وضع ياقوت رأسه بين كفيه وغاص في أعماق ماضيه ، ليرى مشهداً لأبيه وهو ينهال على أمه بالسوط وهي تتلوى وتستغيث وتستعطفه أن يكف عنها من شدة الألم ، هذا الرجل السكير ضئيل الجسم يمتلك قوة غاشمة لاتتناسب مع مظهره وانغماسه في شرب الخمر، هذه القوة الشيطانية لم تكن تظهر إلا عند تعذيب هذه الأم المسكينة ، بكى ياقوت وهو يرى أمه تُهان وتعذب بهذا الشكل ، شعوره بالعجز صاحبه شعور بالكره تجاه أبيه ، وفجأة قفز ابن الاثنا عشر عاماً من الركن الذي انزوى فيه داخل البيت هرباً من بطش أبيه الغير مبرر، وتوجه إلى المنضدة التي تتوسط البيت وسحب من فوقها سكيناً كانت قابعة بجوار تفاحتين عطنتين، واندفع صوب أبيه وطعنه ثلاث طعنات في الظهر، والدموع تملأ عينيه ، صرخت الأم صرخة مُدوية ونهضت من على الأرض، واحتضنت طفلها الذي ظل مذهولاً محدقاً في جسد أبيه وفي الدماء الممزوجة بالخمر التي تنبثق منه .
يد خشنة باردة لامست كتفه انتزعته من أعماق الماضي المؤلم ، ليرفع رأسه مرتعداً فيجد أمامه مخلوق قبيح الوجه يتوسط رأسه الأملس قرن فضي اللون،و يمتلك عينين حمراوين كبيرتين، تبُث الخوف في قلب من يراهما وأنف ضخم مُدبب وطويل ، وله ذراعين قويتين في نهايتهما يدان بأظافر سوداء طويلة ومدببة، وجسد أحمر اللون يكثو نصفه السُفلي شعر أسود كثيف وقدمان تُشبهان أقدام الجمل.
يُتبع
التعليقات
موفق في الجزء الثالث من رحلة ياقوت..