أميرة : بنت كيميروفو - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أميرة : بنت كيميروفو

  نشر في 16 ديسمبر 2018 .


اتأمل في حالي كما هو المعتاد كل مساء قبل ان أخلد الى النوم.

عجيبةٌ هذه الحياة ، صعبة التوقع الى أقصى درجة.. على الرغم من إدِّعائي بأني دائما اتحكم في مصيري و قراراتي الى اني في هذه اللحظة اعترف اني لم اتمكن قط من هذا. مع أني أبدو من الوهلة الأولى اني من هؤلاء الذين حققوا طموحاتهم و احلامهم على الرغم من الصعاب و العقبات الّا انني الان اؤمن ان ليس هناك احدا "من هؤلاء" قد تخيل في يوم من الايام ان يكون من "هؤلاء". انا على يقين ان "هؤلاء" اصبحوا "هؤلاء" بمحض الصدفه البحته. مجرد ابتلاء من ابتلاءات الله لنا جميعا.. تميز"هؤلاء" فقط بقدر اعلى من الايمان و قدر مماثل من الصبر و عدم القنوط من رحمة الله و ان الله لا يريد بعباده الا الخير .. الخير فقط..

يبدوا اني أُصبت بهلوسة من هلاويس الليل . لكن ما باليد حيلة.. فهذا تأثير سهم من اسهم عشق بنت كيميروفو! أصابتني بالجنون حقا!!

هذه الفتاة التي اهداها لي ربي .. اهداها الي بعد تجربتين مع الجنس الاخر باءت بالفشل.. دعني اسميه عدم التوفيق.. تجربتان مختلفتان تماما يثبتان ان الله وحده يختار الاصلح وليس ماتراه انت الاصلح.. كمثل الطبيب الذي يعطيك الدواء الذي يشفيك و ليس ما تحبه.. ليس كل ماتحبه يشفيك يا صديقي..

بنت الدكتور .. كانت الافضل . تكافؤ اجتماعي منقطع النظير. خِفّة الظل و البراءة الطفولية . كل ما اتمناه يا رجل. لكن ماذا عن أسرتها؟ انا لست من اصحاب الحظ كي تبتسم لي الحياه بهذه الطريقة.. لكن مهلا.. انها تبتسم !!

الدكتور من مقدري العلم . لا يكترث للمال.. و انا من اصحاب المستقبل المشرق و من اصحاب المال... لقد ابتسمت و اختارتني اخيرا كي اكون من المحظوظين..

لكن اقرر انها لا تصلح ان تكون زوجتي.لاتصلح ان تكون أًُمّا لاطفالي.. انها لا تكترث الا للمال و المركز الاجتماعي.. تريد البقاء بجانب والديها لانه ربما لن يسمح المستقبل برؤيتهما مجددا .. اسف يا طفلتي لن استطيع!!

ادركت لحظتها انها "لا" للزواج من مصرية.. سحقا لتلك العادات و التقاليد..سحقا لهذه العقلية.. هنا دخَلَت عالمي "دانيلا" .. الفتاه الصربية الرقيقة .. متفتحة العقلية.. تشبه سابقتها في كونها قصيرة رقيقة بريئة.. لكن ايضا تبدو قوية منطلقة.. انا متأكد تماما انها لن تمانع من مغادرة اهلها.. من أجلي أنا .. "الأجانب صايعين يا صاحبي"..

مع مرور الوقت ازداد فخرا بقراري.. لقد احسنت الاختيار.. هذا ما كنت اريده.. اصبحت "دانيلا" من مرتدي الملابس المحتشمة بدلا من الفساتين القصيرة او العارية.. يا الهي .. ماذا يمكن ان يتمنى الرجل اكثر هذا.. انها مستعدة للقدوم هنا من اجلي . ستترك اهلها من اجلي.. ستترك الماجستير من أجلي .. الحمدلله على نعمتك وهديتك لي يا الله على الرغم من عدم استحقاقي لها.

كل شيء جاهز الان.. ستأتي "دانيلا" مع والدتها .. الخميس القادم.. منتهى التشويق.. لقد تغلبت على القيود الفيزيائية بالحب فقط.. سأصبح من "هؤلاء" أخيرا..

دانيلا برسالة هاتفية: أين انت.. لن آتي

أنا: ماذا؟

دانيلا: السفارة تحذرنا من القدوم الى مصر في الوقت الراهن.. والدتي خائفة جدا..

أنا: ماذا تقصدين؟ نأجل لوقت لاحق؟

هي: ليس الان.. انا مشتته.. دعني فترة اتعافى..

لم انطق بحرف.. صمت تام.. اشعر برغبة شديده بالبكاء .. بمثابة الخيانه.. احلامي كلها تنهار.. لقد كنت مستعد لتقديم كل تلك التنازلات لأفوز ب"دانيلا".. دانيلا التي كانت لا تكترث لاختلاف الاديان فيما بيننا.. دانيلا التي لم تكن عذراء و مع ذلك كانت لي أطهر الفتيات في الكرة الأرضية..

دانيلا استطاعت ان تحطم قلبي. و تحطم نظريتي عن "الأجنبية" .. لم اتوقعها بهذه الهشاشه !!

الآن لا اعتقد ان هناك نظرية علمية ما تحكم العلاقات الانسانيه و العاطفيه.. العلاقات الانسانيه كانت متواجده منذ بداية الخلق و بالتالي يحكمها قوانين اكثر بدائية و منطقيه لا تحتاج الى تعقيداتي .. انه " الله و ما يريد" ..

بعد يأسي التام التقيت ببنت كيموروفو.. الفتاه الروسيه صاحبة ال٢٠ عاما في سيبيريا.. في مدينة كيموروفو.. تلك الفتاه اللتي جمعت بين ثقافة الغرب و اخلاق الشرق الحميدة. البنت الروسية المسيحية التي تعرف عن الاسلام اكثر مما اعرف.. التي تعرف عن عادات الشرق اكثر مني.. لكن تجاربي السابقة تمنعني من التفاؤل .. تلك الساحرة الجميلة التي لا تدرك مدى قيمتها و تعتقد انها لا شيء بدوني.. تلك الفتاه الصغيرة التي تعتقد اني ملاذها.. تلك الفتاة اللتي اسميتها "أميرة" كانت حقا اميرتي .. كانت ايضا جاريتي.. و صديقتي و اختي.. فتاة موهوبة لعبت كل الادوار في حياتي.. أصابتني بالجنون!!

بعد عامين في يوم عادي .. استيقظ باكرا متجها الى شركة الطيران .. أحجز تذكرتي الى روسيا بالإضافه الى تذكرتين للرجوع .. فأنا على يقين انها ستأتي معي!! ستترك أهلا و تأتي معي!! لن تفعل كما فعلت "دانيلا"!! لن تفعل كما فعلت بنت الدكتور !!

اخر المحبين المجانين كان احمد السقا في فيلم افريكانو! قفز من اعلى الشلال ! مجنون !!..لكن كم يبلغ ارتفاع هذا الشلال؟ بالطبع لن يصل الى ٥٠٠٠ كيلو متر!! هذه المسافة التي قطعتها لأظفر ب"أميرة" .. اطير هذة المسافه و انا لااعرف من اللغه الروسية غير"خاراشو".. التقي ب"أميرة" اللتي تتفق مع سابقتيها في انها قصيرة رقيقة بريئة و تختلف معهما انها شقراء بعينان زرقاوتان!!

مازلت لا أصدق اني هناك في سيبيريا.. جالس مع والديها لا افقه كلمة واحدة مما يوجهانها الي! لا اعرف هل هم مرحبين بي ام كارهين لهذا المسلم العربي الملتحي الذي هبط اليهم من اللا مكان ليسرق مجهود٢٢ عاما من تربيتهما..

آخر ما أتذكره في سيبيريا هو وداع "أميرة" لوالديها في مشهد درامي من الوداع التقليدي الذي اشاهده دائما في افلامنا المصرية القديمة..


يُتّبع...


  • 4

   نشر في 16 ديسمبر 2018 .

التعليقات

سامية فريد منذ 5 سنة
استمر .. في الانتظار
1
hmssmmas
شكرا على التشجيع .. قريبا جداا
سامية فريد منذ 5 سنة
جميل سردك … انتظر الباقي
2
hmssmmas
شكرا جزيلا على التشجيع :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا