الإنطباع الأول .. يدوم حقاً أم أنه نظرة مؤقتة ؟ .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإنطباع الأول .. يدوم حقاً أم أنه نظرة مؤقتة ؟ ..

  نشر في 01 شتنبر 2018 .

قالوا قديماً " الإنطباع الأول يدوم " , ولكن الزمن لن يتوقف عند لحظتها , فهذا المبدأ نفسه لن يدوم طويلاُ , الحياة التي تضم كل المبادئ والمُعتقدات أيضاً لا تدوم , فهل تتوقع أن تدوم مجرد مقولة قد بُنيت على إستنتاجات أو تجارب شخصية لأحدهم فجعلها مبدأ واضح يسير على خُطاه عامة البشر ؟! , بالطبع لا , فلكل لحظة تغيراتها , ولكل تغير أسس لم تأتِ من فراغ , ولكل أساس عقل توصل لفكرة جديدة مختلفة قد تدفعنا لمزيد من التأمل والفكر الجديد عن عالم عقولنا .. وإليك التغيير الجديد الذي قد يجده الكثير منا ذاته , وإعتقاده الراسخ بعقله ومبدأ جديد قد إتخذه ضمن لائحة أهم المبادئ التي سيُدعمها ..

كان المُتعارف عليه , أن نظرتك الأولى للبشري الذي لم تلتقِ به من قبل هي النظرة الصائبة , فقد تجده مُتعجرفاً فظاً لا يمنحك ولو جزءاً بسيطاً من وده , وعلى أساسها تبني نظرتك الأبدية له أنه " صاحب الشخصية الأصعب على الإطلاق ! " , ومن ثم تبدأ في الإنسحاب من حياته تدريجاً حتى وإن كان تواصلكم محدود , تبدأ اولاً برفض الإجابة على هاتفه , بحجة الإنشغال مرة , تحت مُسمى المرض مرة أخرى وقد يصل بك الحال إلى أن تُهاجر من بلدك بأكملها فقط لتتخلص من وجود بشري كان من الممكن الإبتعاد عنك غذا أخبرته ذلك صراحةً ! , فعلت كما قال أنيس منصور ذات مرة فيما معناه : أحرقت منزلك كله من أجل التخلص من مجرد صرصار ! , فهل يُعقل ؟! , هل يُعقل أن تفعل كل هذا وتتسبب في كل هذه الجلبة وتُحدث كل هذه الضجة النفسية والعصبية والذهنية لك لمجرد .. نظرة مبدئية ؟! , نظرة قد تصيب وقد تخيب وبين الإحتمالين تقع في فخ الأبدية التي أقررت بها دون أن تحاول التمعن قليلاً للفصل بينهم وإصدار الحكم النهائي : أي النظرتين الفائزة ولمَ ؟ ..

وعكس ما حدث قد يحدث أيضاً .. والآن اعكس الصورة واخبرني ماذا ترى ؟ ..

 ترى شخصية رأيتها الأفضل على الإطلاق , ترى الطيبة مُتمثلة على هيئة إنسان والعطف والرقي هما سمات حياته وفقط , ترى الإختلاف الذي لم تراه إلا فيه طيلة مشوار حياتك , وبكل معارفك وإتصالاتك البشرية لم تُصادف مثله بل وأخذت عهداً على نفسك أنك لن تُصادف مثله حتى مماتك ! , وكل هذا يعود لنظرة مبدئية أيضاً .. نعم في الحالتين هي مجرد نظرة مبدئية لم تتخذ مكانة أكبر أو تسمو لمرتبة اعلى حتى الآن , أنت فقط من اقررت بذلك وعليك تحمل كافة النتائج , سواء كانت نتائج مُرضية أو مُهلكة , سواء كانت نتائج إيجابية أو سلبية , سواء كانت نتائج تعود إليك أو عليك , هي نتيجة مصيرية وأنت من تحسمها والأمر كله يعو لــ .. النظرة الأولى ..

حتى الآن لم تصل لنظرة حاسمة حيال أمره !

