرية ، و إذا كانت قد استعمرت بعض الشعوب فهذه الشعوب قد استوردت مؤسسات الحداثة الديموقراطية و الإقتصادية إلى بلدنها و تقدمت بفضلها ، و هكذا فلا يمكن النظر إلى مقابح الحداثة دون محاسنها البادية و المؤثرة في حياة البشرية جمعاء .

  فإذا كانت مشكلة حلاق مع الحداثة أخلاقية بالأساس ، و متجسدة في تفكك الأسرة و تقزيم الأخلاقي مقابل المصلحي ، و حصار اقتصادي عولمي ، فهذا يعيدنا إلى القاعدة التي وضعناها قبلا إذا أردنا فهم و الإستفادة من الحضارات ، فإذا كان الإنسان هو باني الحضارة فلا يمكن لهذا البناء أن يكون كاملا و لا تعتريه الثغور و الزَّلات ، بناءا على ذلك فمستساغ و منتظر من الحداثة أن تتأدى بالحداثيين إلى المقابح و اللأخلاقيات كما يمكن أن تتأدى بهم إلى الخير و المحاسن ، و هذا ما يقتضي اجتهاد الإنسان من أجل إصلاح ما اعتل من الحضارة و اختل ، و ليس ذلك مدعات للإستسلام أو لرفض الحضارة الغربية كليا ، و الإلتجاء إلى السفسطة و الدعوة إلى إحياء ما باد و فني و انقرض ، فهذا أسلوب ارتكاسي انغلاقي لا يليق بمفكرين الحداثة هي من أنتجتهم أصلا ، فوائل حلاق هو نفسه و تكوينه العلمي أحد وجوه الحداثة الإيجابية ، إذ كما قال علي عزت بيغوفيتش: "إنك لا تستطيع أن تصلح العالم برفضه ، و إنما بقبوله" ، هكذا فلا مفر من قبول الحداثة ، كما لا مفر من إصلاح ما فسد و اختل في بنيانها .

  و أخيرا ، أقول إنصافا للكتاب و الكاتب أن محتواه غني جدا رغم تعدد تعميماته و مغالطاته ، لكن ذلك هو ما حفزني على التفكير و طرق أبواب التاريخ ، إذ أني لا أصدق كل ما أقرأه أي كان كاتبه ، و لعل عدم التصديق و الشك هذا باب يقتحمه القارى من أجل وطئ أرض الجدال و البحث و التفكر ، و هو ما يغني رصيده الفكري و المعرفي ، لذلك فإن قراءة هذه المراجعة لا تغني عن قراءة الكتاب ، خصوصا و أنني لا أدَّعي فيها -على أي حال- أنني فهمت كل ما يصبوا إليه الكتاب ، إن هي فقط إلا مناقشة لأهم أفكار و أطروحتي الكتاب . 



__________________

مراجع :

(1) حيدر ناظم محمد ، "إشكالية الفلسفة- من النقد الأركيولوجي إلى الإبداع المفاهيمي ، قراءة في فلسفة فوكو و دولوز" ، ابن النديم للنشر و التوزيع ، بيروت 2015 ، ط 1 ، ص 83-129. 

(2) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة- الإسلام و السياسة و مأزق الحداثة الأخلاقي" ، ترجمة عمرو عثمان ، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات ، بيروت 2014 ، ط 1 ، ص 63 و ما بعدها .

(3) أبو المعالي الجويني ، "الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الإعتقاد" ، حققه محمد يوسف موسى ، مكتبة الخانجي ، مطبعة السعادة ، القاهرة 1950 ، ص 425 و ما بعدها .

(4) رواه البخاري (4425) ، ورواه النسائي في " السنن " (8/227) وبوب عليه النسائي بقوله : "النهي عن استعمال النساء في الحكم " .

(5) كما قال القرآن:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (النساء-141) . 

(6) رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود والترمذي من حديث علي، كما في "المنتقى وشرحه" .. انظر: "نيل الأوطار" ج 7 ص 15 ، طبعة دار الجيل .

(7) جلال الدين عبر الرحمان السيوطي ، "تاريخ الخلفاء" ، دار ابن حزم ، بيروت 2003 ، ط 1 ، ص 231 .

(8) صحيح مسلم ، رقم الحديث 3441 . 

(9) يأكد "مالك ابن نبي" بأن: "حضارتنا منحرفة من الجانب السياسي" ، و ذلك في كتابه (وجهة العالم الإسلامي) .

(10) انظر قراءة الأستاذ "سعيد بن سعيد العلوي" لكتاب وائل حلاق هذا :

https://goo.gl/dBVRif

(11) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة" ، ص 123 .

(12) عبد القاهر البغدادي ، "الفرق بين الفرق" ، ص 156 .

(13) فضل الله الزنجاني ، "تاريخ علم الكلام في الإسلام" ، ص 176 .

(14) برويز أمير علي بيود ، ”الإسلام و العلم ، الأصولية الدينية و معركة العقلانية” ، ترجمة محمود خيال ، عن الهيئة المصرية للكتاب 2015 ، ص 210 .

(15) برويز أمير علي بيود ، ”الإسلام و العلم” ، م.س.ذ ، ص 214.

(16) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة" ، ص 113 .

(17) فضل الله الزنجاني ، "تاريخ علم الكلام في الإسلام" ، ص 175 .

(18) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة" ، ص 144 .

(19) موريس دوفرجيه ، "المؤسسات السياسية و القانون الدستوري" ، ترجمة جورج سعد ، الشبكة العربية للأبحاث و النشر ، بيروت 2014 ، ط 1 ، ص 10 .

(20) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة" ، ص 144 .

(21) أنتوني غيدنز ، "علم الإجتماع" ، ترجمة و تقديم د.فايز الصياغ ، المنظمة العربية للترجمة ، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية ، لبنان- بيروت 2005 ، طبعة 4 ، ص 107 و 109.

(22) وائل حلاق ، "الدولة المستحيلة" ، ص 126 .

(23) انظر نص هذه الرسالة في فضل الله الزنجاني ، "تاريخ علم الكلام في الإسلام" ، ص 156 و ما بعدها إلى ص 176 .

(24) أحمد ابن يحيى ابن المرتضى ، "طبقات المعتزلة" ، تحقيق سوسنه ديفالده ، المعهد الألماني للأبحاث الشرقية ، بيروت 1987 ، ط 2 ، ص 125 .

(25) رواه أبو داود ، وقال عنه الألباني : صحيح ، في كتابه "صحيح سنن أبي داود" الحديث رقم (4361) .

(26) ذكره ابن سعد في "الطبقات" ، جزء 3 ص 38 ، و نقله عنه أبو الأعلى المودودي في ، "الخلافة و الملك" ، تعريب محمد ادريس ، دار القلم ، الكويت 1978، ط 1 ، ص 54 .





  • 2

   نشر في 13 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 09 نونبر 2022 .

التعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ۞ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) صدق اللــه الجحـــرات .
0
Khaled Abood منذ 6 سنة
ممكن أتواصل معاك
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا