بعيدا في الافق ، رأيت الشمس وهي تختفي ببطء خلف اشجار النخيل ، بضوئها الصيفي الدافئ ولونها البرتقالي . ستغادر بعد قليل ، معلنة نهاية فرحة عشتها لأيام ، نهاية ضحكات المساء وسمره ، نهاية عيدي الصغير ، نهاية آخر يوم اقضيه مع من احب.
حتى هذا المساء الباكي رحلوا جميعا ، واحدا تلو الآخر . هذه عادتهم في كل مرة . يرحلون بصمت ، دون التفاتة حنين . نودعهم بصمت ، تخنقنا غصة الحزن فنمسك عن الكلام ، تمتلئ اعيننا بدمع نذرفه سرا . يرحلون وﻻ يدركون أن كل واحد منهم قد سرق قطعة من قلبي مع كل خطوة يخطوها بعيدا عن ناظري . يرحلون...ثم ينسون ورائهم اناسا غابت ابتسامتهم حتى اشعار آخر.
لم يبق لي من بعدكم غير الدموع . اسير وحيدا في المساء ، اهرب كي ﻻ يرى احد دموع الشوق وهي تبلل وجهي . امر على اماكن اجتمعنا فيها ، باتت الآن من دونكم موحشة مقفرة . اكاد اسمع كل حجر فيها ، كل شجرة ، كل زهرة ، اكاد اسمعها تأن وتتألم معي ، مع كل دمعة تروي وجنتي.
بكم علقت سعادتي ، لشهور طوال بت انتظر لقائكم ، فألقى سعادتي من جديد . تأتون...وما اسرع ما تغادرون.
لم تعودون الي بعد وقت طويل انسى فيه لوعة غيابكم ؟ لم تظهرون فجأة امام عيني ؟ لم تأتون إن كنتم سترحلون بعد يومين او ثلاثة ؟ تتركون قلبي يركض وراء اطيافكم ﻻهثا ، وبصري المسهد شاخصا في كبد السماء ، اراقب النجوم الصغيرة علها تبعث الي بخبر منكم ، او استنشق نسائم المساء بعمق فأتخيل نفسي اشم عطركم.
ابقوا هناك يا احبتي حيث انتم . ﻻ تعودوا فتعذبوني برحيلكم في كل مرة . دعوني اعيش وحدي ايامي الرتيبة ، وانا ﻻ افتقد احدا وﻻ ابكي احد . اقرأ كتبي بهدوء ، او اخرج لزيارة الطبيعة بابتسامة كاذبة . هذه هي حياتي . هذا هو مللي . فدعوني اعيش مللي وﻻ تقفزوا في وجهي فجأة ثم ترحلون بعيدا ، فتنتزعون روحي ، وتحيون في عيني دموعا راكدة لا يحركها سوى حبكم.
احبكم
اشتاق لكم
محمد باسم، 27/7/2015