الإعتياد علي الألم يجعل الألم غير أليم
هل التضحية هى أول أبواب الإهانة أم أنها الصفة الإنسانية لإثبات هوية عاطفتنا ؟
نشر في 02 نونبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
حينما كنت أشاهد التلفاز جاء مشهد أثر بي كثيرا حفر بوجدانى أثرا موجعا مصاحبا ببعض النقد الممزوج بالعاطفة ، كان المشهد لزوج يعتدى على زوجته بالضرب أمام والدتها ، كم المشاعر التى يختزلها كل شخص منهم مليئة بالكثير والكثير من التفاصيل .
أحيانا تقودنا الصدمة إلى إصابة ردود أفعالنا بالشلل عند رؤيتنا لشيء يفوق توقعات أفكارنا السلبية بمراحل كبيرة ، وهذا ما شعرت به من نظرات الأم ، كانت من الصدمة مثل السجينة التى ترى أمامها جزءًا منها يُهان ولكنها لا تملك أسلحة فَتَّاكة لتخليصها مما هى فيه ، فما كانت تحتكم عليه هو البكاء الحبيس بصرخة مؤلمة للإستنجاد بمن يَفُك أسرها لحماية إبنتها ، نظرة شفقة وحسرة لا يمكن التعبير عنها بالكلمات الجفة الموجعة .
ما عن الزوج فنجد بعض المشاعر المختزلة بداخله ، مشاعر حقد وغل مُفعم بكم مشاعر سلبية مُصاحبَة بأفكار عدوانية تجاه الضحية التى أمامه وكأنه في تلك اللحظة تحول إلى حيوان مفترس أمام فريسة ضعيفة يمارس عليها فيما يسمونه في علم النفس بالإسقاط :
( إسقاط ضعف الشخص لجانب معين في الشخصية على شخص آخر أضعف منه في تلك الجانب ، و ذلك للشعور بلذة الإنتصار على الأقل منه قوة وليبرهن عن نشوة إشباعه بلذة نجاحه في ملء الفراغ في تلك الجانب من شخصيته )
بالطبع هذه الأفعال المصاحبة بالسادية لا يفعلها أشخاص أسوياء نفسِيًّا وبالطبع أيضا هذا يندرك تحت الكثير من المواقف التى قد يكون مر بها تلك الشخص أدت به إلى وصوله لتلك الوحشية في الأمور مع الفريسة الأضعف منه وهى الزوجة التى تختزل بداخلها كم من الآلام والتشوهات النفسية كادت ان تملء بها بحور ، وبفطرة القاضي الذى بداخل كلا منا بالطبع نتسائل ببعض الأسئلة التى يكون السؤال عنها أمر بديهي مثل :
ما الذى يجعلها تستمر في تلك العلاقة ؟
لماذا أختارت تلك الشخص بالرغم من أن كل إنسان مهما حاول أن يتجمل فالطبع في النهاية يغلب التطبع !
والكثير من الأسئلة دائما نطرحها على الزوجة التى لا نكف عن اللوم عليها ، ولكنى عندما تعمقت أكثر في كل شخص من الثلاث وجدت منهم ما هو سلبي وما هو إيجابي ، نعم ما هو إيجابي أيضا فلكل شخص منا الجانب هذا وذاك لم يكن احد سيئًا بشكل كامل وبالطبع لسنا ملائكة !
وجدت أن الزوج يمتلك الكثير من الخصال السيئة التى تقوده لأفعال وحشية سادية ، فهو لم يكن ذو أخلاق رفيعة بأن يَمتَهِن بلغة حوار مهذبة وتقبل إختلاف الآراء ، لا يحترم الحدود التى نص عليها الدين والمجتمع والتربية فيما يخص إحترام الكبير ( المقصود بها أم الزوجة ) ، لم يحترم زوجته وأخيرا لم يحترم نفسه في كيفية إظهار ردود أفعاله بشكل متحضر
كل هذا إن دل على شيء فيدل على شخص سيء الطباع غير أخلاقي تماما ، ولكن دعونا نكف عن النظر لقشور الأشخاص ونخوض التعمق في نفوسهم قبل إبداء اللوم عليهم ، إذا إستعنا بقانون السببية الذى قام بمناقشته وتعديله ووضع آراء به الكثير من الفلاسفة فنجد أن لكل شيء في الحياة سبب يدفعنا لردة فعل ما او لتكوين وجهة نظر معينة هذا السبب يمكن ان يكون تربية او موقف او حتى شخص ما .
لا يوجد شيء يحدث بدون سبب ، في اوقات كثيرة ننقد أهلنا في بعض الأمور بالحياة إلى أن نكبر ونكتشف اننا نفعل مثلهم دون شعور ! ، نعم فالبيئة المحيطة بنا تشكل نسبة كبيرة جدا من شخصيتنا وأفعالنا حتى آرائنا ومعتقداتنا ، لذلك نجد إناس أسوياء نفسِيًّا نتيجة لنشأتهم ونجد إناس مشوهون نفسِيًّا وإذا عثرنا بداخلهم من أعماقهم نجد ندبات من الحزن والأسي محفورة بداخلهم قامت بتكوين شخصية مشوهة أقرب إلى الرماد .
دعونا نمثل حال الإنسان في النبات الذى يكون بذرة في بداية الأمر يوجد أشخاص يعتنوا بتلك البذرة ويعطوها حاجتها من ماء ومناخ جيد طيلة الوقت ، ويوجد آخرون يهملونها إذا قاموا بالأهتمام بها تارة واحدة يرجعون بإهمالها عشر إلى أن تذبل وتتشوه ، ولكن يمكن إلحاقها حتى في مرحلة الذبول ،
فحينما نرجع الإهتمام بها لتحيا مرة أخرى بالطبع لم تكن مثل التى أعتنت منذ البداية ولكنها على الأقل تنقذ ما يمكن أن يتم إنقاذه في المتبقي بها ، هكذا الإنسان أيضا إذا كان ما مر به مُسبقًا من نشأة غير سليمة او تجارب أليمة قامت بتشويه ما بداخله فيمكن أن يستعيد رونقه مرة أخرى بإحاطته بأشخاص تساعده على إعادة تأهيل نفسي ومعنوى ليحاول ضَمد تلك الندبات مرة أخرى ولكن ذلك يتطلب العديد من الخطوات ،
لذلك لا يمكن خطوة تأتى قبل الأخرى وبالتالى ، فالشخص هذا يكن في ذلك الوقت غير مؤهل للدخول في علاقة مع اى شخص إلا بعد مرحلة إعادة التأهيل النفسي التى تتيح له الدخول في علاقة مرة أخرى وبشكل سليم .
الزوجة التى تتعرض إلى العنف بالطبع هذا يؤثر على الحالة النفسية الخاصة بها بسوء ، يجعلها على نقيضها تماما فإذا كانت قوية تصبح ضعيفة هشة مستسلمة لما يحدث لها ، تصبح فقيدة لكل وسائل إحترام الذات ، تكون في حالة عطش للعاطفة ، تذبل مثل الزهرة في خريفها ، العنف والأضطهاد بجانب أنه يولد الضعف فهو أيضا يخلق الإهانة والإعتياد على الإهانة يقتل كل الحواس الإستشعارية بداخلنا ، حتى حينما نحاول إستعادة حياتنا والتمرد على كل ما يؤذيها لكن تصبح الإهانة هى النقطة السوداء التى لا يمكن أن يمحوها الزمن
لذلك تذكر/ى أن التضحية عمل نبيل ومثال للبطولة ويجب أن نضحى من أجل بقاء الأشخاص الذين نشعر معهم أنهم يصلحوا أن يكونوا بجانبنا ولكن من يصلحوا فقط بهذه المكانة وليس اى شخص !
لأن التضحية الكبيرة هَيِّنة ولكن التضحيات الصغيرة المتواصلة في الحياة صعبة تحتاج من يقدرها فقط من يقدرها وإلا ستكون حق مكتسب لديهم فيما بعد ،
كن على يقين ألا تخف من خسارة أحد كن خائفا فقط من خسارة نفسك في محاولة إرضاء شخصًا آخر .
-
jihad elkadyضع قليلا من العاطفة على عقلك حتى يلين و قليلا من العقل على قلبك كى يستقيم