السطوة..أحاديث
حياة لا تبالي بالسذاجة
نشر في 21 غشت 2021 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
ما رأيك، أن نتكلم بشيء من السذاجة والهزل ،وأن لا نتكلف تلك الكلمات العسيرة والتعابير المبهمة ،وأن نتفادى ذلك التخويف الذي نقذفه في قلوب بعضنا وتلك المشاعر النافرة الشاردة التي نعامل بها بعضنا ،ما رأيك أن نبسط الأمور إلى منتهى البساطة الممكنة وأن نتحدث عن أتفه الأمور التي تخطر على بالنا ،ما رأيك أن أصف لك طريقي الذي أسلكه إلى مخبزة الحي،أو أحكي لك عن الحوار الذي دار بيني وبين سائق سيارة الأجرة أو عن الشجار الذي وقع في السوق بين الباعة ، أن أسرد لك أحداثي التي لا تتعدى كونها سذاجات المعيشة البريئة سرعان ما تختفي مع مغيب شمس يومها
كم هو ممتع الإستماع لحديث شخص بسيط عن أشياءه البسيطة تلك التي تغرقك في بحر ناعم من المشاغل الهادئة تتقلب فيها بين أحوال البيئة والمجتمع والناس المتوارين في خضم الحياة العاتية بالرغم من بساطتهاحينئذ تسرد القصص التي لا تلبث أن تتحول إلى أساطير تلتف حولها الأسماع فتبهر العقول ،حينئذ تصقل الأفهام وتتجرد الآفكار لتحتمل العرف والمبدأ وتزاول التربية والتثقيف .
ولا عجب .. فمن تلك البساطة تنشأ العظمة المبهرة ، عظمة أولئك الذين نتسآءل عن أي شيء أخذهم تلك المآخذ وغيرهم ذلك التغيير، لم تكن الحياة إلا قطرات نضت وجوهنا وقلوبنا وتجمعت فينا فتراءت لنا فيما بيننا حيث لم نع أو نسلم أن تكون موجودة بدوننا أو تظهر في غيرنا ،من تلك القصص ضربت الأمثال واستنبطت الحكم وتفتقت الأذواق وشحذت الحواس وارهفت المشاعر ومنها جاد الوصف ولمع التشبيه ،ولم يكن مبدأ ذلك كله إلا قصصي وقصصك العابرة الساذجة ،إلا أحلام وأوهام دفعتنا إليها شقوة حلوة أشقتنا بها الحياة أن تفتقدنا أو نفتقدها ،و لما جلسنا مجلسنا ذاك والتفت بنا رؤى الغد الذي لا يأتي أبداً ..الغد الذي نحاول أن نكون فيها أسيادا على هذه الحياة ،الغد الذي لا ننتظر فيه منها شيئا بل الذي ستتوقف فيه هي حتى نتبادرها وننقذها ،الغد الذي ستنظر فيه الحياة إلى رحمتنا ورأفتنا ،الذي ستعترف فيه بفضلنا عليها يوم لا نبالي بسطوتها وعتوها ،يوم لا تتملكنا الرهبة التي تذوينا وتزوينا بعضنا إلى بعض ..إذ ذاك روينا القصص ومن قصصنا انبجست الرجال تروي التاريخ ،وتكتب الأساطير
إذ لم نجعل حياتنا بسيطة وادعينا أنا غلبنا عليها وتراكمت علينا فيها ما أكثرنا من تسمياته وتعريفاته حين تهافتنا على الإنقياد له و تواطئنا على استعباد أنفسنا بين يديه فرارا من قهر الحياة زعماً منا وإن لم نبلغ في ذلك مبلغا ،فلم يكن ولن يكون شيء خارجها أو يستطيع الإستعلاء عليها وإن كان فهو مجرد وهم توهمنا هي به حتى تقودنا إلى حيث تريد ..
وإن علمنا كذبنا على أنفسنا وبعضنا وإن تواطئنا على إجهاض معاني الحياة تلك و وأدها تحت الأقدام ..وإن تباكينا عليها وتحاملنا على بعضنا في اتهام بعض بالجرم ، فلما لا نتواطؤ على لحظات من الوهم نعيش فيها براءة الحياة ثم نتقاص على بعضنا تلك الأوهام فنضحك ضحكات بريئة ونستسلم لغمرة الحياة في تعاجز موهم على مقاومة سطوتها،فلنجعلها تتخللنا وتندفع في أعماقنا لعلها تجد فيها بقية باقية من بدائيتنا التي نفرت منا فتمزعناها وتركناها تتلاشى تحت أطمار الإستعلاء الهمجي الذي تراكبناه ليحدث فينا ومنا شيئا جديدا ليس هو نحن ولا نمت إلبه بصلة ،فتنفجر من جديد لتتصل بأمها وتتفتق خلالها ثم تعاود إنشاءنا فيها نشئا بريئا زاهيا لا ينذوي إلا تحت سطوتها الخلابة تتكور علينا و بنا في كل أحوالها فتشغلنا بها وتغرقنا فيها كلما أردنا أن نتمزع أو نتمزق عتت علينا بجبروتها فبهرتنا وقذفت فينا رهبتها لتمنعنا من التآكل والإضمحلال ، هل من مشقة في ذلك ،هل من نقص معيب في ذلك الإستسلام والإنقياد،،أي خطأ نقترفه إذا اندمجنا في الحياة كجزء منها نتحرك بها ومعها دون تلك العنجهية والسادية التي لا تنفك تنفرنا منها وتشذنا عنها حتى نجعل من أنفسنا أعداء لها ،في الحقيقة أن عداءنا ليس إلا لأنفسنا وأن حربنا التي نشنها إن هي إلا إبادة لنا وأن الحياة كانت قد حسمت أمرها معنا منذ أول وهلة كنا فيها ،عندها كانت قد احتوتنا وخططت لنا مسارنا المتواكب معها ،وكل ما نعانيه من التلوي و التعنت لا يعدو إلا صورة من صورها التي لا يبلغ إدراكنا كنهها ،تماما كما لا ندرك كنه تلك النهايات التي تتمثل لنا إعتداء وجناية تطول الأضعف أو الأشذ
ليتني استطعت أن أسمع أو أحكي قصصا عن أبسط ما في الحياة ،عن نفس تنفسته أو شربة ماء تذوقتها ،عن نسمة منعشة تخللت صدري أو حتى عن رهبة تجللتني في قصفة رعد أو هدرة عاصفة ،عندها ستتلى الأساطير الأكثر براءة والأنصع بياضاً والأقوى فتكا بكوابيس الخوف والكره التي تمنعنا من الحياة
التعليقات
هذه البساطة صنعت مقالا عظيما .
رائع
https://rwaealfekr.blogspot.com/
وهذه صفحتى على رقيم:
https://www.rqiim.com/agwad