في خضم ما يراود المؤمن من ارهاصات أثقلت كاهله يصبح من المتفق عليه أن يكون الثبات صفة يتحلى بها المكافحون ليرتقوا بإيمانهم الى الدرجات العلا من مرضاة الله تعالى مكسب راق جدا ، فتصبح غنيمة الحرب على الرداءة على الجهل وعلى الظلم هدف ربما يتأجل الظفر به لسنوات لكنه وعد من الله لعباده الصابرين والمحتسبين ، ولنا في آيات القرآن الحكيم العديد من العبر التي توضح ذاك الصراع التي ألفته البشرية منذ أن خلق الله سيدنا آدم وكان المستقر الأول له هو الجنة قبل أن يخطأ ويرتكب ما حرمه الله عليه .

ومن تلك الآيات قوله تعالى في سورة النمل الآية 47 "ولقد أرسلنا الى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فاذا هم فريقان يختصمون" وقوله أيضا في سورة النحل الآية 75 " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" ، وقوله أيضا في سورة يونس الآية 71 "واتل عليهم نبأ نوح اذ قال لقومه يا قوم ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الى ولا تنظرون".

هي عينات من آيات الله العزيز الحكيم التي تضمنت تفصيلا وشرحا لواقع من يصارع الظلم والحرمان ويبحث في نفس الوقت عن المخرج والمآل نحو الفرج القريب الذي وعد الله به عباده الصالحون وليس فقط المتقون، فالصالحون بمرتبة الأتقياء المنزهون من الظلم عن عمد، ثم مراتب الصفة المختارة لا تستلزم التقوى بل تستلزم النقاء والصفاء مع الله تعالى وفي ذلك فليعتبر المعتبرون المقصرون في قربهم من الله ..

الهي أو أشتكي لك ضعف قوة أو قلة حيلة وقد فصلت لي في القرآن ملاذي وخلاصي وسكينة قلبي وطمأنينة روحي؟ ،الهي أنت الحكم العدل العزيز الحكيم العليم الرفيق ..أنت المعية كلها حين غابت معية الناس وشدهم على عضدي ،وفي رفقة هارون بأخيه التثبيت أن لا أحد غامر بحياته في حلبة الكفاح والجهاد في سبيلك، الهي اني استودعتك نفسي وأهلي وأمتي وكل ما أملك وان كان امتلاكي للشيء قليل فالرفق منك محبب والقوة منك مطلوبة والثبات منك وبك أمر جامع لا مفر من مطلبه..

الهي ..في ركن البيت المظلم الا من وحشتك يا الله تسلل قلبي في سجدة وركن العقل في فكرة وتتلمذت السريرة على عبرة أن الخطب شاق والزاد قليل ومالي بغيرك يا الله سند ومحتكم..

الهي اشتقت لجنتك و للقاءك وقد أخرت اللقيا حتى تأذن أنت والأمر الجامع كله لك وليس لأحد سواك.الهي الرفق أنشده منك في مساري الدرب الوعر وقد ألفه السابقون من أخيار عبادك حين جعلت لهم الكتف الأيمن للثبات مرتكزا، مالي اليوم لا مرتكزا ولا معينا يرافقني الا أنت ، ومالي ليس في حديث الشجون سلوى أسلي بها جراحي التي تكدرت من طول الضرر، أنت الرفيق والأنيس و الصديق والأهل والحبيب والمرتكز حين غابت ركائز...

الهي احفظني وشد وثاقي وقوني وانصرني ولا تسلط علي من لا يرحمني ومن لا يخافك واحسن خاتمتي في الأمور كلها انك سميع مجيب للدعاء، اليك أسلمت وجهي وبك أرفقت ضري عليك توكلت في سري وفي علني فاكفني ما همني وغطني بغطاء الستر والرفق واللين واجعل لي في كل خطوة سلامة وفي كل مسافة حظوة تكتبها أنت يا الله على النحو الذي يرضيك عني..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .