انقضى العام الماضي بلا رجعة، طاويا في ثناياه الكثير من الحزن والأسى لكثير من الناس، فلا يكاد المرء أن يطالع قناة اخبارية محلية كانت أو اقليمية او دولية، الا واستنشق رائحة الدماء، ودوت في اذنيه صرخات الضعفاء، وارتسمت امام عينيه بقايا الاشلاء، فهو عام دموي بامتياز، رسم ملامحه انسان القرن الحادي والعشرين المجرد من الانسانية والايمان، انسانية وهبها له الخالق لتميزه عن سائر الكائنات الا انه ابى الا أن يبعدها عن كاهله، وايمان بالعدل والرحمة والإيثار والتعاون والمحبة ورسم البسمة على أفواه البشر طالما كان السبيل لتحيق دعوى الأنبياء والفلاسفة ودعاة السلام لتاسيس عالم "اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى" ابى الا ان يتخلى عنه ليؤمن بجعل مصلحته "الهة" يتعبد لها مستبيحا الدماء والأعراض من أجلها.
وسواء في الشرق او في الغرب يرسم الأسى تقاسيم وجه جميع البشر سواء الضحايا منهم او الجناة، فمن ثلة الأحداث المريعة التي سجلتها ايام العام الماضي حادثة الطارة الماليزية التي سقطت في المحيط الهادي دون ان يهتدى لها، ويعتقد البعض أنها بفعل مخابرات احدى الدول، كذلك سقوط طائرة ماليزية في المناطق الشرقية من اوكرانيا وسقوط من على متنها ضحايا دون معرفة من تسبب في سقوطها لمحاسبته وسط تبادل اتهامات بين اوكرانيا وانفصاليوا روسيا، كذلك تلك الماليزية الثالثة التي سقطت قبل ان يلفظ العام الماضي انفاسه الأخيرة، ولعل هذا العام هو الأسوء في تاريخ شركات الطيران الماليزية.
كذلك سطرت ايام العام المنصرم افاعيل تنظيم الدولة الاسلامية داعش المروعة، من سفك للدماء وتشويه لدين رب السماء وخلق ثغرة لعودة القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الى المنطقة العربية لتستمر في ارتشافها لثروات العرب وتستمر في تدخلها في شؤونهم، كذلك لم تغادر"2014" الا أن تأخذ معها ارواح اطفال وغلمان برءاء قتلتهم طالبان في مدرسة ببيشاور، ورغم ان المسلمين اكثر الناس تجرعا لمرارة الارهاب الا ان وسائل الاعلام المتصهينة تشن حملتها على جميع المسلمين لتشويه صورتهم وتصويرهم على انهم ارهابيون بالكامل، دون تفريق بين بضع الاف يطالبون بالدم كانت دولهم الغربية سببا رئيسيا في خلقم وبعثهم الى الحياة وبين مءات الملايين من المسلمين الذين يحبون السلام ويكرهون العداوة والبغضاء ولعل بن افلك افحم بيل مار عندما اتهم الاخير الاسلام والمسلمين بالارهاب في حين رد عليه الاول بأنهم"ليسوا سواء".
ولم يمضي العام الماضي أيضا دون تحصد الايبولا فيه ارواح البشر في غرب افريقيا وتمثل البعبع الاكبر للانسان صحيا، كذلك لا يمر عام الا ان تقوم فيه اسرائيل بمجزرة، وكانها شعب من مصاصي الدماء لا تستطيع العيش دون أن تمتص دماء الابرياء، وتقضي على حلم الضعفاء.
كما كان ل"أنصار الله" الحوثيين باليمن قولهم مهددين الدولة اليمنية وناسفين لأسسها لارجاع امامتهم باليمن وتكوين "عش دبابير" تتحكم فيه ايران من بعد لتهديد المنطقة العربية خاصة الخليجية، وبمناسبة نسف الدولة فليبيا تعدت مرحلة نسف الدولة لنسف الاخضر واليابس بها.
كذلك هبت رياح شتاء الجمهوريين العاتية على الكونجرس الأمريكي لتبشر بشتاء قارس من شأنه تاجيج الصراع في مشارق الأرض ومغاربها لتزيد من أحزان البشر، وجاء صعودهم متوازنا مع تكشير الدب "البوتيني" عن انيابه واستعداده لافتراس ما يستطيع افتراسه من الدول المجاورة او الجمهوريات الخاضعة لحكمه.
واما على صعيد الاقتصاد فهبوط اسعار النفط مثل ضربة قاسمة لظهور العديد من الدول خاصة ايران وروسيا، واتت قاضية على احلامهم التوسعية، وناسفة لانيابهم الضارية، وبعيدا عن السياسة والاقتصاد فقد رحل عن عالمنا كثير من المقربين الى قلوبنا ومحببين الى نفوسنا كروبين وليامز راسم الرسمة على شفاهنا والممثلة المصرية "الدلوعة" مريم فخر الدين.
وعلى كل حال انقضى العام الماضي وانتهى بمأسيه ومن يدري لعل الله يكذب حدسي بأن "القادم أسوا".