✍ حينما تأسنُ النفوس، و تتكدر صفحتها في معترك الحياة، و يتراكم من فوقها صدأ الشرود، وأوجاع الأحزان ، تتعاظمُ حاجتها إلى موعظة تنساب في رفق وأناة، فتُحدث الهزَّة المنشودة في النفس، وتحرك كوامن شوقها إلى التطهر ، وتجلو عنها راناً من غفلات قد أثخنتها بالجراح، و عذابات وهموم توزعتها شظايا ، فإذا بالموعظة تجبُر كسرها، و تجمعها على الله. تحييها من مواتها... تبرئها من سقمها... تخرجها من ضيقها وكزازتها... تعيد إليها وهج الحياة...حياة القلب! ولا حياة أيها الإخوة والأخوات إلا مع الله.
كل الأوقات التي نشمخ فيها بأنفسنا ، و ينفخ فينا غرورنا أن قد صرنا شيئاً ذا بال... ضياعٌ في ضياع.
إنما اللحظة الجميلة المترعة جمالا هي تلك التي نقضيها مع الله. مع ندى كلماته، ونسمات وعده... يتحدثُ إلينا مولانا عن سره فينا، عن هذه الدفقات الحية المتحركة الآن لحظة هذه الكتابة، وعن غيب آت آت لا مرد له من الله.
ليست الموعظة أيها الإخوة والأخوات كلمةً صقيلة زينتها زخارف السجع والإعراب...
إنما الموعظة التي ننشد، والخطبة التي إليها نتلهف ... هي تلك التي تتوهج توهج النور. يحدثك الواعظ فتشعر أنك تكتشف عالم قلبه، وترى الوهج يخرج من خلاله، فإذا قلبك الساجي يصحو، وإذا نفسك السامدة تستيقظ، وإذا الفرحة المحبوسة تنطلق. قلتُ: فرحة! أجل. وأي فرحة أجلّ من شعورك أنك عدتَ... نعم عدتَ إلى الله!
و نِعْمَ العبد يؤوب إلى الله!
✍
أعسو المصطفى
14/02/2016