تتعدد المبادئ , تختلف وتتفق , تحمل ما تجده مُناسباً لك في حقيبة حياتك وتغدو بها في الطريق , ولكن المبدأ الوحيد الذي لا يُلامس التعدد ولا يحتمل الإختلاف هو مبدأ المُحبين , فهو المبدأ الوحيد الذي إتخذوه أمراً لا يحتمل نقاشاً أو نقداً أو حتى تعديل , هو مبدأ لا يختلف عليه إثنين قد إجتمعوا على رحمة الله المُنزلة على عباده " الحب والمودة " , فكيف لهم أن يضعوا له قوانين تضبطه أو حدود يقف عندها ولا يتخطاها وهو النعمة الإلهية التي وإن خلت الحياة منها ستغدو الغابة الموحشة والجحيم الحقيقي الذي لم تتخيل حتى مجرد التخيل مدى قسوته ؟! , قد وجدوا فيه الحياة الجديدة التي لم يعثوا عليها في واقعهم المألوف , الروتيني , الذي يُقلب إرادتهم كل لحظة من القوة إلى الضعف ومن الضعف إلى الوهن ويستقر بهم الأمر إلى السقوط المؤبد ! , فهل تتوقع الآن أن المُحبين سينتزعوا مبدأهم هذا من بين ضلوعهم التي يُثبت بها شعلة حبهم " القلب " ؟ .. خاسراً أنت إن حسبت ذلك ! ..
الحب يا سادة هو البداية ..
هو نهاية كل بداية تعصف بإستقراركم النفسي والذهني , فلا يُخيل لكم أن الحب سبب في تعاسة أو شقاء , هو لم يُخلق لأجل ذلك , بل هو السر وراء كل نجاة تخيلتها غرق , النجاة التي ستلتقطك خارج نطاق الحياة نفسها , وتجعل لأنفاسك المعنى , فقد وجدت أنفاسك هذه لا جدوى منها طوال سنوات عمرك , مجرد شهيق وزفير لا تُدرك معناه , وماذا إن توقف لحظة ولمَ يتحكم بوجودنا ؟! , غريب أمره بالنسبة لك ولكنك " ما باليد حيلة " , فلن تقوى حتى على إيقافه عمداً , وإن نجحت في إيقافه ستجدك قدر رحلت عن العالم بأكمله ! , ولكن بقليل من قطرات الحب التي تروي تربة قلبك الصلبة ستجد الوضع يتبدل لما لم تتصوره يوماً , فأنفاسك تلك التي بغضتها كثيراً أصبحت الآن أكثر خوفاً من أن تتوقف وتُعلن عن فناءك , أكثر إضطراباً حيال أمر الموت نفسه , تنزعج بمجرد ذكره أمامك , تشعر وكأن الحياة قد أغلقت أبواب اليأس وقلة الحيلة وجعلت أبواب الأمل والإشراق مفتوحة أمامك دون أن تجد لهم مفتاحاً يُعيد غلقهم من جديد , وتتساءل حينها : كيف لمجرد قطرات بسيطة من هذه الطاقة الساحرة ذات المفعول الأكثر سحراً منها ان تُبدل أحوالك بين ليلة وضُحاها ؟ , تلك الليلة التي قضيتها في سعادة غامرة لقلبك حيث أنك قد وجدت شريك قلبك أخيراً فكيف له أن يُغلق جفونه ويهرب من هذا العالم الذي تفتح أمامه أخيراً كزهور الربيع ؟ , يهرب منه تحت مُسمى " النوم " ؟! , أيُعقل أن يفعل ذلك بمنتهى السهولة وبكامل إرادته ؟! ..
يتصادف البشر ..
وتتلامس خطواتهم في طريق الحياة الذي يتوجب عليهم سيره حتى النهاية دون أن يتفوهوا بحرف حيال أمر عنفه تجاهم , وما يجعل الطريق الشائك المُعمر بالأشواك طريقاً له ملمس ناعم على أقدامهم , ويجعل الشدة التي هي عنوانه الأوحد تتبدل لـ اللين الذي لن تجد مثيلاً له طوال مشوار حياتك ..
هو الحب , فما غيره قادر على جعل الصخرة الصلبة القاسية كريشة تُحلق في السماء وتتقاذفها تيارات الهواء في رشاقة ونعومة ؟! , وهنا يكمن سحره الحقيقي , هذا السحر الذي أدركه المُحبين ووضعوا له مبدأ وقانون لم ولن يتخلوا عنه لحظة , فأصبح الأمر بالنسبة لهم أمراً مصيرياً , يمكنك السخرية في أي أمر يخصهم إلا هذا الأمر , يُمكنك إلقاؤهم من أعلى قمة جبلية قد تراه عيناك يوماً وسيستقبلوا هذا الإلقاء بروح رياضية ونفس راضية , ولكنهم أمام إلقاء مبدأهم هذا في سلة المُهملات كأنها لن تُزيد الكون إلا إتساخاً فهذا الأمر الذي لن تجد مردوده عليك إلا العنف والنفي خارج نطاق الحياة برُمتها !! .. هل تتصور معي كم هو أمراً هام بالنسبة لقلوبهم التي أنهكها الشعور والإحساس " الجميل " وبهذا الإنهاك قد وجدوا متعة الحياة ولذتها الأصلية ؟ , فتخيل أيضاً أنهم سيفعلوا أي شئ من أجل الحفاظ على حيوية مبدأهم هذا ..
والآن , قد ثار فضولك وتود أن تعلم ما هو المبدأ الذي يُبدل البشر ويُعيد لهم إنسانيتهم من جديد .. فإليك السر ..
ينص مبدأهم على الآتي :
الحب أولاً ..
ثم تأتي بعده شكليات الحياة ..
فبدون الحب , لن تقوى على إتمام أبسط الأشياء وأتفه الأمور في دُنياك , فما بالك بأمر إتمام أساسياتها ؟! ..
هذا هو مبدأهم الذي لن يحيدوا عنه ولن يتقبلوا سواه ..
فلتُبجل مبدأهم هذا وضعه موضع التوقير والإحترام , وتذكر أن بدون هذه الطاقة الهائلة الساحرة التي تُسمى " الحب " , لن تستطيع تذوق كلماتي هذه ولن تشعر بإنتفاضة نبضات قلبك , بل لن تشعر أن لك قلباً من الأساس ..
التعليقات
بالفعل الحب هو أجمل ما في الوجود, لكن للأسف الناس يجعلونه صعباً بسبب القيود التي يفرضونها على أنفسهم وعلى أحبّتهم. وبسبب استماعهم للنصائح المسممة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص فشلوا في علاقاتهم فيرغبون أن يفشل الجميع كذلك حتى لا يكونوا بمفردهم.
أبدعتِ. وفي انتظار كتاباتك القادمة.