شعــــــــــــــــاع - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

شعــــــــــــــــاع

قصة قصيرة جدا

  نشر في 08 فبراير 2018 .

كان يحط على شرفة نافذتي بإستمرار ، ولم أعرف إلى اليوم لماذا اختار نافذتي بالتحديد ، هل السرّ في الزجاج الأزرق الذي يعكس صورته ، هل يظنّ أنّه وليف آخر له؟ أم أنه اختارني أنا ؟

حاولت ابعاده عن نافذتي في زياراته الأولى فكل يوم كنت أترصد حضوره و أضع له الكمائن المختلفة كي يبتعد و يكفّ عن ازعاجي ، لكنه تجاوز كل شئ بصوته ،

بصوته فقط ،أصبح جارا مألوفا ، و مع مرور الأيام أصبحت أتلهف لرؤيته كان يزورني مساءاً بين الفينة والأخرى ، أما صباحا فكان دائم الحضور ، لم أقترب منه يوما ، وتمنيت اليوم لو أنني تشجعت قليلا ، فقد كنت أراقبه من بعيد، أفتح نافذتي انتظر دخوله لغرفتي ، لكنّه كان يفضّل الجلوس خارجا ، ربما هو ايضا مرتبك أو متردد، لا أعلم فلم أتحدث معه ،

ظلّ ملتزما بزياراته أشهرا عديدة ، حتى بدأت بتفسير تلك الأصوات التي يصدرها ، فإن كان (حاضره حيا ) يصدر صوتا يشبه زقزقة طير، فإن رأى الحياة جميلة بكل ما فيها عــاد لفطرته .

وإن كان (فكره مشغولا بالمستقبل)، فبالكاد أسمع له صوتا ،

و أمّا عن ذلك الصوت الأشبه بالأنين و البكاء الخافت فأنّه (يحنّ أشدّ الحنين للماضي)، رغم جهلي بماضيه ، ويقوم بطرق رأسه بالزجاج مرارا إن كان (متخبطا و حائرا) ،

أسميته (شعاع) لأنه حين يصطدم بزجاج نافذتي يشّع نورا لوهلة ومن ثم يعود لطبيعته ! لم أره يوما جريحا ، أو ملطخا بالدماء ،

في أحد الايام استيقظت باكرا كعادتي منتظرة قدومه ، مرّ الوقت بطيئا ، تأخر في القدوم على غيره عادته ، في حين كنت اتأمل السماء من خلف زجاج النافذة، ظهر فجأة شعاع من نور،

كان ساطعا لدرجة أغمضت فيها عيناي ، ملأ السماء بياضا ، وكأنّها سحابة بيضاء ضخمة تغطيها أكوام من الثلج ، ثم تلونت الأرض بقسوة اللون القرمزي . بقيت الارض والسماء على حالها حتى اليوم .

 ولم أر(شعاعا) بعد تلك الحادثة أبدا .


  • 7

   نشر في 08 فبراير 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
ذلك العصفور شعاع لخص كثيرا من حكايات البشر،فمهما كان حضور انسان بسيطا في حياتنا نتعود على وجوده ،خاصة عندما نسأل انفسنا ،لماذا اختارنا نحن،هل هو القدر ام الصدفة ،ثم تتحول مشاعر التعود الى الفة وقد تتعداها الى مشاعر اعمق،فنتعلق به ،بغض النظر عن اذا ما كان يناسبنا ،واظن ان التسلسل في التعلق يتبعه تسلسل في الفقد احيانا ،الا تشاركينني الرأي ،فموضوعك نستطيع ان نعممه على البشر،في حالة شعاع العصفور ذو الصوت الجميل هو يطرب الناس بصوته رغم تغير ظروفه ،قوي رغم ضعفه،لا تحزني فتلك سنة الحياة ان نفقد احيانا ما الفنا وجوده و ستزين عصافير جديدة نافذتك ،هذه قراءتي لموضوع مقالك المميز ،قد يقرؤه غيري بطريقة مختلفة ،وكما تعودت عليك في مقالاتك السابقة ،حباك الله بنعمة التعمق في رؤية الاشياء و الاحساس بها،دمت مبدعة ومتميزة بكتاباتك وتعليقاتك.
3
creator writer
نعم ،

لقد كشفتي ما حاولت اخفاءه ، ما حاولت تقبّله واعتياده . ربما لكل منّا (شعاعه الخاص) أنار له الكون أم اظلمه بغيابه فهو في الحالتين يترك الأثر العميق في نفوسنا ..

شكرا لمرورك المتميز دوما وتعليقك الكريم ، سعدت كثيرا بـــه :)
ابراهيم محروس
ربما لكل منّا (شعاعه الخاص) أنار له الكون أم اظلمه بغيابه فهو في الحالتين يترك الأثر العميق في نفوسنا
اعجبتني جدا تلك الفقرة... وطريقة تفسيرك للاشياء من حولك ...
دمتى سيدتى مرهفة الحس والمشاعر
creator writer
شكرا جزيلا لك ، سعيدة جدا بقراءتك وتعليقاتك الايجابية ..

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا