«النظام النازي يُنكر وجود الحقيقة من الأساس، والهدف الرئيسي من هذه الفكرة هو ليس التحكُّم فقط في المُستقبل وإنَّما في الماضي. فإذا قال الحاكم أنَّ هذا الحدث لم يحدث فهو بالفعل لم يحدث، وإذا قال أنَّ 2+2=5 إذًا فهو الصَّواب».
هذا ماكتبه جوروج أورويل في كتابه "عودة إلى الحرب الإسبانية" .
أي "لا حقيقة، إلا مايقوله الحاكم " لا مبرر للتفكير أو التحليل، وغير مسموح بالنقاش أو التشكيك، التابع الوفي هو مواطن صالح و ذكي، ولا مجال للتهاون مع من يخالف هذه الحقيقة !!
وكتب أيضًا جورج أورويل في رواية1984 :
«وفي النهاية سيُعلِن الحزب أنَّ 2+2=5 ومن الأفضل لك أن تُصدِّق، ولا مفر من عدم تصديق هذا الادِّعاء عاجلًا أم آجلًا فمنطق الحزب يتطلَّب الإيمان بهذا. ولأنَّ الحقيقة التي تُــقِـرُّ بعدم حُدوث ذلك قد تم إنكارها في فلسفة الحزب، فليس المُخيف أن يقتلوك بسبب تفكيرك أو لا، ولكن أنَّ لديهم الحق في ذلك. فكيف لنا أن نعرف 2+2=4، أو أنَّ قوَّة الجاذبيَّة تعمل، أو أنَّ الماضي غيرُ قابلٍ للتغيير».
فرضية الخديعة الّتي يمارسها الساسة وأرباب السلطة، للتغرير بالعامة واللعب بعقولهم وتزييف الحقائق لهم، بل وجعلهم يعتنقون الحقيقة الزائفة،ويكفرون بما عاداها، بل يكونون مستعدين للدفاع عنها والموت في سبيلها .
"الشعب يقتل حامل الشعلة،و يرقص فوق جثة الحقيقة"،هذا العنوان يحمل بين طياته سيناريو مُرعب بإفراط، فهو ليس ببعيد الحدث، بل لو نظرنا الي حياتنا عن كثب، سنرى الكثير والكثير من الحقائق الزائفة الّتي نعتنقها، ونعمل بها، ونغضب لأجلها .
هذا ناقوس خطر يدق في أنفسنا و ينبهنا كم نحن مغيبون،منومون، تائهون، هذا بصيص أمل لإعادة تقييم الذات فيما نؤمن ولا نؤمن، بين الحقيقة و اللاحقيقة، بين الصح والخطأ، بين الله والشيطان ..
يجب أن نبدأ بالتشكيك والبحث والتحليل، فلننظر مثلاً إلي القتال الدائر بين أخوة الوطن الواحد، بين أبناء المدينة الواحدة والحي الواحد، فلننظر إلي نوع السلاح، وإلي كل هذا الدعم الشيطاني من أين أتي، ولما أتي ؟ ولننظر إلي حال تلك الدول الّتي تدعي "الصداقة والقرابة والوساطة" هل صارت هي الأقرب لنا منا ؟!
إنتبه، قد تقتل حامل الشعلة، وقد ترقص فوق جثة الحقيقة !!