تعرفه أشد المعرفة , تواصلكم كبير ولم ينقطع لحظة , تراه صباحاً ومساءاً , تشرب تفاصيل حياته شرباً ولا تمل من ذلك أو تشعر لحظة بأنك قد إكتفيت من الغوص في بحور حياته , وبرغم ذلك دعني أخبرك المفارقة الغريبة التي قد تُذهلك لدقائق : لن تستطيع أن تُحدد نظرتك الحقيقية له أيضاً !! .. فبرغم القرب الأشبة بالتلاحم إذا أردنا صحة التعبير , فأيضاً هو لايزال لغزاً غامضاً بالنسبة لك لن تجد شفرته التي ستفك الغموض في لحظة بسيطة , أوتدري ما السبب ؟ , سأخبرك ولكن أريد منك وعداً بجعل هذا السر محل إهتمام من عقلك دائماً , فإجابة هذا السؤال ستُطفأ نيران حيرتك حتى النهاية , الإجابة : كلاً منا يحمل بين ضلوعه جزءاً خفياً عن الأنظار , هو بمثابة السر الحقيقي الذي لن يقوى أحد على الوصول إليه يوماً , ولن يُخبره صاحبه لمخلوق مهما كانت درجة قربه منه , هو يوضح لك الجزء المسموح له بالظهور , الصورة التي لن تضره بشئ إن ظهرت للحياة بأكملها , صورة تحمل الخير والشر الذي يكمن في كل إنسان , بدرجاتها المُتعارف عليها , ولكن هذا الجزء المخفي يحمل أسراراً أخرى أكبر عن حقيقته وعن شخصيته " الأصلية " , فلا تعتقد أنك بأول نظراتك له ستتعرف على ملامح شخصيته وستحكم عليها بمنتهى البساطة , وإن حسبت هذا فكن على يقين أنك قد ارتكبت الخطأ الأكبر في تاريخك والذي لن تغفره لك الحياة , كن على يقين أخر أن الشخصية الماثلة أمامك هي ليست الشخصية الحقيقية , من تتعامل معه ما هو إلا صورة أولية لصورته الأصلية التي تقبع بداخل أعماق ذاته " المخفية عن الأنظار أتتذكرها ؟ " ..

والآن .. فلنفرض أنك أمام إختبار عملي , فكيف سيكون التصرف النابع منك ؟ ..

قد جاءت الحياة لك بصديق جديد , صديق لم تراه من قبل , وجاءت به لك لكي تجعله من رفاقك مقربين كانوا أو حتى مُهمشين , رفاقك على أي حال , فما عليك إلا أن تفعل الخطوات الآتية لكي تتجنب الوقوع في فخ ما ناقشناه :

1- القي تحيتك دون أن تُبالغ فيها , كما لو كنت تُلقي التحية على أهل بيتك ..

2- لا تكن كثير الكلام , دعه يحاورك ويُناقشك ويفيض عليك بمفاتيح شخصيته ..

3- ضع في عين الإعتبار أنه إنسان , ليس مُنزهاً عن الخطأ , وليس ملاكاً أيضاً , هو الخير والشر في نفس الوقت , فلا تجعله الأهم , ولا تجعله الأدنى .. " توازن " ..

4- لا تعتمد في نظرتك على ما يخرج منه من كلمات , بل من أفعال , فكم من اُناس كانت كلماتهم أشد جرحاً على نفوس من حولهم ولكنهم وقت الضيق تجدهم أول من يُساندك دون أي تردد , فاجعل الأفعال تطغي على صوت الكلمات ..

5- وأخيراً .. لا تمش وراء كل أمر وكأنه مُسلم به لا يحتمل التشكيك , فكر قليلاً فبهذا الفكر البسيط ستجد مسارات جديدة تتضح أمامك وبها لن تضيع أبداً .


  • 8

   نشر في 01 شتنبر 2018 .

التعليقات

صدقت حقا ...فلا يجب علينا ان ناخذ انطباعاتنا و نحدد مصير الاشخاص و نصنفهم من النظرة الاولى...
نظرة لاتكفي ...
مقالة هادفة و ثرية بالنصائح و الارشادات الثمينة ...
مميزة حقا ..دمت مبدعة
3
نورا محمد
دمت صاحب فكر راقي مبدع أخي الكريم / عبد الغني .. فبوجود عقول كعقلك الفياض بكل فكر هادف صاحب رسالة العالم سيصبح أفضل بكل تأكيد .. وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن ظنك يا طيب بشكرك شكراً جزيلاً :)
عمرو يسري منذ 6 سنة
كلام رائع وصائب. للأسف هناك الكثيرون يعتمدون على حدسهم فقط في التعامل مع الأشخاص والأشياء وهذا الأمر يجعلهم يفقدون فرصاً عديدة للتعرف على أمور جديدة. بل إن البعض يدخل في تحدي مع نفسه بأن يأخذ إنطباع أول عن شخص ما ويتحدى نفسه أن الأيام ستثبت إنطباعه هذا, وتكون النتيجة أنه يتربّص بالشخص حتى يثبت لنفسه صحة إنطباعه الأول.
أبدعتِ. في انتظار كتاباتك القادمة.
1
نورا محمد
صحيح أتفق معك استاذ عمرو في كل حرف .. الإنسان قد فُطر وهو لا يتقبل فكرة أن يكون مُخطئ لحظة , وإن إتخذ إنطباع عن اي شخصية فهو في نظر نفسه صائب بهذا النظرة ولا يضع في الإعتبار أن إحتمالية خطأ تلك النظرة موجود كإحتمالية صوابها أيضاً .. وبهذا يضع نفسه في مأزق كبير حينما تثبت له الأيام والمواقف عكس ما كان يراه لمجرد لمحة مبدئية قد حصر الشخص الذي أمامه بها ! .. بشكرك على تعليقك وإضافتك الرائعة كما عاهدناك يا مبدع :)

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا