الفكر الوافد يُعرّي واقع المرجعية الدينية المؤسساتية في الجزائر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الفكر الوافد يُعرّي واقع المرجعية الدينية المؤسساتية في الجزائر

الاستهداف الديني والفكري للجزائر

  نشر في 01 نونبر 2016 .

هوية دينية رصينة في ظلّ استعمار تغريبي تنصيري

في الوقت الذي عجز فيه الإستعمار الفرنسي عن تجسيد مشروعه التبشيري المسيحي، وخسر معركته من أجل خلع ربقة الإسلام ومروط عقيدة التوحيد عن الشعب الجزائري؛ فإنّ عدونا المتربص بنا الدوائر وعملاء الإستعمار الغربي ينجحون اليوم في إسقاطنا في مهاوي الاعتساف الفكري والانحراف الديني، دعواتٌ إلى التزيّي بدين إسلامي جديد ليس له حظٌ من الإسلام سوى الإسم، ظاهره فيه الإسلام وباطنه فيه الكفر، ولا يخفى هذا التلبيس إلا على أتباع إبليس من أمثال هؤلاء القوم الحيارى من المغضوب عليهم والضالين، ومن تشبه بهم فصار منهم.

إن قرنا ونيّفا من السنين (130 سنة) ليست بالزمن القليل الذي تعدّه أنامل اليد بسهولة ويُسر، إنما هي أجيال تعاقبت وتجارب تلاقحت، تكشف عن أسوأ استعمار شهدته بلاد المسلمين (فرنسا الاستدمارية)، التي لم تجلب للجزائر (جوهرة مستعمراتها) غير الحديد والنار، وسياسات التجهيل والتغريب والتحريق والتشريد والتفريق، فضلا عن إرساليات التبشير التي حاولت أن تجعل من الجزائر فرنسية نصرانية...لكنها فشلت فشلا ذريعا لقوة ورصانة وثبات المرجعية الدينية ممثلة في مجتمع الزوايا خلا المنحرفة منها والعميلة التي شوّهت صورة التصوف والزوايا، وأيضا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي مثّلت أحدث مرجعية دينية مؤسساتية أصيلة في قرن الجزائر العشرين، جمعت علماء الجزائر النحارير والأقحاح والأفنان والأعلام، لا فرق فيها بين عربي وأمازيغي إلا بتقوى الله جلّ وعلا.

علينا أن نعترف..

أن دور عددٍ من الزوايا (حتى لا نُعمّم) قد انحسر كثيرا، فصارت مرتعا للزردة والوعدة والطقوس الشركية التي حذّر من الإسلام، وحاربتها جمعية العلماء المسلمين في عصرها الذهبي (مع تقديري)، ومُجرّد واجهةٍ لثقافةٍ بائسةٍ لا طائل منها، وثقافةٍ يائسةٍ من أن ترتقي إلى مستوى الثقافة الجادّة والنافعة التي شوّهت مفهوم الثقافة وجعلته حبيس الانحراف الذي يأباه النقل الصريح والعقل الصحيح...ومتى كانت مخالفة تعاليم الدين الصحيح والعقيدة الصحيحة ثقافة ؟!

من المؤسف ومن الشجاعة أيضا، أن نقول إن الجزائر اليوم مُستهدفة من دعوات فكرية ودينية وافدة لا حاجة لنا بها لكن لها حاجة فينا، هدفها تفكيك المجتمع الجزائري دينيا وعقديا، والتبشير لمعتقداتها وأديانها التي تهدم عرى الإسلام عُروة عُروة، وتحيق بالمجتمع الجزائري الفساد؛ صوفية قبورية مُنحرفة للأسف برعاية رسمية، شيعة رافضة وخوارج تكفيريون وأحمديون قاديانيون ضالّون مُضلّلون،...والقائمة مفتوحة، طالما أن الجزائر صيّرها غياب مرجعية دينية مؤسساتية رصينة مرتعا مناسبا لتفريخ كل فكرٍ خداجٍ ومذهبٍ هدّام.

للأسف، لا زالت هناك أصوات ترتفع هنا وهناك، وتُشكّك في حقيقة هذا الطرح، فعندما أثيرت مسألة التبشير المسيحي في بعض مناطق الجزائر والتي استهدفت، ولا زالت، بلاد القبائل بصورة أكبر، قلّل البعض من خطورة ذلك بل وشكّك حتى في وقوعه، ثم أصبحت حقيقته واضحة كالشمس في رابعة النهار لا نُضامّ في رؤيتها، وما انتهاك حرمة رمضان، ووجود نشاطٍ للتيار الشيعي الرافضي الجعفري الاثني عشري، وللجماعة القاديانية والأحمدية وغيرها...إلا تعبيرٌ عن هذا الواقع الآسن وربما خفي أعظم.

آثار غياب المؤسسة الدينية المرجعية

إن العجز عن احتواء أيّ فكر وافد علينا له أسبابه ودواعيه، ومردّ ذلك كله – في اعتقادي – ليس مرتبطا بغياب أهل العلم المؤهلين للإفتاء والإخبار الشرعي، وتنوير الرأي العام الجزائري إزاء الدعاوى التي تهدد هويته الدينية، بقدر ارتباطه بغياب التنسيق بين هؤلاء العلماء وتوحيد مواقفهم في موقف رسمي مُوّحد يعصف وينسف هذه الأفكار المنحرفة والدعاوى المعتسفة، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا عن طريق تأسيس هيئة علمية تمثل المرجعية الدينية الرسمية للدولة الجزائرية، تتصدى بشكل رسمي لكل من يستهدف هويتنا الدينية.

ونحن لسنا نشكك في جهود الدوائر الرسمية بمؤسساتها الدينية (المساجد تحديدا) في رعاية الوضع الديني في الجزائر وصونه، لكن نرى جازمين أن لغياب المرجعية في جانبها المؤسساتي حظٌ وافرٌ فيما آل إليه وضع التديّن في الجزائر.

ضرورة تحيين الخطاب الدعوي المسجدي

على ذكر استهداف المجتمع الجزائري دينيا وفكريا، من الضروري الوقوف وقفة جادّة مع وضع الخطاب الدعوي في منابرنا المسجدية، الذي صار بعضه تكرارا واجترارا، مع وعينا التام والكامل بأن التذكير شريعة ربانية أمر بها القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). سورة الذاريات، الآية 55. لكن من المهم الاهتمام بما يدفع الفساد الفكري والمذهبي من أن يحيق بعقيدتنا وهويتنا الدينية، وذلك بالارتقاء بمستوى الخطاب الدعوي المسجدي، والاعتناء بفقه طهارة العقل (والقلب) من النجاسات الفكرية والعقدية قدر اعتنائنا بفقه طهارة البدن من النجاسات الحسية.

أختم..

بأحدهم (أستاذ جامعي)، يتساءل في حيرة في محضر زملاءٍ له: ما الجماعة الأحمدية التي عرفت طريقها إلى بعض ولايات الوطن (سكيكدة، البليدة...) ؟، يتساءل وهو الأستاذ الجامعي المقصر في ثقافته الدينية، وعنده الأنترنت بنقرة بسيطة يتعرّف حقيقة هذه الجماعة الضالة المارقة عن عقيدة التوحيد الخالص لله جلّ وعلا، فإذا كان هذا حال نخبنا فكيف بحال العوام من مجتمعنا ؟!.

د/ عبد المنعم نعيمي

كلية الحقوق- جامعة الجزائر 1



  • عبد المنعم نعيمي
    وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويُبقي الدَّهرَ ما كتبت يداهُ *** فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
   نشر في 01 نونبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا