و ورب الكعبة ما بعناك يوما .. و لكنا سبيُ الخوف و الوهن .

إن من إعجاز الله لخلقه ، و تحديه لهم أن كل ما وقع ، و سيقع إلى قيام الساعة ، بل و حتى ما سيعيشه العبد في الآخرة مدون في القرآن ..و لله المثل الأعلى ، كأن الله عز و جل يقول لنا : يا ابن آدم !! احذر ، فهذا ما سيحدث في مستقبل الأيام ، و هذا ما ستصير إليه الأمور ، أن تقول في يوم أني لم أنذرك ، و لم أخبرك ! إعجاز جبار ، أنك تقرأ كتابك و مستقبلك في كتاب ، و تعيده ، و تكرره ، و كلما قرأته تذكرت ما ينتظرك من الخير و من الشر ، و العجب كل العجب ، أن يسقط الكثير من الخلق في الهاوية ، و هم يعلمون سلفا أن هناك نسبة مأوية أن يسقطوا فيها ..

قبل عام تقريبا ، و حينما كُنتُ أتصفح كتابا عن التوراة ، فاجأني مقطع فيها جعلني مثل المشدوه من فرط الصدمة ، مقطع يقول بالحرف ما يلي : 

إذا كثرت ذريتكم، وعمرتم الأرض، وعلوتم العلو الأخير، وتعاظمت خطاياكم، وحاولتم إغاظة الرب؛ فإني أشهد عليكم هذه السماء، وأشهد عليكم هذه الأرض التي تعبرون إليها إلى نهر الأردن لعلكم تملكونها، إنكم لن تعيشوا طويلاً، بل سوف تهلكون، وبيد الفتى المنتظر.. سفر التثنية الإصحاح الرابع

انظر يا رحمني الله و إياك ، إلى هذا المقطع الذي سلم بقدر مقدور من التحريف ، و قارنهُ بالآية التي نناقشها الليلة ، بل إن  هذا الإصحاح ، ليفصح بشكل جلي عن ذلك الرجل المبشر به في القرآن في قوله تعالى : عبادا لنا ! الأمر إذا قديم قدم الزمان ، قديم قدم دعوة موسى صلى الله عليه الصلاة و السلام ! الله عز و جل أخبر بني إسرائيل ، بما سيقع لهم ، أو بشكل أصح ، لذريتهم في آخر الزمان ، و أنهم سيعلون في الأرض علوا كبيرا جدا ، حتى يظنوا ، أنهم قادرون على كل الأرض ، و أنهم سيتحكمون في أقواتها ، و أقوات الشعوب الأخرى ، و سيكون لهم التقدم و السبق في كل شيء ، و أخبرهم ، أن هذا العلو الأخير سيكون علوا مفسدا ، و سيكون العلامة التي تسبق هلاكهم على يد الفتى المنتظر ، الذي سيكون رئيس جيش لا يُقهر ، و أخبرهم أنهم سيملكون المسجد الأقصى ، و أنه سيحرره من أيديهم ، لأن المسجد لا يرثه إلا عباد الله المصلحون .

العجيب هنا يا رحمني الله و إياك ، أن عباد الله الذين يدخلون المسجد الأقصى لتحريره من مفسدي بني إسرائيل ، سيدخلون في اقصى علو المفسدين في الأرض ، و أقصى نقطة لإفسادهم ، في اكمل قوتهم و عتادهم سيباغتهم هذا الفتى المنتظر في مقتل : كيف ؟ لم يفصح المليك عن ذلك ، و أبقاه في غيبه ، إمعانا في عذاب المفسدين نفسيا ! تخيل  معي يا رحمني الله و إياك ، و لله المثل الأعلى ، أن ملكا ذا نفوذ و قوة لا يوجد على الأرض من يقهرها ، و عنده كتاب ، ورثه عن أجداد أجداد أجداده الأولين ، و فيه أن شخصا من نسلهم ، سيكون ملكا لا يقهر ، و انطبقت جميع المواصفات عليه ، لكنهم أخبروك في هذا الكتاب ، أن شخصا ما سيكون سبب سقوطه لكنهم لم يحددوا مكانه ، و لا الطريقة التي سوف يسقطه بها !! هل تتصور العذاب الذي فيه سيعيش الملك ؟ هل تتصور كل السيناريوهات التي ستدور في خلده ؟ و الترقب الذي سيجعل منه كشخص ينتظر الإعدام ، و لا يعلم ميقاته ؟ إي و الله إنها اقسى أنواع العقوبات النفسية .

إن المفسدون اليوم ، يعلمون مصير دولتهم اللقيطة ، و يعلمون ما سيأتي ، و لكنهم لا يعلمون كيف و من أين و ممن سيُؤتون ! بل إن منهم ، من يداخله الشك في صحة ما جاء في التوراة و الإنجيل و القرآن من تحذير لقوم يكونون في آخر الزمان ، يتسمون بالظلم ، و إغاظة الرب جل و علا . من أجل ذلك ، أنا متأكد يا رحمني الله و إياك ، أن المفسدين ، و من هاودهم سيجنون فعلا ، في محاولة لاكتشاف شخصية هذا الفتى المنتظر ، و يستعينون بالشياطين ، من الإنس و الجن من أجل أن يعثروا عليه ، و لكن خصيمهم هذه المرة خصم شديد ، يمكر و هو خير الماكرين ، لن يمكنهم منهُ حتى يباغتهم في مقتل ، و يحطم كل ما علوه في الأرض على حساب دماء الأبرياء ، و يدك كل الخطط السوداء التي حيكت للبشرية بسبب هذه الشرذمة السرطان الذي ينخر جسد هذا العالم .

 الفتى المنتظر حق .. و كل من يكذب به ، يكذب بالقرآن ، و بما نجا من التحريف من التوراة والإنجيل ، الفتى المنتظر ، سبب سيعدل الله عز و جل به كفة الميزان الذي مال للظلم حتى شُك في أن العالم سيتغير ، و أن فطرة الله ستعود ، و أن المساواة و العدل سيسودان مرة أخرى ، أم حسب الذين ظلموا أن يسود الظلم حتى آخر الأيام ؟ هيهات ، و بيست الآمال .. صلى الله و سلم على سيدي و آله و صحبه و تابعي التابعين و تابعيهم حتى يصلوا إلى بيعة المجبر عليها بين الركن و المقام ، الأقنى أكحل العينين براق الثنايا . إن أقدار الله المكتوبة لا يستطيع أحد تفاديها ، و الفتى المنتظر قدر مقدور سيتحقق كما ذكر الله في الكتب الثلاث ، و على يديه سيهلك الله الظالمين الذين يظنون اليوم أنهم قدروا على الأرض ، و أن لهم القوة كاملة ، و أن بنيانهم لا يمكن هده !

لا تنس حفظ الآيات العشر المنجيات من كيد ابن صياد المتأله القادم ، الخارج من غضبة يغضبها حينما يرى انتصارات الفتى المنتظر ، و دعوة بظهر الغيب لي و لأهل بيتي .

 محبك في الله مهدي يعقوب