الأوضاع التي تمر بها اليمن سيئة للغاية ، ذلك أن الأمور اختلطت والبشر صاروا تحت مسميات لم نكن نعرفها من قبل، بل وأن السلام النفسي الذي كان يعم شوارع اليمن تحّول إلى تجمعات عسكرية وميشليات متعددة التوجهات وصار الصباح غائما لا يعرف الإشراق ، والنفوس محّملة بالخوف من الموت والفناء ، لكن ما يثير دهشتي وما يجعلني أقارن بين بلدي وأي بلد آخر هو أن اليمنيين لا يهاجرون بشكل كبير والإيمان بمصيرهم أشبه بتشبثهم بالحياة بين إعصار الموت .
كلما سمعوا صوت الإنفجارات خرجوا لكأنهم يراقبون ألعاباً نارية ، ويركضون نحو المنازل التي صارت ركام من الأحجار والدم فيبحثون عن الحياة بين الأنقاض ، وكم أنقذوا من الأرواح مع العاملين في الإغاثة ، عامة الشعب يختلفون تماما عن السياسيون في الدولة الذين يظللون الناس البسطاء ببعض الكلمات المطلية بالوعود الكاذبة فلا يجني منها سوى الموت أو الندم .
تزايدت حاجتي لمعرفة هذه الإنقسامات وماذا تريد بالضبط أم أنها الفتنة التي أشار إليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ ) رواه مسلم (2908) ، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ . قِيلَ : وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَال : الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ . قَالُوا : أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ . قَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ؟ قالَ : لَا ، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ ) .رواه أحمد في " المسند " (32/409).
إنه لأمر محزن أن يتعتدي الأخ على أخوه والجار على جاره ونرى غير المسلمين من جميع الديانات متفقين يحترم بعضهم بعضا ، يجتمعون يتناقشون بهدوء يحترمون وجهات النظر المخالفة ، بينما في بلدي مازالت العصبية والعناد كل نريد رأيه الأصوب وإلا صنف من يخالفه كأنه عدو له ،ومازلنا ننقاد كأتباع خلف خطط يرسمها أصحاب المصالح فنركض خلفها دون بصيرة .
هل ستعود اليمن وهل ستعود صنعاء كما كانت في السابق ، وهل ستعود تعز ، هل سينسى الناس إحتياجاته لأبسط متطلبات الحياة ، كتوفر الماء مثلا ، هل ستنتهي الحرب ؟!!
لابد أن تنتهي الحرب وهذا أمر مسلم به لأن لاشيء يستمر وإن طالت مدته ، إنما كان لابد من التجارب المريرة في الحياة فهي سنة تعلمنا معان الصبر ، ولكن يختلف الإبتلاء ويتعدد ، فالحروب في كل زمان حلت وبكثير من البلدان فتنافس الإنسان على حب البقاء ، بل حب السيطرة ، لهي تعمي أبصار الذين لا يخافون الله ويتجردون من الإنسانية من أجل الأنا ، فإنما هم أوعية للشر غافلون ، أما الذين يموتون كل يوم فهذا أجلهم ، قال الشاعر "تعددت الأسباب والموت واحد ".
افتهان الزبيري
التعليقات
ماذا علينا ان نفعل سوى الصبر فإن حلوقنا بحت من كثرة طلب المساعدة ولاكن لا احد يسمع فإن العرب نائمون ولن ينهضوا ابداً ....
ما علينا الا ان نجدد املنا ان كل دولة اصابها الضلم ستعود .ستعود .ستعود .ستعود
بإذن الله
الله كريم يا اختي .. بالتوفيق :)