بين الهادف والهايف .. حرف و دمار عقول !
نشر في 20 يوليوز 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
مجرد حرف .. نعم الفارق الوحيد بين كلمتي " الهادف " و " الهايف " إختلاف حرف واحد , فقد لا تلتفت حتى لإختلاف النطق بينهم , ولكن في الحقيقة , الفارق أكبر مما نتخيل , مما قد يصل به عقلنا , الفرق الذي لن يحتمله العقل من الأساس وسيلفظه كما يلفظ الجسم العضو المزروع فيه , فرق سيُروع العقل , ويفزعه أشد الفزع لما به من حقائق خاطفة لأنفاسه , نعم , لقد إستطاعت مجرد كلمة السمو بالعقل البشري والإرتقاء به نحو مراتب الفكر المبدع الحر المبتكر , أو الإرتطام به على أرض الـ " التفاهه " وتهشيمه , ويتجلى الفرق بين الكلمة الأولى " المنقذه " والثانية " المهلكة " في أبسط مثال نجده في عصرنا هذا .. الإعلام .
قم بتشغيل تلفازك الآن , نعم الآن وأنت على متن مقالي المتواضع , وابدأ بتنفيذ الخطوات التالية واحدة تلو الاخرى بإنسيابية مع كل حرف أكتبه وتتلقاه مني ..
أولاً , " ابحث عن أي قناة تثقيفية تعليمية هدفها الأول والأخير هو إثراء العقل البشري بالمعلومات في مختلف المجالات ", واخبرني الآن : كم عدد تلك القنوات المتاحة لهذا العمل النبيل ؟ , واحدة ؟ , قناتين ؟ , ثلاث قنوات ؟ , أم لا يوجد من الأساس ؟! , الحقيقة المُرة .. ستجدهم يُعدوا على أصابع اليد الواحدة ولن تستكمل عدهم للنهاية حتى ! , وتلك الأهداف التي نتسابق في نشرها في كافة العقول , أصبحت نادرة , تكاد تنقرض كما مخلوقات العالم البدائي والعصور الأولية , ونحن بصدد الكشف عنها وإن وجدناها , فلابد أن نُعاملها معاملة خاصة جداً , فقد نُشيد لها محمية طبيعية هي الأخرى للحفاظ على نوعها من الإنقراض والفناء ! ..
بعد المأساة الأولى , التي خرجنا منها ببوادر يأس لما قد وصل إليه عالمنا من إنتهاك لقيمة الثقافة والمعرفة , نأخذ بعضاً من أنفاسنا ونستعيد توازننا قليلاً فـ لازالت المهمة في بدايتها , " اجمد يا بطل " .. أمامنا أكثر من خطوة الآن .. فهل أنت على إستعداد للإستكمال ؟ .. لا ؟ , تريد أن تلمس الحقائق ولكنك لا تريد الإحتراق بها أكثر ؟ , عفواً , فالإحتراق بالحقيقة هو أول خطوات إدراكها , إذاً دعنا نستكمل ..
ثانياً . الآن , ابحث عن نوعاً آخر مما يُقدم على الشاشات الصغيرة , برامج المسابقات , نعم , ستجد الآن من تلك البرامج ما يكفي ويزيد , فبكل قناة ستجد برنامج واحد أو أكثر من تلك النوعية , وستبدأ السعادة تدق على ابواب قلبك من جديد , وتخبر نفسك : مازالت الدنيا بخير , ومازال إعلامنا بخير أيضاً ويُقدم لنا ما تحاول هذه الكاتبة الغريبة إثبات عكسه لنا , في محاولة منها لجعلنا نثور على ما يُقدم , ولكنها ستخسر هذه المباراة الآن بعد أن أخبرها أنني قد وجدت ما تحاول هي إخفاؤه بكلماتها .. إنتظر قليلاُ ولا تتسرع في حكمك , فقد أخبرتك " ابحث عن برامج السباقات " , نعم ولكنك لم تسألني " أي نوع من برامج السباقات ؟ " , أراك حسبتها برامج سباقات " الغناء والتمثيل " .. فتلك النوعية ستجدها حتى في أحلامك سيدي القارئ , فقد تفشت في الكون , ولكني أقصد شيئاً آخر لو إنتظرت قليلاً كنت ستدركه , كنت أقصد برامج السباقات الـــ " الدينية " .. الآن , ستعود من جديد لتخبرني بفشلك في إيجاد ذلك , ويتكرر المشهد السابق مرة أخرى !! ..
