عشاء في قصر البارون - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عشاء في قصر البارون

ما بين الحقيقة والخيال

  نشر في 14 ماي 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

ملاحظة: ما تم ذكره عن قصر البارون في هذه القصة هو حقيقة وليس من وحي الخيال.




الهندسة المعمارية ليست فقط مهنة، بل هي جزء من الزمن، تحتوي على قصص وشخصيات وتواريخ، هذه الجملة قالها المهندس "رامي" لابنه "سامي" لكي يشجعه على دخول تخصص الهندسة المعمارية، وبعد سنين من التعب والسهر والشغف أصبح "سامي" أشهر مهندس في بيروت، كما كان يمتلك فن غامض على مهارته.

أول شيء يقوم به "سامي" صباحاً الذهاب إلى الشرفة وقراءة الجرائد مع فنجان من القهوة وتعد هذه اللحظة بالنسبة إليه أجمل لحظة في اليوم لأن هذه الساعة التي يسرقها من الصباح تشعره بالسكون، يكن بها وحده بعيداً عن الصخب أو ربما هكذا كان يظن.

يوجد لسامي جارة تدعى "داليدا" مازالت في السنة الأولى من الجامعة، ومن سوء حظه أن شرفتها تطل على شرفته فكانت كثيرة المراقبة له، ربما الحب هو السبب، ولكن "سامي" لم يعيرها الاهتمام يوماً ظناً منه أنها مراهقة ومشاعرها تسبقها.

مساء يوم الاثنين عاد "سامي" إلى البيت منهك من العمل، وجد أمه جالسة على الأريكة تشاهد التلفاز، وضع رأسه على كتفها وقال لها: مللت من الروتين والعمل يا أمي.

شعرت أنه ليس على ما يرام فقالت له: لا تُتعِب نفسك كثيراً يا بني إن العمر ينتهي والعمل لن ينتهي.. ما رأيك أن نسافر أنا وأنت وأباك إلى جزر المالديف.

قال لها: ليس الآن يا أمي الأسبوع القادم يجب أن أسافِر إلى المحروسة لدينا عشاء عمل في قصر البارون، لو تعلمين كم أنا متشوق لرؤيته.

قالت له: من البارون هذا وما هذا القصر يا بني لم أسمع به من قبل.

قال لها: ليتك تأتين معي لتَرين جمال الهندسة بداخله، لا يوجد زاوية صغيرة بالقصر إلا وبها تُحفة فنية، حسناً يا أمي دعيني أبدل ملابسي ثم سآتي أحدثك عنه.

قالت له: هيا يا بني وبهذا الوقت سأعد لك كوب من الشاي الساخن.

جلس "سامي" قرب المدفأة يتناول الشاي الساخن ثم جلست أمه بجانبه وعندما أراد البدء بالتحدث عن قصر البارون قالت له: انتظر قبل أن تتحدث بأي شيء لمَ لحيتك طويلة إلى هذا الحد خفف منها يا بني، ضحك "سامي" وقال: كفى يا أمي لمَ لا تَملين من هذا الموضوع، لن أخففها، أنا أحبها هكذا وأحبك أيضا والآن أعطيني سمعك ...في أواخر القرن التاسع عشر رست على شاطئ القاهرة سفينة لرجل بلجيكي من أغنى أغنياء العالم واسمه "إدوارد إمبان" وقد لقبه ملك فرنسا بالبارون وذلك تقديراً لمجهوداته في إنشاء مترو باريس، وكان البارون يعشق مصر بدرجة كبيرة فقرر إقامة قصر ما بين قناة السويس ومدينة القاهرة، وكان هذا القصر من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق، كما كان أسطورياً بكل معنى الكلمة، فالشمس تدخل جميع حجراته وردهاته، وقد اكتمل بناءه عام 1911، حيثُ صُنِعت الأرضية والجدران من الرخام والمرمر الطبيعي، أما الذي صممه هو مهندس معماري فرنسي يدعى "ألكساندر مارسيل" وقد ملئه بزخارف تمثل الطابع الهندي ووضع به تماثيل لا تعد ولا تحصى، وكان البارون "إمبان" يقيم بالقصر العديد من الحفلات ثم توفي عام 1929 متأثراً بمرض السرطان.

عاد "رامي" إلى المنزل وجلس على الأريكة قرب زوجته ثم قال لها: لمَ أنتِ منسجمة هكذا يا زوجتي.. عن ماذا يتكلم "سامي".

قالت له: يتكلم عن قصر البارون سيذهب إليه في الأسبوع القادم مع نخبة من المهندسين.

تبدلت ملامح "رامي" ثم وقف وقال بصوت يتخلله خوف وغضب: لا لا يا "سامي" لا تذهب إلى هناك فهذا القصر تملئه الأشباح، ضحك "سامي" ثم دار بينهم الحوار التالي:

"سامي": يا أبي إن هذه شائعات وخرافات يتم تداولها بين الناس فقط وليس لها أساس من الصحة.

"رامي": أرجوك يا "سامي" لا.... إن ابنة البارون كان لديها مجموعة من الصديقات يمارسون في القصر طقوس عبادة الشيطان لهذا أُصيب القصر باللعنة، كما أن زوجة

البارون توفيت في المصعد الكهربائي داخل القصر ولم يعلم أحد سبب وفاتها حتى يومنا هذا وأخته أيضاً سقطت من شرفة القصر وتوفيت جراء ذلك وقيل أن روحها لعنت القصر.

"سامي": لا لا يا أبي أنت مهندس كبير كيف تصدق هذه الخرافات، وإذا حصلت فعلا هذه الأمور فهي قضاء وقدر.

"رامي": وما تفسيرك للأصوات التي كان يسمعونها جيران القصر.

"سامي": نعم إنها أصوات معازف وتكسير زجاج وعندما تم التحقيق بالأمر كشفت التحقيقات الجنائية بوجود حفلات كان يقيمها عبدة الشياطين داخل القصر وتم القبض عليهم عام 1997

"رامي": والنار الضخمة التي رأوها الجيران والتي انتشرت في جميع أنحاء القصر ما سببها!! ولماذا وقتها اختفت النيران بشكل مفاجئ عند وصول الشرطة إلى مكان الحريق.

"سامي": كفى يا أبي لا تقلق نحن الآن في القرن الواحد والعشرين لا يوجد الآن مثل هذه الأمور.

. "رامي": "سامي" أنت ابني الوحيد.. لا تذهب

"سامي": يا أبي لن أذهب وحدي سيرافقني نخبة من المهندسين، كما أنني ذاهب لعشاء عمل ولن أضيع هذه الفرصة مني.

"رامي": كم أنت عنيد يا بني، حسناً اذهب ولكن كن حذر.

عاد "سامي" إلى غرفته بعد هذا النقاش، وقبل خلوده إلى النوم كتب ورقة صغيرة وكان محتواها ( الأسبوع القادم سأكون بالقاهرة لهذا لا تتعبي نفسك في انتظاري ومراقبتي يا صغيرة) ثم رمى الورقة باتجاه شرفة داليدا.




  • 9

   نشر في 14 ماي 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 5 سنة
مشوقة جدا ، و التفاصيل رائعة ، تابعي يا صديقتي المبدعة .
1
سهام السايح
شكرا لكلامك الجميل مثلك
Heba Ka منذ 5 سنة
بتجنن ياعمري
1

اه على دلاديل هذا العصر يا سهام لا مفر من المراقبة
https://www.youtube.com/watch?v=g7-vpOZVjgc
2
ward ward منذ 5 سنة
شوقتينا
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا