ماذا لو شاهد طفلي محتوى سيّء؟!
سأبدأ حديثي عن قنوات الأخبار وما تحمله لنا من بشاعة الأحداث التي يمر بها بعض سكان العالم وتكون تلك الأخبار دوما مصحوبة بصور تهزّ توازن عقولنا نحن الكبار.. فما بالكم إذا ما شاهد تلك البشاعة أطفالنا؟!
نشر في 26 يوليوز 2024 .
نظرا للتطور الذي يمر به العالم مؤخراً أصبح وجود الإنترنت والأجهزة الذكية في كل منزل مهما كان دخله أمراً طبيعياً.. فأصبح ميسور الحال وضعيف الدخل سواءٌ في هذا الأمر (وأظنه الشأن الوحيد الذي يتساوى فيه الغني مع الفقير).
وبعيداً عن هذا التماثل السلبي الذي نشهده أنتقل معكم إلى موضوع المقال الرئيسي والذي يتحدث عن توصيات من الممكن أن تساعد بشكل جدّي أية أسرة يكون طفلها قد تعرض لمحتوى غير ملائم لسنه.. ولكن نوع هذه المساعدة سيتغير بتغير نوع المحتوى وكذلك طريقة وصوله إليه.
سأبدأ حديثي عن قنوات الأخبار وما تحمله لنا من بشاعة الأحداث التي يمر بها بعض سكان العالم وتكون تلك الأخبار دوما مصحوبة بصور تهزّ توازن عقولنا نحن الكبار.. فما بالكم إذا ما شاهد تلك البشاعة أطفالنا؟!
حسناً.. فإن صادف وإن تعرض أحد أبنائي لمثل هكذا صدمة عن طريق التلفزيون أو أجهزة المحمول أو غيرها.. يجب أن أحاول أن أمتص منه ذعرهُ منعا من أن يتحول العرض النفسي لديه إلى مرض نفسي؛ لأنه من المعلوم بأن كل شخص يتعرض إلى صدمة في مرحلة ما من حياته يحصل عنده عَرَضٌ صحي ولكن إذا لم يُشفى منه فسيتحول إلى مرض نفسي.
وأول خطوات الشفاء بأن أستمع إلى المُصاب وأسمح له بأن يُفرغ جميع ما بداخله.. وإن صادف أن سألني طفلي عمّا رآهُ سيتوجب عليَّ تهدئتهُ وتبسيط الأمور إليه ولكن دون أن أُجيب على أسئلته بالإيجاب أو النفي ما لم أكن متأكداً لكي لا أفقد مصداقيتي أمامهُ؛ فبدلا من ذلك سأُجيبه بأني أيضاً غير متأكداً وسأطلب منه أن نبحث عن الإجابة سوياً ويجب أن أُراعي أثناء البحث أن لا يتعرض أكثر لأُمورٍ لا تناسب سنه.
ولكن ماذا لو تعرض أحد أبنائي إلى محتوى مؤذٍ من نوع آخر؟
من المؤكد أن يُصاب الوالدان أو أحدهما بالقلق وإختلاط المشاعر وعدم التصديق والتوتر والخوف.. وجميعها مشاعر طبيعية ولكن من المهم جداً إن كنت (أباً أو أُماً) أن تتحلى بالهدوء قدر الإمكان وإن لم تكن قادراً على أن تسيطر على مشاعرك.. فعليك الإبتعاد قليلاً لحين تفريغ طاقة الغضب التي تتملكك وبعدها تجلس مع الإبن أو الإبنة وتفهم منهما بهدوء عن الكيفية التي حصلا بها على هذا المحتوى (هل كانت عن طريق الصدفة أم عن طريق البحث المتعمد أو بكون قد أُرسِل إليهما من شخص ما).
فإن كانت الصدفة هي الإجابة فيجب عندئذٍ طمأنة (الإبن\الإبنة) بأن ما حدث ليس ذنبه وأطلب منه أن يتحدث معك بصراحة عن كل ما يشعر به وكذلك يجب تنبيههُ بضرورة الحذر أكثر.
أما إن علمت بأنه هو من قام بالبحث عن مواضيع مشابهة؛ فيجب أيضاً أن تتحلى بالصبر والهدوء وأن تسأله عن الأسباب التي جعلته يقع في هذا الخطأ وفي أثناء صحبتك معه حاول أن توضح له كم إن هذه المواضيع كاذبة ولا تتحلى بالصدق في أي شيء وإنها موجودة في مواقع معينة لتخريب عقولنا فقط لا غير.
وإذا ما أيقنت بأنه تم إرسال هذه السموم عن طريق شخص معين فيجب تحذير أبناءك من هذا الشخص وضرورة الإبتعاد عنه والتبليغ عنه إن تمادى في الأمر.
<<كذلك إن رفض الطفل أن يتحدث معي عن مشاعره فيجب أن أعطيه مساحة كافية وأعود له بعد فترة من الزمن، وإن كان ردّه الرفض مرة أخرى.. عندها سأرسل له شخص آخر يثق به أكثر لكي يحادثه ويمتص منه طاقة الذعر>>
وفي النهاية أعزائي.. أردتُ أن أذكر نقطة مهمة ألا وهي ضرورة إشغال عقول أطفالنا بأمور منتجة كي تبعدهم قدر الإمكان عن هذه السموم، حاولوا أن تشغلوهم بالقراءة، الكتابة، الرياضة، الموسيقى، الرسم أو أيه هواية محببة لديهم وأسأل التوفيق لأطفالنا جميعاً.
"والذين يقولون ربَّنا هَب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعينٍ وإجعلنا للمتقين إماماً"
بقلم: د. أسن محمد
كاتبة ومدربة مهارات شخصية
-
د.أسن محمددكتوراه مهنية في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة مهارات شخصية