كف الوهم صار وساماً - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كف الوهم صار وساماً

نحن مع من ؟ .. وإلى أين نحن ذاهبون؟

  نشر في 28 يناير 2017 .

أشكر الوهم كثيراً..لأنه علّمني أن الحقيقة مريرة لدرجة لا تحتمل، وأخبرني بأننا نحتاجه كي نشعر بقوتنا، من أجل أن نبني العنفوان بداخلنا ونمر دون خوف.

تقولي صديقتي آية: ما أفظع أن يقول لك الطبيب _مرة_ أنت مريض بالسرطان في الدم؟

ماذا لو أخبرني بأنني على مايرام، أليس كلامه بأنني مريض بالسرطان يعني أنني على حافة الموت .. وليكن!

ألسنا جميعاً على حافة الموت، هذا المرض الذي لم تستطع البشرية منذ الأزل أن تعالجه وتتخلص منه .. 

أعلم تماماً أن في الوقت نفسه الذي يخبرني فيه الطبيب أنني على مايرام، هو نفسه الذي سأقوم فيه مسرعاً نحو النيل كي أستنشق معنى الحياة، أمضي نحوها _نحو حبيبتي سارة_ وأقبلها في فمها مرة بحجم كل تلك المعاناة التي أصبحت وكأنها شيئاً لم يكن .. بحجم الخوف والقلق .. بحجم السهر والملل والسهد .. بحجم إنخراطي في بؤرة من العدم واليأس.

 كنت سأسرق نفسي إلى مقهى الرفاق نحتسي معاً القهوة، ونتنافس في قرقرة النرجيلة، ونطلق لعناتنا حول المرأة التي لازالت تعنّف طفلها كلما حاول أن ينظر من الشباك وكأنه ينظر للحياة، ونشمئز من رائحة الجزار الذي يعني عدم وجود تلك الرائحة ونظافة ثيابه برائحة العطر أن اليوم يوم الجمعة، وننصت جيداً لصوت البنت التي أرهقت العيون المصوبة نحو الجدار التي لم تخرج منه على الإطلاق وهي تعزف وتغني بصوت يجعلنا جميعاً ننساب بجمال وتنخفض أصوات قرقرات النرجيلة وننتبه جيداً لأنفاس تلك الفتاة وكلماتها الناعمة .. أمامنا _تحت شقة تلك الفتاة_ شاب لازال يحلم منذ خمس سنوات بأنها في هذا الوقت تحديداً ستفتح الشباك وتخرج له وتبتسم، فقط الإبتسامة كل ما يبغاه.

ماذا لو لم يخبره بوابة العمارة أن الصوت الذي كان يسمعه هو صوت أغنية مسجلة من الراديو لإحدى المغنيات التي ظلمها الفن ولم تظهر للعامة ولم تحصل على الشهرة والمجد؟!!

لا أعرف ما الذي أنتابني حينما سمعت صرخة من صديقي "حسن" وهو يجهش بالبكاء حينما صدمته حبيبته سارة وتركته يعاني الغياب، كما مات أبيه في نفس ذلك اليوم ،فاضطر لتأجيل عامه الدراسي .. يقول:

"بحق غربتنا يا صديقي .. لما كل هذا الألم؟!

إلى أي شىء نحن ننتمي للحزن أم للفرح أم للشر أم للخير أم للوفاء أم للخيانة أم للسفر في كل اتجاه؟!

نحن مع من يا فريد؟ وضد من؟ وإلى أين نحن ذاهبون في هذا المدى الطويل؟!".

ماذا لو عرف صديقي فريد أيضاً أن حبيبته سارة صارت حبيبتي، أليس هذا دافع كافي لقتلي أو لقتل نفسه؟!

كل ما أتذكره أني أشعلت سيجارتي مقترنة بكوب الشاي الثقيل والعجز يدور أمامي في الدخان في تلك اللحظة تنهدت بثقل وكأن العالم كله يحتضر بداخلي "حسن صدّقني وربما تكون تلك آخر كلماتي لك بل للحياة بشكل عام .. أننا يا صديقي دائماً بحاجه إلى الوهم، أعترف أمامك أني مدين للوهم بالكثير، والمرض الذي ينهش في جسدي الآن هو الحقيقة المميتة".





   نشر في 28 يناير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا