* نوفمبر معلم الجهاد و رمز الاستشهاد*
*تحية و فاء و عربون التزام وترحم لشهدائنا و مجاهدينا الأوفياء الذين ظلوا ثابتين على العهد النوفمبري و ما بدّلوا تبديلا*
نشر في 01 نونبر 2015 .
أيّها المسلمون الجزائريون:
الحمد لله الذّي شرّع الجهاد دفعا للعدوان، و تأمينا لعقيدة الإيمان، و حماية لحدود الأوطان، و صيانة لكرامة الإنسان، و درءا لمخاطر عبدة الأوثان.
نحمده سبحانه و تعالى فضّل المجاهدين على القاعدين درجات، ووعدهم بالنصر المبين و التمتع بنعيم الجنّات، و نصلّي و نسلّم على سيدنا و رسولنا محمّد بن عبد الله نبيّ الرحمة و رسول الأنام إمام المجاهدين، و قائد الغرّ المحجلين، جاهد في الله حقّ جهاده، حتّى آتاه اليقين، و أيّده بالنصر العظيم و الفتح القويم،
اللهمّ صلّ و سلّم و بارك عليه، و على آله الأبرار و صحبه الأخيار و أزواجه أمّهات المؤمنين الأطهار، الذين اعتصموا بربّهم، و توكّلوا على ربّهم في جهادهم، فمكّن لهم في البلاد، و أعزّهم بين العباد، و كان لهم النصر و التمكين على أعداء الملّة و الدّين.
أمّا بعد: معاشر المؤمنين الموحدين:
المعروف أنّ الأمم لا تنال حريّتها، و لا تصل إلى تحقيق أهدافها، و لا تصون كرامتها، إلاّ بالإيمان يملأ قلبها، و يضيء السبيل أمامها، و يهديها إلى طريق الفوز، و تحقيق النصر، و إنّ الحفاظ على الإيمان قوام الأمان، لا يكون إلاّ بإرساء عقيدة*الجهاد*دروة سنام الإسلام، كما جاء في حديث معاد حيث أخبره الرسول بقوله:"ألا أخبرك برأس الأمر و عموده و دروة سنامه؟، أجاب معاد: بلى يا رسول الله، قال عليه الصلاة و السلام:*رأس الأمر الإسلام، و عموده الصلاة، و دروة سنامه الجهاد، و حسب المجاهدين شرفا أنّهم باعوا أنفسهم و بذلوا أرواحهم و دفعوا مهجهم و أموالهم أعزّ و أغلى شيء عندهم في سبيل الله لإعلاء كلمته، ورفع رايته، و حماية أرضه و عرضه، هذا النفيس الغالي باعوه لله عزّ سبحانه، و اشتراها ربّ العزّة و الجلال بثمن غال بجنّة عرضها السماوات و الأرض، قال تعالى:* إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأنّ لهم الجنّة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون، و عدا عليه حقّا في التوراة و الإنجيل و القرآن، و من أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذّي بايعتم به، و ذلك الفوز العظيم* التوبة/112.
تلكم -معاشر المؤمنين- هي مقوّمات النصر و التمكين كما أمر الله سبحانه، و أذن رسوله محمد صلّى الله عليه و سلّم، لا يخلوا منها شعب من الشعوب، أو وطن من الأوطان، إلاّ سلّط عليه الذلّ و الهوان، و كان لقمة سائغة في موائد اللّئام، ينالون من ضعفه، و يحتلون أرضه من جهل شعبه، و يسفكون دمه من تمزّق شمله، و يمسخونه قردة و خنازير من نزاع أبنائه، و بهذا كان احتلال الأوطان، و غزو البلدان، و سلب الحقوق و سبي النسوان، و افتكاك البراري، و تدمير العمران.
لقد ابتلى الله شعبنا الجزائري في حقبة من أحقابه التاريخية المعاصرة ببلية من أعظم البلايا، ورزية من أجلّ الرزايا، وهي احتلال وطنه و غصب لأرضه أرض الإسلام، و نهب لخيراته، و محاصرة دينه، و سلب لحقوقه، فقد تعرى شعبنا من كلّ شيء يمت بصلة لوطنه، و ينسب إلى مقوّمات هويته و دينه، فكان فوق أرضه أسيرا، و في رحاب وطنه سجينا، و نحو عدوه عبدا مستعبدا و خادما، فسلب من كلّ شيء و حرم من كلّ حقّ، و عاش ذليلا مهانا، فلم يبق له إلاّ شيء واحد لم يتمكن العدو المحتل من مصادرته منه رغم محاولاته المتكررة، و هو إيمانه بالله، و قرآنه المحفوظ في صدره الحصن الأمين ظل يتلوه صباح مساء، و ماذاق طعم الحرية و لا وهبت له من قبل عدوّه المتغطرس، إلاّ بعد أن استلهم روح الجهاد، و أدرك قيمة الاستشهاد، من قرآن ربّه و قيم دينه السمحة، و لم يثن ذلك ثلة من الجزائريين الصابرين برفع رايته في ليلة اختاروها و هي ليلة الفاتح من نوفمبر 1954م، و هذا التاريخ الميلادي لاندلاع راية الجهاد يؤرخ للتاريخ الهجري الذي يوافق يوم 06 ربيع الأول 1374 هـ و شهر ريبع الأول عند الجزائريين هو ربيع الأنوار لأنّه يذكرهم بميلاد نبيهم و رسولهم المصطفى محمد عليه الصلاة و السلام الذي كان يحظى عند الجزائريين بمكانة خاصة و منزلة عظيمة يذكرهم فيها بسيرة المصطفى و أخلاقه و محامد صفاته و جليل أعماله،....لقد انتصر الجزائريون على عدوهم المتغطرس، فلم يجد من إسلامهم إلاّ القهقرى، و من اتحّادهم إلاّ القرقرى، و من جهادهم واستبسالهم إلاّ الفرقعة، فما كان منه إلاّ أن استسلم و خرج من ديارنا وارتحل،.....وانتصرنا عليه بعقيدة الإسلام وراية الجهاد، ورجعت الجزائر بعد النصر و التمكين إلى حضيرة الإسلام الفيحاء، و يومها أهدى الجزائريون فرحة نصرهم و أرضهم إلى أشرف مخلوق، و أحبّ مرسول، و خير صاحب محبوب محمد سيدنا عليه صلاتنا و سلامنا
أيّها الجزائريّون:
إنّ بين جهادكم الّذي أعلنتموه في هذه الليلية النوفمبرية المباركة، و جهاد الرعيل الأول من المسلمين بقيادة الرسول الأمين في غزوة*بدر* تشابه و تماثل كبير في المعاني و المقاصد التي من أجلها شرّع الجهاد في الإسلام، فلا عجب من قول شاعر الجزائر*مفدي* ممتنا عن هذه الليلية حينما يقول مناجيا نوفمبر:
*و ذكّرتنا في الجزائر بدرا*** فقمنا نضاهي صحابة بدر*
فرحم الله شهداء الجزائر الأبرار الذين لا يحصي عددهم إلاّ الله، و جازى الله رجالا صادقوا ما عاهدوا الله ورسوله فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا، و حفظ للجزائر أمنها و سلمها واستقرارها، و قيد الله لمن يتولى أمرها خيارها، و أدام عزّها بين الأمم و أعلى سؤددها وهدى شبابها اللهم آمين يا رب و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
-
محمد لعروسي حامديبعد أن قضيت فترة زمنية في التعليم الثانوي انتسبت في سنة2000م إلى وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف فاشتغلت فيها: مفتشا للتوجيه الديني و التعليم القرآني....