أممٌ قد خَلَت
فتن كوجوه البقر
نشر في 08 يونيو 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
مما لا شك فيه ..
أن قراءة التاريخ ممتعة و أحياناً تكون صادمة في نفس الوقت ، كلما أبحرت في صفحات التاريخ تقف اعجاباً أمام مشاهد معينة ثم تشعر بالصدمة عندما تقرأ روايات مختلفة من هذا أو ذاك
فتري ما كنت تقف أمامه بحبٍ و اعجاب يقف البعض أمامه فـ يختزل منه أخطاءً و مواقف سلبية فيبدأ بالتشكيك في جزء معين ثم يُشكك فيها جملةً و يتحول بعدها الي موضع آخر لـ يعيد الكَرة من جديد و هكذا إلي أن يصل لمُراده
فـ يختار أحداث معينة و يبدأ في النقل عن فولان ثم عن فولان ثم عن فولان إلي آخره و يشكك في رواية الآخرين للأحداث بداعي أنهم كانوا بشر يحملون أهواء بداخلهم و كل منهم كان يُحب و يكره و يُصيب و يُخطأ ، و كأن مَن ينقل تحليلات و روايات أخري عنهم لم يكونوا بشر ، و لا يحبون و لا يكرهون أو يصيبون و يخطئون
و الشخص نفسه سواء كان كاتب أو مفكر أو محلل هو بشر و يسقط عليه ما رمي به غيره و لما كل هذا ؟! من أجل أن يرصد أخطاءاً علي حسب زعمه لأشخاص أو قادة أو علماء رحلوا و تعلمت أمم من فضائلهم و انتفعوا بأعمالهم و صارت محاسنهم مصدر عزة و فخر لـ مَن تبعهم
و في الحقيقة أن لا أحد معصوم حتي الأنبياء باستثناء خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم ، فمنهم مَن تسرع ثم خر راكعاً و أناب ، و منهم مَن هَجر قومه مُغاضباً ثم نادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، و منهم مَن همت به نفسه لولا أن رأي برهان ربه و منهم مَن انتابهُ الخوف سنوات حتي امتلأ قلبه في النهاية بيقين الله ، و هؤلاء رسل الله في أرضه منهم مَن كَلَم الله و رفع الله بعضهم فوق بعض درجات ، فكيف بنا نحن البشر ؟!
قرون مضت و أمم قد خلت و نعيش في زمن من الفتن و الأهواء ليخرج أحدهم فيشكك في كل شيء من أجل اللاشيء الذي سيحصده في النهاية
فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تُسئلون عما كانوا يعملون ، أممٌ رحلت و لها ما لها و عليها ما عليها ، نقتدي بكل خير فعلوه و نترك كل خطأ ارتكبوه فهم بشر ، نأخذ منهم محاسنهم التي لا تُعد و لا تُحصي ، و نُرجع كل ما عليه خلاف الي أصحابه فهُم أولي به لا نُسئل عنهم و لا هم يُسئلون عنا
فـ تَرَفع بنفسك عن أقلام ترصد ليلاً و نهاراً أخطاءاً لم يعاصر منهم أحداً من أصحابها و لا يعرفون أبعادها و إن صح زعمهم فأصحابها كانوا بشراً يُصيبون و يُخطئون
للأسف يُجادلون بالباطل ليُدحضوا به الحق و أخبث أنواع الباطل ما يحمل في ظاهره حق و في باطنه باطل لـ يُحارب به الحق ، فكم من كلمة حقٍ يُراد بها باطل ؟! حتي تتشابه علينا الفتن كوجوه البقر فلا تعرف أيها من أي ؟! فالزم قلبك في موقع الحق
فالأَولي أن ننظر الي ما نحن عليه الآن من تفكك عري الأمة و انحدارها نحو الهاوية ، ننام و نستيقظ كل يوم علي فتنة جديدة و هاوية جديدة هلك فيها مَن هلك و نجي منها مَن نجي ، فطوبي للقابضين علي الجمر الي آخر دهر
-
ناشط بحركة 6 أمشيرإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ..... سأظل أكتب ما أومن به حتي أبني لهذا العالم مدينة من العدل جدرانها الحروف وأعمدتها الكلمات ..... يسكنها كل شبيه لها
التعليقات
مقال موفق و واقعي جدا "فكم من كلمة حقٍ يُراد بها باطل"