تغيير المنظومة الصحية الجزائرية ضرورة حتمية في عصر الكورونا
سميرة بيطام
نشر في 22 مارس 2020 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
يبدو أن فيروس كورونا يكشف الكثير من المستور و يعطي الإشارات و الدلائل على مستوى كل دولة في مواجهتها مواجهة علمية بالدرجة الأولى و شرعية بالدرجة الثانية بالنسبة للدول المسلمة لهذا الفايروس القاتل و لعل حالة التأهب التي عرفتها الدول الأكثر تضررا تعطي إشارات بتغيير في العامل ككل و ليس في تلك الدولة فقط لأن العالم يتواصل بقاراته و دوله و سكانه .
كم تمنيت خلال هذه الفترة من ظهور فيروس كورونا covid -19 أن أسمع أن هناك مجموعة من الباحثين الجزائريين أو بالشراكة مع دول أجنبية يعكفون على دراسة جينوم الفيروس لإيجاد اللقاح الأنسب له ، و لكم تمنى الكثيرون ان ينطلق بناء الجزائر الجديدة من هنا من حيث الأزمة التي تلد الهمة ، لكن حتى لو وُجد هؤلاء الباحثين هل سيُسمح لهم بخوض غمار البحث البيولوجي و المغامرة في المجهول لإنقاذ أرواح الناس من الموت ؟ و هل سيجدون المعدات و الوسائل و حتى الآليات ؟.
نعلم جميعنا أن الدول الأجنبية وقفت عاجزة عن احتواء المرض ، الا الصين التي يبدو أنها تتسابق مع الزمن لمعرفة سر هذا الفيروس القاتل ، و حتى و ان لم تصل الى نتيجة ، فالمهم أن حركة البحث البيولوجي على قدم وساق لديها ، و كيف لا و هي الدولة الوحيدة في العالم من سارعت لبناء مستشفى جاهز في ظرف زمني وجيز ، صحيح نعيب على التقدم العلمي أن له آثار سلبية و يفتح الأبواب على مصراعيها للخوض حتى في الخصوصية الفردية في تحليل الحمض النووي للأفراد ، نظرا لما آلت اليه جهود العلماء في العالم الى معرفة سر البنية الآدمية و كذا الكونية ،و لكن كان الأجدر بنا كدولة مسلمة أن تنتهج منهجا سويا واحدا يجعلنا نفهم ما يجب علينا القيام به بغض النظر عن الالتزام بأساليب الوقاية لتفادي العدوى ، لأن العلم يتقدم و الزمن يمر ، و ها هو اليوم فيروس كورونا يداهمنا و ما كان لنا من الإجراءات التي اقرتها الدولة هو تعزيز الوقاية و توعية المواطنين بضرورة التزام البيوت و تفادي التجمعات و اغلاق المساجد و المقاهي ، هو مخطط انذار تقوم به أي دولة تستشعر الخطر على الصحة و ما لنا بغير الصحة من ضرورة لحفظها الا صونها من الأمراض و الأخطار .
و لكن هذا لا يمنع أن يظهر علماء الجزائر في المجال البيوطبي و يظهروا ابداعاتهم العلمية و تجريبها للوصول الى حل ناجع ضد الفيروس وربما ضد فيروسات مستقبلية ،و هو حال معظم الدول الأجنبية التي تتسابق فيمن سيجد اللقاح الأول للفايروس ، منها الصين و الولايات المتحدة الامريكية و ألمانيا و روسيا ، و في نفس الوقت هم كتابيون أو ملحدون لكنهم عند الحاجة و الضرورة القصوى و خاصة حالات الخطر ، يفتحون القرآن و يراجعون السنة النبوية ليأخذوا الحلول منها الى جانب اكتشافاتهم العلمية ، و هو ما أعلنت عنه شبكة CNNالأمريكية أن تقريرا أعدته مجلة نيوزويك الأمريكية التي ألقت فيه الضوء على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من أقر الحجر الصحي و النظافة الشخصية في حالة انتشار الوباء ،و التقرير جاء بعنوان : هل يمكن لقوة الصلاة وحدها إيقاف جانحة ؟ و كأنهم يبحثون عن كنز ثمين لأوجاعهم و مخاوفهم كإجابات لفرضياتهم فحتى لو كانوا كتابيين الا انهم يعرفون قدر الرسول صلى الله عليه وسلم و يعرفون أنه لا ينطق عن الهوى ، فعلماؤهم يدرسون الكتب السماوية و ابحاثهم مستمرة لأنهم يعرفون جيدا أن إيجاد حل ما يكمن ربما في آية قرآنية واحدة أو عشبة طبيعية يجهل العالم فوائدها أو في حديث نبوي شريف ، و عليه كان الأجدر أن لا نتوقف نحن الجزائريون عند منعطف الوقاية و نكتفي بمنع الفيروس من الانتشار فقط ، بل و مع آمال الجزائر الجديدة التي يحملها كل جزائري في قلبه ان نظهر خيرة أبنائنا من هذا الوطن و يمنحوا الفرصة وبشروط مسبقة طبعا حتى لا يُفتح الباب أمام الانتهازيين و أصحاب الرغبات المالية و الشخصية و الباحثين عن الشهرة بغير سمعة علمية حقيقية ، بالإضافة الى ذلك أن يكون في الجزائر مرصد علمي عالي المستوى ليمنح براءات الاختراع أو يصادق على فعالية دواء ما او لقاح ، حتى لا نبقى رهينة ما ستسقطه علينا العقول الأجنبية من مضاد حيوي .
لقد عانت المنظومة الصحية الجزائرية و لسنوات من الركود و الرداءة ما جعلها لا تبرح مكانها من هذ المستوى ، على الرغم من بعض المجهودات المبذولة من أجل التغيير في هذا القطاع الحساس و المهم ، فها هو اليوم قطاع الصحة يستولي على اجتماعات الحكومة لمعرفة مستجدات انتشار الفيروس و رصد آخر الاحصائيات ، لا يكفي تشكيل لجنة للمتابعة و فقط في ألفية يهرب فيها العلماء الى بعيد بالحمض النووي ADN لتطوير أفكارهم و تحقيق طموحاتهم في المزيد من الاكتشافات ، فحتى لو كنا ننتمي لدول العالم الثالث الا أنه لدينا علماء بإمكانهم العمل و البحث المستمرين من أجل نفع البشرية بما سيخلصها من ويلات الأسلحة البيولوجية التي باتت تهدد العالم برمته و ليس الدول العربية أو الضعيفة اقتصاديا و تكنولوجيا و حتى بيولوجيا ، اذ بات واضحا و من خلال تفشي هذا الفايروس أن نقف وقفة جادة و صارمة لإحداث تلك الطفرة الفارقة في التغيير في قطاع الصحة ليواكب أو لنقل لينطلق على قطار البحث العلمي و الالتفات نحو تشكيل دولة قوية صحيا ، اجتماعيا اقتصاديا .
و الملاحظ أن هذا الفايروس أقلب مؤشرات البورصات في العالم ، لكن هذا لا يمنع أن نفر من قدر الله الى قدر الله و نبحث عن الحلول الأكثر مواكبة لواقعنا المعاش .
ففي نهاية تقرير الكاتب الذي أقر عن أسبقية النبي محمد صلى الله عليه وسلم في إقرار الحجر قال : لعل أهم شيء هو أنه أي (النبي محمد) علم متى يوازن الدين و الأسباب ، و في ذلك أوقفت الصلاة بالمساجد حفاظا على صحة الأبدان ، و النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا حز به امر فزع الى الصلاة ، فهل منا من أدرك قيمة هذا الفزع الذي تشرحه الآية القرآنية " ففروا الى الله اني لكم نذير مبين " الذاريات الآية50.
ما يجب الانتباه له أن مسؤولينا في السنوات الماضية ضيعوا فرصة النهوض بقطاع الصحة للأحسن من حيث تطوير الاستثمار في الانسان قبل الآلة و من حيث اخلقة المهنة الصحية و من حيث وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لنستعد بذلك لما قد يواجهنا من صعوبات و أمراض و فيروسات أو أزمات ، و ها هو فيروس كورونا يكشف المستور في قطاع الصحة ، و لا تُسجل محاولة ناجحة في دراسة الفايروس و منحه الاعتماد بأحقيته في العلاج .
الوقاية هي الحل في الوقت الحالي و لكن نخشى من المستقبل و ما يحمله من حروب بيولوجية أخرى قد تدمر شعوبا و قارات ، لذلك أول ما يجب فعله هو العودة الى الله عودة سليمة و مستقيمة لأن الفساد استشرى كثيرا و لسنوات و هو ما سبب عجزا في النهوض بالقطاع و قطاعات أخرى ، ثم الخطوة الثانية هي التفكير جديا في احداث تغيير في المنظومة الصحية و دعمها بما تحتاج له لحفظ الصحة و الاقتصاد ، لأن كلاهما مرتبط بالآخر، كما يجب فتح المجال واسعا أمام البحث العلمي و البيولوجي لمواكبة التقدم الهائل من التجارب و تصحيح ذنب تهجير الأدمغة التي في وقت الحاجة هي غير موجودة في البلد ، فرب ضارة نافعة ، و ربما من فيروس كورونا يعتبر مسؤولينا في القطاع و يزيد وعي المجتمع ككل بأن آخر الزمان سيحمل معه الكثير منة التغيرات بما في ذلك في الأساس ظهور نظام عالمي جديد ، و على قطاع الصحة الجزائري أن ينتقل الى التغيير الأنسب و الأفضل لأن الحرب البيولوجية لن ترحم و دعاء المتضررين من الفساد لن يسقط أرضا حتى يستعيد الممجدون بأخلاقهم طاقية الظهور و ليس الاخفاء نحو بناء جزائر قوية بسواعد أبنائها المخلصين ..و سترتقي الصحة الجزائرية نحو الأفضل مع ميلاد الجمهورية الجديدة ،و ما المسألة الا مسألة وقت فقط .
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية