أخلد إلى النوم مرتدية سترة نجاة وتاركة مصباحا صغيرا يضيء باتجاهي من فوق خزانة تقع بجانب الباب خشية أن يشتد بي الضلام أو يغرقني الضباب.
ما أن أغمض عيناي حتى تتحول غرفتي إلى مكعب ممتلئ بالمياه وتبدأ رحلتي البحرية للوصول إلى أعلى رف من الخزانة .
أحاول كل ليلة السباحة بكل جهدي حتى لا أغرق ،حتى لا أتعب و أصل إلى المكان الوحيد الجاف أمامي،
لكن عمق المياه وكثرة الأثاث المبعثرة والعائم في الغرفة تجهدني وفي إحدى المرات انحشر جسدي بين دولاب الثياب والمكتب و التصقا بي حتى كدت اصير لحما مفروما لكن لحسن الحظ أن قطا قفز من النافذة محدثا تيارا مائيا تسبب في عدة دورات لكل ما في الغرفة وتسرب بعض المياه من النافذة ،تمنيت حينها لو أني قفزت من تلك النافذة أيضا لكن الخوف الدائم من الوقت الذي قد يأخذه جسدي نحو الاسفل يخيفني أكثر .
هذه الليلة كانت أفظل بكثير, فقد قمت بلصق جميع الأثاث بمكانه وتثبيت جميع الرفوف بشريط لاصق حتى لا تحدث فوضى معتادة لذا وجدتني أنساب لأول مرة بارتياح في تيار مائي هادئ مثل أغنية تنساب في أذني...
وصلت سريعا في الحقيقة،ربما رقم قياسي جديد لي،
تسلقت رفوف الخزانة محاولة أن لا أتلف خشبها ،فهذه الخزانة وإن بقيت فارغة فهي عزيزة على قلبي وشيء من رائحة الماضي...
في إحدى الرفوف وجدت ألبوم صور، توقفت لأفتحه لكن يديا كان مبتلتان كثيرا فانزلق الألبوم وسقط في المياه خلفي...ومن دون ان انظر او افكر تابعت تقدمي نحو الاعلى .
كنت جهزت المكان بغطاء ومصباح احتياطي وبعض الاكل في وقت سابق من النهار في حال طال الليل، ووسادة اذ ما قررت أن أسبح إلى حلم آخر ،
في الحقيقة لم يحدث أن غامرت بالسباحة الى حلم آخر غير مرة واحدة حين طال الليل،
في تلك المرة سقطت في واد موحل والضباب منعني من رؤية أي شيء وأضعت مصباحي لكن صوت في المياه طلب مني بتكرار هيستيري أن انزع سترتي وأغوص إلى الأسفل، كدت افعل حقيقة بدت الفكرة مغرية نظرا للضباب الهادئ والمياه الخضراء الراكدة والسكينة المحيط بي لولا أن إقتحام زائر غير مرغوب به على شكل هالة ضوئية نوافذ غرفتي فتبخرت جميع المياه وبقيت أتخبط على الأرضية المبتلة،
حينها أستيقض حاملة وسادتي معي إلى كل مكان أزوره، الشارع والميترو المقاهي تاركة خلفي دوما قطرات مياه حتى صرت سخرية الجميع.
يتحول جسدي من ممتص للمياه المالحة والضلام الى منتج متنقل لكل أنواع الغرق،
غير وسادتي التي تطفو دوما كل شيء أخر يغرق.
كل مرة أغمض عيناي أغرق في عتمتي الممتلئة بالمياه أكافح كي أصمد في السباحة من حلم إلى حلم لكني اليوم إكشتفت اني ربما مصدر كل المياه في الغرفة ليلا ،
فحين صدمتني شاحنة وانا أعبر الطريق شبه نائمة لم يتسرب من جسدي أبدا دم أحمر،كانت فقط المياه ،المياه التي تسربت مني و بعثرت الطرقات وآمتدت لتصل كل شيء وتغمر العربات والناس والبنايات العالية وكل المدينة،
كان حلما آخر سبحت فيه،لكني هذه المرة أضعت وسادتي التي طفت بعيدا عني في كل هاته المياه