من أجمل القصص التي تروي في نخوةِ الرجال قصة هذا العربي الأصيل الذي غار علي محارم غيرهِ كما يَغار الرجلُ علي محارمهِ و يَأْبي أن تُمس امرأة بسوء حتي و إن لم تكن من أهله.. عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أحد وجهاء العرب وسادته حينما قابل أم سلمة رضي الله عنها عند التنعيم مهاجرة إلي يثرب - المدينة المنورة- ليلاً تبتغي اللحاق بزوجها بعد أن فُرِّق بينهما..و بعد أن انتظرت الليالي الطوال حتي تلحق بأي قافلة بعد أن رقَّ لحالها بعض قومها و فكوا حجز هذه المسكينة التي ما جفت لها عين من البكاء و ما غمض لها جفن منذ أن غاب عنها زوجها و وَلِيدها الذي انتزعه منها أهل زوجها.
و ما أن عرف أيضا أهل زوجها أيضا بِمصابها حتي ردوا إليها وليدها.
و ظلت تنتظر الأيام لعل قافلة تأتي لتأخذها إلي مقام الأحباب لكن لم تأتي أي واحدة فخشيت أن يرجع قومها في أمرهم ...فعزمت الأمر و أخذت صغيرها علي بعيرٍ لها متجهة إلي المدينة حتي يجتمع شملها و زوجها.
و عندما رأها عثمان بن طلحة تسير وحدها ليلاً قال لها: إلي أين يا أختاه؟!....في هذه الفيافي المقفرة.
قالت: مهاجرة إلي الله و رسوله و أريد اللحاق بزوجي.
فقال لها :و هل معك من أحد؟!
قالت :لا والله إلا الله و ابني هذا.
و كان عثمان يومئذ علي الشرك و لكن أخذته حمية العربي و مروءته و شهامته كيف لهذه المرأة الضعيفة أن تسلك هذه المسافة التي قد تبلغ اثنا عشرة ليلة وحدها هي و صغيرها ...لعله رأي فيها أخته أو ابنته أو زوجته.. فأخذ بخطام بعيرها حتي أوصلها إلي قباء عند المكان الذي يقيم به زوجها.. ثم تولي بعد أن حرس وخدم امرأة و إن لم تكن علي معتقدهِ و لا أحدي محارمه و لم يأخذ أجر علي صنيعته.. نخوة رجل يضرب بها الأمثال في كل زمن من الأزمان.
و تقول أم سلمة رضي الله عنها "ما رأيتُ رجُلاً من العرَب قطّ أكرم من عثمان بن طلحة" كان إذا أناخ ببعيري ابتعد حتي أنزل من عليه و عندما أريد أن أركب ذهب بعيداً حتي استقر علي بعيري.. هكذا كان الرجال و إن كان فيهم جاهلية أخذوا الرجولة شكلاً و بكلِ ما تحمله من صفات و أفعال.
التعليقات
أحسنت كالعادة.
تحياتي