إنتظر إنتظر , فثمة خطوة أخيرة قد تجعل البسمة تعاود الظهور على وجهك من جديد , وأعذرني في وضع كلمة " قد " , فأنا لم أعد اُجزم بأي شئ في زمننا هذا , ولا أتيقن بحدوث ما أتمناه وأود رؤيته , حتى لا تظهر النتائج عكس التوقعات فيصبح اليأس مضاعف , فـ كلمة " قد " قد تجعل يأسنا أبسط وحزننا أقل ..
ثالثاً وأخيراً .. قنوات الأفلام يا سيدي الفاضل , تلك القنوات , التي تُبث ليلاً نهاراً دون توقف , دون تعب , دون ملل , فلم تطلب يوماً أخذ إجازة لتستريح , ولم تطلب أنت الأخر يوماً ذلك منها , بل نجد فيها متعة ولذه اليوم , فبعد يوم طويل متعب مرهق ممل , تغوص في أعماق سريرك و " الريموت " بيدك وتبدأ رحلتك الإستكشافية في عالم تلك القنوات , بل تصل لمرحلة أنك لا تستطيع أن تدب ملعقتك في طعامك إلا بعد أن تجد ما لذ وطاب من الأفلام المسلية لك حتى وأثناء طعامك ! , إدمان لا يُضاهيه أي إدمان !! , ابحث الآن في تلك القنوات على نوعية أفلام مختلفة , ليست بكوميدية " هابطة " , ولا دراما " نكدية " , ولا رومانسية " أوفر " , بل وثائقية أو تاريخية أو سير ذاتية .. لم تجد ؟ , حسناً حسناً .. لنختتم حديثنا قبل أن " تكره العيشة واللي عيشينها " !! ..
خلاصة القول .. ليس كل ما يُقدم لعقولنا هو المفيد وبه تكمن المعاني , بل قد تتغير في لحظة إلى السُم الذي يقتل إبداعنا وفكرنا أشد القتال دون هواده , ولن يصل الإنسان إلى هذا الفرق إلا بعدما يقع فريسة له , ويتجرع هذا السُم بل ويطلب والإستزادة منه ! , حينها وفقط سيستطيع أن يُفرق بين ما يجب إدخاله في عقله , والترحيب به وإستقباله بكل سرور , وبين ما يجب أن يُدفن في أرضية العقل كأنه لم يدخله لحظة ولم يؤثر فيه , فإن إستطعت التفرقة بينهم الآن , فأنت الفائز ..
والسؤال الأخير للجميع , وسنعتبره بداية لنشر ما يُقدم لنا تحت مسمى " إعلام هادف " ,, أخبرنا أيها القارئ المميز عن ما لفت إنتباه عقلك من " برامج , قنوات , أفلام " هادفة جعلت منك شخصاً مختلفاً بمجرد إيجادها ؟ , وبهذا سنستطيع الوصول لأكبر كم ممكن للإستفادة التي ستعم علينا وعلى الجميع ..
فالبداية يجب ان تبدأ الآن .. ولكم الجواب ..
التعليقات
https://www.youtube.com/watch?v=6eWESRm-y9o&list=PLD43B9CFD22240758&index=7&t=0s قناة فانوسي ولا ادري إن كانوا شيعة ولكنني اعتقد بان اهل السنة الحق في سبات وغير مسموح لهم بالنهوض ولا احد يدعمهم ، في فلسطين يوجد إذاعة القران الكريم من نابلس وهي الوحيدة التي قد يرضى الله عنها ، ووجدت ملاحظة عظيمة فيها انه غير مسموح لها ببث نشرة اخبار سياسية فمسموح للناس ان يصلوا ويقرأوا القران اما اكثر فهو إرهاب .
كلامك كله نورا في محله ... يوجد من البرامج الهادفة الكثير ... لكن الاغلبية في معظم القنوات الفضائيه... ( كغثاء السيل) ...
لذا على المرء انتقاء الهادف منها وترك الغث
دام قلمك الناقد ..وفكرك الراقي نورا ..
واتفق مع راي حنين حاتم فيما طرحته من تعليق ...
المشكلة ليست فقط فى عدم وجود او قله وجود اعلام هادف ، بل فى تغير مفهوم الاعلام الهادف من الاساس .......
طرح رائع ....... دام ابداع قلمك
فـ(اليوتيوب) مثلا يعج بالقنوات التثقيفية المفيدة سواء عربية أو أجنبية.