كتب: مهاب أسامه
يقول نيتشه "يقوم الأشخاص غالباً بتقدير الأشياء بدافع الحب، ولن يقوموا بخلاف ذلك، إنها القيمة العالية التي تتموضع فيما يحبون، والتي تفسد قدرتنا في انتقادهم"، الحالة النفسية لدى بعض الأشخاص الذين تعرضوا للخذلان أو الفقد أو سوء معاملة من صديق قريب أو حبيب تكون سيئة جداً لكن هذا ليس الجزء المهم بل المهم أن هؤلاء الأشخاص ينقسمون إلى أشياء مختلفه وغالبا ما تكون سيئة بعضهم يحول حزنه و ألمه إلى رغبة في الإنتقام فيكون طاغياً على كل من حوله و أخر يوافق على علاقه حديثه فقط لينسى بها أثر علاقته القديمة و تظهر هنا حدة الأسلوب في التعامل من الطرف للأخر الجديد فهو لم يحبه بصدق هو فقط تعلق به لينسى الماضي فيتحول من مظلوم إلى ظالم.
يرى البعض أن تركيز الأخرين فقط على حياتهم دون الإلتفات لأي شئ أخر أنانية،لكن في الحقيقة هذا حق وليس أنانية عندما نختار الجلوس في عزله بعيداً عن ضجيج الناس و نقاشاتهم المتكررة فهذا حق و ليس أنانية فأنا سيسلب مني وقت و مجهود و صحة و مال في بعض الأحيان لا أريد خسارتها في أمر فارغ.
لقد خوضت في حياتي أربع تجارب عاطفية كل تجربة منها علمتني شيئاً لم أتعلمه من الكتب أو علم الهندسة الإجتماعية، و عندما شعرت في إحدى العلاقات بأنني سأتعرض إلي نفس الإستنزاف الذي تعرضت إليه مسبقاً قررت إنهاء العلاقة نهائياً، قد يظن البعض أن قراري قاسي قليلاً، ربما لكن في المقابل ضمنت أنني سأحتفظ بطاقتي و مجهودي و وقتي لأسخرهم لشئ أفضل سأحتاج فيه أن أكون في قمة طاقتي وهذا حق وليس أنانية.
يتعرض مجتمع الشباب في هذا الزمن إلى الكثير من التحديات و الضغوطات التي ترهق الكتف و الكاحل ناهيك عن القلب و الروح و النفسية التي تعد صراعا من نوع أخر، اساس هذا الإرهاق هو الإسراف الخاطئ في المشاعر في العواطف في الطاقة و العمل، نحن نضيع وقتنا و طاقتنا في أمور لا تعتبر حتى من فرعيات الحياة كالناس و كلامهم و إنتقادهم إلخ..... في حين أن الله تعالى قال (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) خلق اللسان للكلام مهما كنت جميل القلب فأنت في نظر أحدهم غليظ و قد تكون غليظاً لكنك الألطف في الوجود لدى أحدهم، فإختيارك لدائرة محددة فقط تعطيها من طاقتك و مشاعرك ليست أنانية بل حق.
لن تنتهي الأزمات و الصراعات و الإبتلاءات و لا فقدان عزيز و لا خسارة حبيب ما دامت حياً ستتعرض لإنتكاسات كثيرة و قاسية عليك التعامل معها بحكمة و عقل و تتعلم متى تكون هجوميا و متى تكون دفاعياً لا تكتثروا لكثرة كلام الناس فأقصى سلطة يمتلكها الناس هي الكلام أما القدر فهو بيد الله فقط، و إن تعلق الأمر بمشاعرك و عواطفك و سلامك الداخلي يجب أن تخافظ عليهم و أن تترك كل شئ في سبيلهم وهذا الفعل ليس أنانية بل حقك إن شعرت أنهم مهددين بالإستنزاف فعليك أن تكون "الطاغي"
-
مهاب أسامهباحث إعلام مهتم بمجال صناعة المحتوى وعلم النفس الإكلينيكي