أمشي قليلًا ، في برد يومٍ مشمس ، نسمات هواء عليلة تداعبها الشمس بدفئها ، وضعت السماعات في أذني و ارتديت معطفًا يدفِئني بُغية رحلة جميلة أمشي بها صباح يومٍ أمله سعيد ، أنظر إلى مستقبلي ، و أبحث في أحلامي و أنتظر قرارات مصيرية و أتفكر في نفسي و تارة يهوى القلب فيذكر هؤلاء ممن اعتزمت عزلتهم ، فالقلب لا قلم عليه ...، كانت شمس يومي مشرقة إلى هنا ، تخبرني أن كل شيءٍ على ما يرام ، حتى مرتّ من أمامي تلك الحافلة ،...حافلة !و ما بها ليس بالغريب ...
ولكن الغريب أن تلك الفتاة التي تقطن فئة عمري قرابة العشرين تنزل منها ، ولكن تخونها قدميها فتزل ، فتقع ، فتردى أمامي على وجهها ، و من سوء حظها أنّي كنت أرى المشهد كاملًا ، توقف السائق ، نظر إلي و أشار بيديه إليها و قال موجهًا كلماته لي :فلتسعفيها !
لا ألوم الرجل ،أو لنقول ذاك الشيء ..!
أسرعت للفتاة ، أخفف عنها ولا شيء أصابها ضمادات و الأمر سيكون على ما يرام ...
وجدتها تبكي بحرقة ، وأشارت بيديها إلى الحافلةو تفوهت بكلمات لا أفهم منها سوى "هيجوا، هيجوا " ، فأخبرتها من هم ؟
فأخبرتني بصوت يملأه الأمل ، و الثقة العمياء هؤلاء ، أصدقائي كانوا معي بالحافلة سيأتون الآن شكرًا لكِ ...
نظرت للحافلة و تكاد تختفي على مرمى البصر و لا أحد على جانبي الطريق و من ثم قلت لها حسنًا إلى أن يأتوا يا صغيرتي سأساعدك ..إلى أن يأتوا ...
رمقت الفتاة الحافلة بعينيها و هي في حالة يُرثى لها ، رأتها تختفي بين ضباب يوم أشعل الرماد في قلبها ، و بدأت تُسرد لي المعاذير التي حالت بينها و بين أصدقائها ، ولكن نظرت في عينيها تلك التي باحت لي بكل شيءٍ ، علمت يقينًا أن شيئًا ما انكسر بداخلها،و إن كانت تحمل لهم الأعذار ظاهريًا ولكن باطنها يتوجع ألمًا ...
أمسكت بيديها الباردتين و قلت لها ، لا تقلقي هؤلاء ممن أطعمونا رغيف الحب المثخن سيأتي يومٌ ، و يحتاجوننا ...
فنظرت إلي و بكت و أرجت رأسها إلى كتفي ، قلت :لا ، لا تفعلي ...
اقتنين لها "عكازًا" ، أهديته لها وقلت هيا فلتتكئي عليه ...، سأذهب أنا أيضًا مثلهم و لن يبقى لكِ سوى هذا يا مسكينة ، ألم تتعلمي الدرس !
-
Maryam Tahaطالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..
التعليقات
نعم ..ففي يوم ما .. ستجد نفسك وحيدا في نهاية الطريق .