العيب فينا وليس في تقرير الخارجية الأمريكية. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العيب فينا وليس في تقرير الخارجية الأمريكية.

  نشر في 20 ماي 2016 .

لو افترضنا فعلا أن تقرير الخارجية الأمريكية حول الوضعية الحقوقية في المغرب "افترائي" ويحمل "أكاذيب مغلوطة" وما جاء فيه مجرد ادعاءات وكله كذب وبهتان..وغيرها، فلماذا إذا لم تصدر ردود فعل مماثلة بنفس الحدة على مختلف التقارير منذ أن دأبت الخارجية الأمريكية إلى إصدارها عن الحالة في البلد، على الرغم من أن تقرير هذه السنة لم يحمل أي جديد ومعظم ما جاء في من خالات وتجاوزت جاءت في التقارير السابقة ولم تكن لا شيئا جديدا ولا مفاجئا أبدا؟.

ولو صدقنا فعلا أن الاتهامات التي جاءت في التقرير الأمريكي ليست في محلها جملة وتفصيلا، فهل سنصدق فعلا أنه ليست هناك تجاوزات وانتهاكات عديدة من المؤسسات الأمنية في البلد، سواء ضد المواطنين أو حتى ضد المؤسسات دون أن يتم التعامل معها بجدية من السلطات المختصة ودون أن تتم معاقبة أصحابها من الجناة؟.

المتتبع للأمور يعرف جيدا أن ردة الفعل والانفعال المغربي ليس إلا غضب -بأثر رجعي- على "الطعنة الأمريكية" الأخيرة في ملف الصحراء، ورد وزارة الداخلية ما هو إلا غيض من فيض الغضب والجرح الذي لم يندمل بعد التخلي عنهم من "الحليف" في منتصف الطريق، بل الأكثر من ذلك الانقلاب نحو الجهة الأخرى وممارسة سياسة عدائية ضد البلد الصديق الذي "كان أول من اعترف لأمريكا بالاستقلال" ترديدا للجملة الغبية التي لا يتوانى أي مسؤولينا م للتذكير بها في كل مناسبة أو بدونها مع نظرائهم الأمريكيين.

عرابي الدولة المغربية يعرفون أكثر من غيرهم أن ما جاء في التقرير لم يكن لا شيئا مفاجئا ولا بشيء بجديد، فأمثاله صدرت من قبل بنفس الأسلوب ونفس اللغة وربما حتى الأسماء التي كانت ترد فيه كل سنة هي نفسها التي وردت في التقرير الأخير، وقولهم بأنهم لا يتلقون دروس من أي احد كان فهو كذب وبهتان لأنهم تلقوا ولا يزالون و سيتلقوا دروسا أخرى ولا يحجب الشمس بالغربال إلا الأحمق الغبي.

للأسف مشكلتنا الأكبر هي مع أنفسنا أولا قبل أن تكون مع الولايات المتحدة، وحقيقة من يقودون البلد انه لا يعرفون بالضبط ماذا يريدون وكيف؟ عكس الدولة الأولى في العالم والتي تعرف كيف تحسب كل خطواتها بدقة وبالطبع تعرف كيف ولماذا وحتى متى والى متى؟ مادام ألا شيء متروك عندهم للصدفة فكل الأشياء محسوبة فتفاصيل التفاصيل.

لم تكن أمريكا يوما حليفا لا لنا ولا لأحد آخر، ولم تكن لا صديقا حقيقيا ولا مزورا..، لكن أوهامنا وتوهماتنا هي فقط من جعلت منها كذلك.

فأمريكا لم تقل يوما أننا بلد ديمقراطي لكن أوهامنا هي من قالت ذلك، وأمريكا لم تقل يوما أن انتخاباتنا نزيهة 100" ولكن حكامنا من قالوا ذلك، وأمريكا لم تقل يوما أن الصحراء مغربية ولكن حكامنا من أولو ذلك، وأمريكا لم تقل يوما أننا بلد تمارس فيه الحرية الحقيقة لكن نحن فقط من قلنا ذلك.

الذي جرى أن مسؤولي الدولة اكتشفوا بشكل متأخر أن سياسة "غض الطرف" المغربية لم تكن شفيعة لهم أمام "الحامي الأكبر" ، والذي سرعان ما كشف عن الوجه الآخر بمجرد انتهاء المصلحة وبمجرد ما قضى وطره منا، ولا عزاء لكل الكلمات والمصطلحات النفاقية الرنانة التي تؤثث في كل مناسبة وحين مختلفة إعلانات الختام ولقاءات الطرفين والتي لم يفهم منها ساستنا إلا مع فوات الأوان أنها لا تعدو أن تكون من ملازمات لغة النفاق الديبلوماسي المعتادة.

لكن مشكلتنا الأكبر ليس هنا فقط، لكن في عدم العمل بحكمة "الباب الذي يدخل منه الريح أغلقه وأستريح"، فالساسة المغاربة يعرفون أن سياسة لي الذراع بالورقة الحقوقية مؤلم جدا لهم ، لكن مع ذلك يتم التمادي في نفس السياسة ونفس التجاوزات ونفس المقاربة الأمنية في تدبير أمور البلاد والعباد، وحتى في حالة ما إذا ما كان أن تم اتخاذ قرارات لتحسين الوضع في هذا الشأن فكثيرا ما تكون الغاية منها هي إرضاء الخارج، ولم تكن فعلا اقتناعا من لدن مسؤولينا بتغيير أساليبهم وسياساتهم، أي أن الأمر رهين في الأول والأخير بإرادة الآخر الخارجي ونيل وده وعطفه.

لذلك لا عجب أن تكون من العواقب الكارثية لسياسة التسلط والقمع واللاعدالة اجتماعية الداخلية وغياب مجال حقيقي للحريات وتداول السلطات، أن افرز لنا نظام دولة كان عليه في كل مرة أن يعتمد على الخارج ليدبر أمور الداخل، ولم يفكر يوما كيف يعتمد على أبناء البلد لتأسيس نموذج نهضوي شامل يمكن أن يواجه به "دواير الزمان" كما هو الحال اليوم عندما لم يجد النظام من يحميه من تعسفات وتحرشات من كان يعتقد فيهم يوما حامين مفترضين له.

الولايات المتحدة لم تركب على ظهرنا لولا أن وجدته منحنيا، وما كانت ستتعامل مع البلد بدون أدنى احترام ولا تقدير لو أنها وجدت فيه انه يستحق فعلا كذلك، وما كانت ستعطينا دروسا للتقوية والدعم في أساليب وطرق حماية حقوق الإنسان والديمقراطية"".، لولا أنها على وعي جيدا بأننا مجرد تلاميذ لها أو الأدق أننا مريدين وتابعين يلزمهم ذلك، وبالتالي هي من لها الحق في إقرار ذلك من عدمه مادامت هي الشيخ والمعلم الكبير.

نعم البلد تحتاج دروسا، وانتم أدرى بذلك أكثر من غيركم، ولو كنا بلدا مستقلا فعلا ويملك قرارته الداخلية والخارجية بيده، لما احتجنا أصلا لا من أمريكا ولا من غيرها "توصية حسن سيرة" لما يجب أن نفعل وما لا يجب..، ولو أن الساسة في البلد واثقين وصادقين فعلا مع أنفسهم قبل الصدق مع الشعب ومع الآخر في الخارج أن أي من الانتهاكات والسلوكات التعسفية التي وردت في التقرير أو الآلاف من مثيلاتها من التي تقع في البلد كل سنة مجرد افتراءات و أنها فعلا مجرد أكاذيب ومغالطات فحينها أيضا لن نحتاج إلى دروس من أي أحد كان.


  • 2

   نشر في 20 ماي 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا