عياش...سيعيش إلى الأبد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عياش...سيعيش إلى الأبد

  نشر في 02 يناير 2019 .

صاح من قلب الأرض أغيثوني ! !

نادي في الظلمات أن أدركوا فقيرا كاسح البال مكسور الجناح ، لفه الحديد و التهمته الصخور ! !

أذّن الجرح بين الأحياء و الأموات و الأشجار و البحار و البراري ، أن هلمّوا إلي، فالوحيد الجائع البائس الحزين يتنفس من ثقب في الأرض ، لا تكاد تصله نسمات الهواء لتحافظ على ما بقي من نبض حفته الحسرة و أغرقته العبرات ، فالقابع في الظلمات ينتظر الموت مع كل نفس، و سفير الموت إليه يرفرف بجناحيه بين جنبيه على مدى الزمن المعدود .

فنتصوره مستعدا للاعتراف بكل جرائم الدنيا ، تكاد تسمع أنينه الراسم للكلمات أنا المسيء خذوني، أنا المجرم اعتقلوني، أنا سبب البلاء ، و أنا و أنا ...وان أردتم فحاكموني ...ولكن فقط أخرجوني.

تهم عديدة لو وجهتها لبني البشر و هو في الظلمات يصارع شدائد القسوة و هي تعصف به ، و هو يعبر وحيدا الطريق المحفوف بالأشواك و الدروب التي و إن سلمت فيها من لدغة العقرب فستصيبك لا محالة نهشة الأفعى ، لو قابلته بكل هاته التهم لصاحت الإنسانية في الورى ، لا تصغوا لصاحب القوافي و لا تصدقوا تنازله عن البراءة ، و حكّموا الضمير و نسمات الحكمة و أعيدوا الابتسامة للفطرة ، و الندى للزهرة.

فدوى النداء راجا أضلع كل ذي كبد رطب، فبلغ العنان و امتد للشرق و الغرب و ارض الغجر، فتراءت الجحافل و المعاول شاقة البسيطة لبلوغ منبع الصوت بقلب حاملة البشرية ، فجاء الفقير و المعتر و البسيط و العاري و الباكي من أهل الضحية ، فكان وقع الأقدام بمثابة الأمل الذي أضاء في ظلمات بحر لجي ألقى موجه بأنواع الهموم و الأسى و الحزن على العالق تحت الثرى ، و على كل ذي قلب ينبض بالإنسانية.

توالت الأيام و الليالي و الأهل و الحماية المدنية و الجرافات و المعاول و الدرك و أهل الطيبة و الوطنية و المستجيبون لواجب الإخوة الإسلامية يكدون و يجهدون لتحقيق الأمنية ، دون علمهم أن الأنفاس قد خمدت ، و الروح قد ارتقت و التاريخ قد دون الأسماء و الألقاب و جهد أيادي الأجسام العارية و القلوب الكريمة الندية ، فسبق الكتاب الجرافة و سقطت الورقة معلنة توقيت الرحيل للمسيرة الأبدية.

فستبقى صور التكافل و التآزر و التكاتف راسخة في معاجم الإنسانية ، رغم تأخر وصول صاحب السلطان خادم الرعية ، فلا هم استعانوا بالأيادي الأجنبية أصحاب الخبرة و العتاد ، و لا هم استمعوا لأصحاب الرأي و التجربة من أهل الدار لتقديم المساعدة لإخراج الضحية.

فقصة عياش أكدت لنا و للمرة المليون الافتقاد لحس التكوين و التعلم و مجاراة تطور العلوم ، فتكاد لا تجد إلا الإرادة و الرغبة و التضحية و الجهد، و لا يلاقيك إلا تعنت بعض أشباه أهل المسؤولية ،و انفرادهم بالرأي و عزفهم السنفونية الخشبية الشعب هو الدولة و الدولة هي الشعب.

فعليك رحمات الله يا عياش ، و يا أصحاب الأفكار و الحس الأخوي ،أما التاريخ فله صفحات تكتب فيها الأسماء و الوقائع بحروف من نور و أخرى من جمر، أما نحن فهي واقعة للوقوف من جديد مع الذات البشرية ، لنذكرها أن الملاك يدخل البيوت و الشرفات و الجبال و السهول و يدركنا حتى لو كنا في القصور المشيدة ، أو داخل أنبوب في أعماق البسيطة الخضراء ، من تمشى على ظهرها البشرية .

محمد بن سنوسي

02-01-2019         


  • 7

   نشر في 02 يناير 2019 .

التعليقات

راوية وادي منذ 5 سنة
مقال جميل مغلف بالمعاني و مفعم بالمشاعر. أحسنت الفكرة ة الطرح.
0
بن سنوسي محمد
بارك الله فيك شكرا على المرور الطيب
بن سنوسي محمد
شكرا على المرور بارك الله فيك
Salsabil Djaou منذ 5 سنة
ضحية أخرى كشف موتها عن حجم المأساة ،شباب يضيعون كل يوم ، فعلا مازلت الطيبة بين الناس رغم المشاكل و المآسي ، و سيجازى كل مسؤول قصر في حق ضعيف ، دام قلمك النابض بالحق ، فائق تقديري أخي محمد .
0
بن سنوسي محمد
بارك الله فيك
لروحه السلام ... طرح جميل أتمنى أن يصل الصوت ... كل التقدير والاحترام
0
بن سنوسي محمد
بارك الله فيك
عياش سيعيش سيعيش الى الأبد
1
بن سنوسي محمد
بارك الله فيك اتمنى فقط ان نعتبر على طول الاعتبارات شكرا على المرور الطيب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا