بعد ضياع ما يقرب من 12 عام من التعليم الأكاديمي بكل ما فيه من ضغط وإهانة ، سألت نفسي ماذا تعلمت فيما يقرب من عِقد تنتفع به في حياتك ؟، وجدت إجابه في منتهى الحسره ؛وجدت أنني تعلمت كيف أضغط على نفسي وأضيع وقتي وأكره قادتي واحتقر العلم والمعرفة واستهزء بكل ما أراه يفكر أو يقل الحق، مع كيفية الضرب والطرح والحروف الأبجدية لكي نكون منصفين!.
من عادتي أنني شخص عملي ولا احب البكاء على الأطلال ،فقلت لنفسي لو كنت مسئول أو لك حرية التعليم ماذا ستفعل يا جهبذ زمانك؟!، ولقد أدركت بعدها انني جاوبت على نفسي في السؤال نفسه والإجابة هي حرية التعليم ،ولكي نفهم معنى حرية التعليم علينا اولا التخلص من الأفكار التقليدية للتعليم المتمثلة في المناهج الموحده والمباني المدرسية والنظر إلى التعليم على أنه هواية! ، نعم هواية لا تتعجب من الكلمة، فإذا ضربنا مثل عليك انت يا من تقرا هذا المقال، ماذا لو بعد تعلمك القراءة والكتابة والحساب في سن التاسعة تم إطلاقك حر تتعلم ما تريد أن تتعلم ؟، يأتي شخص ويقول لي انت غير واقعي، لان الطفل في هذا السن يكون قراره متجه نحو اللعب والمرح ولا يريد التعلم.
اقول له اللعب في حد ذاته تعلم ، إذا مارس الطفل رياضة أو حركة معينة فهذا تعلم ،ومن سن الطفولة حتى سن المراهقه هذا يكون افضل وقت للتعلم والتميز في أي مجال تريد تخيل انك مثلا قررت أن تتعلم البرمجة وقضيت في تعلمها 12 عام كيف سيكون مستواك؟
ماذا لو تغيرت نظرتنا للمتعلم المتمثلة في الشهادة الجامعية إلى نظرتنا على ماهيته العملية نفسها ،اي ما هو يتقنه ويحبه ونستفيد منه، إذا تركنا الاطفال يمارسون ما يريدون ويختاروا بأنفسهم ما يريدوا أن يكونوا بعيدا عن وضع مناهج دراسية تتحدث عن تاريخ مزور أو قانون فيزياء أو رياضيات معقد بمجرد خروجي من الامتحان سأنساه وأمزق الكتاب الذي يوجد فيه ، ماذا لو تركناهم بدون إشراف توجيهي أو عقاب قاسي وعلمناهم وازع الضمير والحرص على المستقبل ؛ سيكونوا حقا تعلموا ؛ تعلموا وتثقفوا في كل شئ لأننا تركناهم في شئ أشبه بسوقٍ كبير وعليهم أن يجربوا ويختاروا في النهاية ما يشاؤا.
اعلم أن ما حكيته أشبه بفيلم خيال علمي وخصوصا في عالمنا العربي المتبني سياسة (تعلم كيف تكره التَّعلُم) ولكن مهما طال الزمان وتعددت طرق التعلم ستصبح حرية التعلم والتعلم الذاتي هي الطريق الوحيد للنجاه من الثقب الاسود!.